بنت بحري... زينات صدقي (1)

نشر في 10-07-2013 | 00:02
آخر تحديث 10-07-2013 | 00:02
لم يصنع زمن الفن الجميل الأبطال والنجوم فحسب، بل قام ممثلون كثيرون بأدوار العامل المساعد أو {البسمة}، أبرزهم عبد السلام النابلسي، عبد الفتاح القصري، حسن فايق، استيفان روستي، وعبد المنعم إبراهيم، وغيرهم، في حين كان ينفرد بالقمة بين هؤلاء وحده إسماعيل ياسين. أما قمة النساء فتقاسمتها اثنتان من أهم رائدات الفن المصري: ماري منيب وزينات صدقي. ولم يكن صدفة أنهما اقتسمتا القمة وحملتا شهادة تخرجها فنياً بتوقيع عملاق الكوميديا نجيب الريحاني.
في سيرتنا الدرامية للشهر الفضيل، نفرد الصفحات لزينات صدقي التي أغدقت الضحكات على جمهورها فبادلها ابتسامات لامحدودة.
ستظل معايير النجومية وشروطها لغزاً يحير صانعي السينما والنقاد على حد سواء، فكلما وضعوا رهانهم على معايير واضحة محددة فوجئوا بالجمهور يضرب بها عرض الحائط، ويضع معايير جديدة لم يكن يتوقعها حتى شيوخ الصناعة وروادها. اختلفت هذه المعايير من جيل إلى آخر، ومن عصر إلى آخر، وفقاً لاختلاف نسب الجمال والثقافة، ومفهوم العصر للرومانسية، غير أن ما تم الاتفاق عليه في العصور كافة وبين الأجيال كافة، وكان بمثابة العامل المشترك الأكبر هو {خفة الظل} التي تمثل {سر خلطة النجاح} واعتبرها البعض بمثابة {الملح} الذي تُضبط به {خلطة النجاح}.

فإذا كانت {خفة الظل} أو الكوميديا هي الشرط الأول والأساسي لتحقيق النجومية في العصر الحالي، فإنها كانت عنصراً مساعداً في عصور سابقة، إلى جانب الجمال والثقافة والرومانسية، التي كانت بمثابة شروط النجومية الأهم، لذا كان لا بد من الاستناد إلى عامل مساعد، يطلقون عليه بلغة أهل السينما لقب {السنيد} ليكون هو عنصر الكوميديا في العمل، أو {الملح} الذي يضبط {الخلطة} لضمان نجاحها.

هذا الفنان {السنيد} رجلاً كان أو امرأة، لم يكن دوره مقصوراً على القيام بدور صديق البطل أو البطلة، يتلقى الهموم والمشاكل، ويسمع الحكايات، بل كان دوره يمتد إلى ما هو أبعد وأعمق من ذلك، ليكون بمثابة البسمة أو الضحكة التي يعجز البطل أو البطلة عن تقديمها للجمهور، لتكتمل نجوميته لديه.

ولأن نجوم العصور السابقة للسينما المصرية كان يتم اختيارهم وفقاً لنظريات مسبقة في الجمال والثقافة والرومانسية، فكان لا بد من وضع {بسمة} إلى جوارهم في كل فيلم لتضمن نجاحه، وبها تكتمل نجومية بطل أو بطلة العمل. ولم تكن هذه {البسمة} أو الفنان {السنيد} يقل أهمية عن بطل الفيلم، في كثير جداً من الحالات، بل وصل الأمر إلى أنه في بعض الحالات كانت تزيد شهرة {السنيد} عن بطل الفيلم، وفي حالات خاصة كان يزيد عنه في الأجر، وهذا تحقق مع الفنان إسماعيل ياسين كسنيد قبل أن يصبح نجماً منفرداً، حيث وصل أجره في كثير من الأفلام التي لم يقم هو ببطولتها إلى ضعف أجر بطل الفيلم، حيث كان وضع اسم إسماعيل ياسين على ملصق الفيلم كفيلاً بأن يضمن نجاحه. ووصل الأمر إلى أن كبار النجوم كانوا ينتظرونه ليفرغ من أعماله ويشاركهم بطولة أفلامهم، لدرجة أن الموسيقار المطرب فريد الأطرش كان يمكن أن يؤجل تصوير فيلمه الجديد عدة أشهر إلى حين فراغ ياسين من ارتباطاته الفنية الأخرى، كذلك محمد فوزي وكمال الشناوي، وغيرهما!

بسمة الفن

زينات صدقي أشهر كوميديانات الوطن العربي، لم تكن نجمة أولى فوق الملصق أو شارة الفيلم، لكنها كانت نجمة أولى في الكوميديا وخفة الظل. بل وندر ألا يعتمد عليها مخرج أو منتج في عمل له، لدرجة أن نجمات ذلك الزمان كن يتسابقن للعمل معها، وليست هي من سعت إليهن. وعلى رغم نمطية الشخصية التي قدمتها طيلة مشوارها الفني تقريباً، فإنها تفردت بها... وتفوقت من خلالها.

خفة دم، وأسلوب خاص من نوعه في أداء متفرد، لم يسبقها إليه أحد، لكن ربما حاولت كثيرات بعدها تقليدها ففشلن، لأن الأصل لا يزال راسخاً في أذهان محبيها، صاحبة «القبعة ذات الريش» التي تفاجئك بأنها تضع فيها «كتاكيت».

لم تكن تحفظ أدوارها في النصوص التي تجسدها فوق خشبة المسرح، أو السيناريوهات التي تسند إليها لتقدمها على شاشة السينما، ليس لأنها أمية تجهل القراءة والكتابة كما يظن كثيرون، فقد نالت حظاً معقولاً من التعليم الإلزامي والابتدائي، بل والتحقت بمعهد التمثيل في الإسكندرية أيضاً. لكنها لم تكن تحفظ أدوارها لأسباب أخرى تماماً، فكانت تؤمن بأن الإبداع حر لا يمكن تقييده بقيود ثابتة، تقرأ النص المسرحي، وما إن تصعد إلى خشبة المسرح، حتى تدخل إلى الشخصية، وتنسى زينات وتتذكر الشخصية فحسب، وتتركها تتصرف كما لو كانت تتحرك أمامها، وليس لزينات وجود.

كذلك في السينما، كانت تقرأ السيناريو والحوار، وما إن تدور الكاميرا حتى تنطلق ولا يستطيع المخرج أن يوقفها. تؤدى المشهد، ليس كما كتبه المؤلف ويريده المخرج فحسب، بل ربما أفضل مما تصورا، على رغم أن الجمل التي تنطق بها ليست هي تماماً المكتوبة، لكنها تؤدي المعني وأفضل منه.

لذلك تجدها مختلفة في كل مرة. فعلى رغم نمطية الأدوار، فإنها في كل مرة كانت تدهشنا بالأداء مع كل فيلم جديد لها، تقع في حب إسماعيل ياسين، ولا تتورع أن تلعب معه لعبة «القط والفأر»، ويوافقها والدها عبد الفتاح القصري خوفاً من لسانها السليط، وتعاني لوعة الحب من طرف واحد مع عبد السلام النابلسي، بعد ليال طوال أمضتها «سنية ترتر» في أحضان «الوسادة الخالية».

جمال أوروبي

تشبه زينات صدقي «بنت بحري» مدينتها «الإسكندرية» فهي تحمل في ملامحها الجمال الأوروبي، بالوجه الأبيض المشرب بحمرة، والعينين الملونتين، غير أن روحها كانت مصرية تحمل البصمة الإسكندرانية. كانت إذا ارتدت الملابس الفاخرة والحلي والمجوهرات، بدت وكأنها سيدة أرستقراطية من أكبر عائلات حي «زيزينيا» الأرستقراطي، وإذا ارتدت «الجلباب البلدي، والملاية اللف، ومنديل الرأس» فلست في حاجة إلى التأكيد على أنها «بنت بحري» الدافئة الحنون، التي تملؤها الطيبة، غير أنها تسيطر عليها أحاسيس متناقضة مثل البحر، يمكن أن ترتفع بها إلى قمة الثورة والاندفاع، ثم تعود إلى الهدوء والصفاء.

يمكن أن تكتشف ذلك كله وأكثر منه، عندما تقترب من مسقط رأس زينات في «حي بحري» الذي يلخص بدوره أيضاً مدينة الإسكندرية بأكملها، لذا فإن كل من يعيش في هذا الحي يفخر بأنه إسكندراني أصيل، فهناك إحساس حميم يغمر كل من يخترق حدود الحي. من رائحة البحر المفعمة

بـ «اليود» المنعش، إلى قوارب الصيد المتناثرة على صفحة مياه الميناء الشرقي لعروس البحر المتوسط، مروراً بالصيادين الباسطين شباكهم والعارضين حصيلة صيدهم من الأسماك الطازجة، والعربات التي تجرها الخيول... تلك المشاهد كافة تؤكد لك في بساطة أنك في «حي بحري» بالقرب من قلعة «قايتباي» الشهيرة في الإسكندرية. حي تتجاور فيه قصور الأسرة العلوية... مع بيوت الفقراء من أهل الحي، في تناغم اجتماعي يزيل أي فوارق اجتماعية بين الطرفين. شوارع الحي وحواريه ترسم لوحات غارقة في الجمال على رغم عوامل التعرية التي تركت بصماتها على ملامحها.

ولاد بحري

خلال سيرك في شوارع حي بحري، تكتشف أنه يكاد يكون الحي الوحيد بين أحياء الإسكندرية الذي تغلب عليه حياة البحر، فهو الوحيد الذي يحيط به البحر من ثلاث جهات، ما أجبر قاطنيه على امتهان أعمال الصيد وبيع الأسماك وصناعة الشباك والسفن، كذلك يعد أحد أحياء الإسكندرية القديمة جداً حيث سكن المغاربة وبعض الأجانب منذ عهد المماليك، وعاش عدد من الأتراك مع بدء الاحتلال العثماني لمصر. اشتهر الحي أيضاً بملابس أهله المميزة منذ تلك العهود وربما قبلها، فالنساء كن يرتدين الملابس المزركشة بألوانها المبهجة ويضعن عليهن عند الخروج ما يشبه العباءة ويطلق عليها «الملاية اللف». أما الرجال فكانوا يرتدون السروال الإسكندراني الشهير، الذي يجعلهم يتحركون بسهولة ويسر، وفوقه الصديري المطرز، ومن شدة شهرة تلك الملابس صارت تمثل الاسكندريين في الرقصات الفلكلورية.

تأكيداً لمقولة إن حي بحري يلخص كل مدينة الإسكندرية، تجد أنه رغم شعبيته وطراز الفريد، فإن الحي ينفرد أيضاً بأماكن تجمعات النخبة والصفوة، حيث نادي اليخت والنادي البحري اليوناني ونادي الصيد ونادي الكشافة، بل إن الأكثر إثارة للدهشة أن ملوك العالم وأمراءه كانوا يحضرون إليه ليحلوا ضيوفاً عليه عند حضورهم في زيارات رسمية إلى مصر، فيقيمون في أفخم قصور مصر الملكية، وهو قصر «رأس التين» الذي يعود تاريخه إلى عهد والي مصر محمد علي باشا الذي أدرك أهمية هذه المنطقة بالنسبة إلى مصر، فأنشأ فيها «سراي رأس التين» عام 1834 لتكون القصر الصيفي لإدارة شؤون مصر. استغرق بناء القصر 11 عاماً، وشارك في تشييده مئات العمال المصريين والفنيين الأجانب وأشرف على تصميمه ثلاثة مهندسين فرنسيين، وقد امتدت يد التطوير إلى القصر في أكثر من عهد، فأعيد بناؤه في عهد الملك فؤاد على طراز يتماشى مع روح العصر، وألحقت به محطة للسكك الحديد تصل إلى داخل القصر خصصت لتنقلات المقيمين به، ثم أنشأ به الملك فاروق حوض سباحة كبيراً، وزاد من مساحة حديقته التي امتلأت بكثير من أصناف الزهور والمزروعات النادرة. أما تسميته بـ «رأس التين» فتعود إلى أن المنطقة التي أقيم بها كانت تسمى «روضة التين» حيث كانت تزرع أشجار التين بكثرة. حتى إنها وصلت إلى الميناء الغربي بطول يبلغ 2650 متراً بالاتجاه نحو الجنوب الغربي.

كان وجود القصر في حي بحري سبباً لمرور المواكب الملكية بشكل دائم في شوارعه وكانت تصطف خلالها الفرق الموسيقية والعربات التي تجرها الخيول لتحية الملك، وكانت المواكب لا تكتمل إلا بخروج أهالي الحي لتحية الملك وضيوفه، ما جعل الحي الفقير يسكن ذكريات أعظم رؤساء العالم وملوكه. ملامح الصورة لا تقتصر على هذه اللقطات، فكما كان القصر مسرحاً لكثير من الأحداث السعيدة، كان أيضاً شاهداً على كثير من المراحل التاريخية المهمة في تاريخ مصر، فقد شهد وفاة الوالي محمد علي باشا عام 1848، تلتها وفاة ابنه الوالي محمد سعيد باشا عام 1854. كذلك شهد مغادرة الملك فاروق لأرض مصر على اليخت الملكي الشهير «المحروسة» عام 1952 بعد تنازله عن العرش لنجله الأمير أحمد فؤاد عقب قيام ثورة 23 يوليو. يذكر التاريخ أيضاً أن أول صورة فوتوغرافية في مصر وإفريقيا التقطت في عام اختراع الكاميرا في فرنسا 1839، والتقطها المصور الفرنسي هوارس فرنيه، وكانت لمبنى الحريم في قصر «رأس التين».

لذلك كله يحرص أهل «حي بحري» دون بقية أحياء الإسكندرية، على الاحتفاظ «باللهجة الاسكندرية الشهيرة»، فضلاً عن أنهم يحتفظون بكثير من العادات والتقاليد التي اندثرت من بقاع كثيرة من مدينة الإسكندرية، بالإضافة إلى وجود بقايا من صناعة السفن وقوارب الصيد، لذا تجد منظراً شائعاً يتكرر كل صباح، وهو رحلة الصيادين الهواة والمحترفين الذاهبين في الصباح الباكر إلى جوار منطقة «قلعة قايتباي» لصيد الأسماك الهواة يحملون «السنانير» بينما يخرج المحترفون في قوارب الصيد يحملون «الشباك» على اختلاف أنواعها. وإذا لم تكن من هواة صيد الأسماك، ولكن من آكليها، فيمكن أن تجذبك «حلقة السمك» في «الأنفوشي»، لشراء احتياجاتك من الأسماك والكائنات البحرية، خصوصاً وقت المزايدات في الصباح الباكر بعد الفجر، حيث تعلو الأصوات والمزايدات لشراء الأسماك الطازجة التي تم اصطيادها في الليل. ثم تنطلق لتستمتع بالأجواء الروحانية التي تشيع في الحي كله صفاء ونورا، عندما تمر بمسجد ومقام سيدي «المرسي أبي العباس» لتزور، أو أن يقودك الحظ لحضور «ليلة المولد» حيث يأتي أتباع «الطرق الصوفية» من كل حدب وصوب، إضافة إلى المحبين والعاشقين الذين يتجولون طوال العام من مولد إلى آخر، إلى أولياء ومشايخ آخرين يضمهم الحي أيضاً مثل «أبو الدرداء» الذي يطلق عليه العامة «أبو الدردار» و»ياقوت العرش» إضافة إلى مدافن «التابعين» الذين هاجروا إلى مصر في فترات مبكرة من تاريخ الفتح الإسلامي.

بنت بحري

وسط هذه الأجواء التي تحوي خلطة تاريخية بين الفرعوني واليوناني والروماني، والقبطي والإسلامي، منصهرة في بوتقة شعبية مصرية، اختار محمد سعد حفيظة حسن من بين بنات بحري ليتزوج منها، فتاة من عائلة إسكندرانية أصيلة مثله تماماً، لها أصل معروف، والدها أحد ضحايا البحر في إحدى رحلات الصيد التي كان يخرج لها، فيما ورث محمد وأشقاؤه مهنة صناعة القوارب عن والدهم، وورثوا عنه أيضاً صيته الذائع في مهارته المهنية.

لم يتعرف محمد سعد إلى طباع زوجته فقط بعد الزواج، بل إنه اكتشف أيضاً جمالها، كعادة أهل ذلك الزمان، الذي لم يصدق أنه لفتاة مصرية إسكندرانية أصيلة، لها جذور تمتد إلى صعيد مصر، ولولا بساطة ملابسها لظن من ينظر إليها أنها ابنة إحدى الجاليات الأجنبية الموجودة في الإسكندرية.

فتاة جميلة هادئة الطباع، لكنها جريئة. اكتشف محمد طباع زوجته التي لم تكن تشبه طباع زوجات التجار، أو حتى طباع زوجات أشقائه، فلم تكن تهوى الحلي أو شراء الذهب مثلما تفعل زوجات التجار في ذلك الوقت في بداية العقد الثاني من القرن العشرين، ما لفت نظر زوجها محمد:

* أنا عاوز أعرف... هو انت مش ست زي بقية الستات؟

- بسم الله الحفيظ. ليه كدا؟ انت شايفني ناقصة رجل ولا إيد... ولا يمكن عورة ولا خرسا. ولا يمكن...

* بس بس. هو أنا أقولك كلمة واحدة... تردي بعشرة.

- اوعك تكون شايفلك شوفه ولا حاجة يا سي محمد.

* يا ست لا شوفة ولا يحزنون. الحكاية وما فيها إني بشوف نسوان تطلب من أجوازها كل يوم والتاني حتة أسورة... تعبان... جوز خلخال. وأنت من يوم ما أتجوزنا... كام سنو أهو وانت لا طلبتِ دهب ولا حتى قشرة!

- الله يجازيك بالخير يا سي محمد. خضتني... أنا قلت إن في حاجة.

* لا حاجة ولا حجة. كل الحكاية أنك ملكيش طلبات زي بقيت «النسوان».

- يا أخويا ما تشغلش بالك. أنا أول ما أقوم بالسلامة لازم أغرمك وأخليك تجيبلي أسورة تعبان براسين... وتجيب للولد كف بخمسة صوابع نعلقه على قورته علشان الحسد.

* انت كنت دخلتي في علم الغيب وعرفتي أنه ولد.

- أنا بقول اللي في نفسي. وإن شاء الله هييجي المرة دي ولد.

* طب إيه رأيك بقى أنا حاسس أنها برضه هاتكون بنت.

- تاني... انت ما شبعتش بنات. ما كفاية أربع بنات.

* يا وليه البنات رزق وخير من عند ربنا. وبعدين دا لسه بدري على الولادة. ما تيجي ننزل دلوقت أجيبلك اللي نفسك فيه.

* اللي نفسي فيه بصراحة حاجة مكسوفة نقولك عليها... وخايفة تزعل منيّ.

* حاجة نفسك فيها. وخايفة أني أزعل... دا انت لو طلبت لبن العصفور مش ممكن أزعل.

مهما حاول محمد سعد أن يخمن أو يتوقع ما ستطلبه زوجته، لم يكن خياله يصل إلى ما ستطلبه منه، لأنه سيكون في نظره ونظر كثيرين، أصعب بالفعل من «لبن العصفور»!

البقية في الحلقة المقبلة

الفنانة

أطلق النقاد على زينات صدقي كثيراً من الألقاب: «بنت البلد، خفيفة الظل، ورقة الكوميديا الرابحة، العانس»، وكلها ألقاب أحبتها لأنها كانت تقربها من الجمهور. غير أن أفضل لقب عشقته هو لقب «الفنانة»، فقد عشقت الفن ولكنها لم تدخل من باب المسرح أو السينما، وعلى رغم ذلك أعطياها الكثير. قدمها المسرح ثم أعادت السينما اكتشافها، وأصبحت القاسم المشترك في غالبية أفلام نجوم زمانها: يوسف وهبي، نجيب الريحاني، محمد فوزي، أنور وجدي، إسماعيل ياسين، كمال الشناوي، عبد الحليم حافظ، في أدوار الخادمة أو الجارة أو الحماة. ثم شاركت فاتن حمامة، شادية، ماجدة، مديحة يسري، سعاد حسني، وغيرهن من نجمات السينما المصرية، في الأدوار نفسها تقريباً، ولكن بأداء مختلف، لدرجة أن الأفلام التي شاركت في بطولتها تجاوزت 400 فيلم، دارت جميعها حول شخصيات بعينها من بينها: الأم أو الحماة «سليطة اللسان»، «الخادمة» التي تستخدم حيلتها لتنقذ البطلة من مأزق وأحياناً تكون هي السبب في هذا المأزق، أو «بنت البلد الماكرة» التي لا تتورع أن تستخدم أظفارها ضد كل من يقترب من كرامتها التي تعتز بها، على رغم فقرها وعوزها.

نجحت زينات صدقي في أن تحتوي هذه الأوصاف كافة، و{الأصناف» إن جاز التعبير، فقد برعت في أداء شخصية «العانس» التي تبحث عن عريس... أي عريس، على رغم جمالها الظاهر وعينيها الملونتين. وكما برعت في دور «سليطة اللسان» برعت أيضاً في دور الأم الحنون لغالبية نجوم السينما المصرية ونجماتها.

back to top