سرطان الثدي... عوارضه وأنواعه

نشر في 20-11-2012 | 00:02
آخر تحديث 20-11-2012 | 00:02
تعانين ألماً في الثدي، وتتساءلين إن كان ذلك يشكّل مصدر قلق؟ هل من أعراض أخرى لسرطان الثدي غير ظهور كتلة في الثدي؟ إليك آراء الأطباء.
نعم، يمكن لسرطان الثدي أن يسبب عوارض أخرى غير ظهور كتلة في الثدي. كي يسهل تحديد التغييرات التي قد تكون عوارض مهمة، من الضروري أن تدركي جيداً شكل ثدييك. إن لاحظت أي تغيير فيهما، اطلبي من طبيبك أن يفحصهما.

يمكن لسرطان الثدي أن يؤدي إلى مجموعة من العوارض، لعل أبرزها ظهور كتلة في الثدي. لكن العوارض الأخرى تشمل تبدلاً في جلد الثدي، مثل احمراره، خسوفه، أو تجعده. كذلك يمكن لسرطان الثدي أن يسبب طفحاً جلدياً شبيهاً بالتهاب الثدي، وهو التهاب أنسجة الثدي الذي يصيب المرضعات عادة. فإن لاحظت أي احمرار أو طفح جلدي جديد على ثديك وأنت لست مرضعة، فلا بد من استشارة الطبيب في الحال.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن لتبدل حال حلمة الثدي، مثل غرقها نحو الداخل أو انقلابها أو تسطحها أكثر من المعتاد، أن يكون أحد عوارض سرطان الثدي. في بعض الحالات، قد يشير خروج إفرازات من الحلمة إلى الإصابة بسرطان الثدي. من غير الشائع أن يسبب سرطان الثدي الألم، ففي أقل من 10% من الحالات المصابة بسرطان بثدي، يُذكر الألم كأحد العوارض. ولكن إن كنت تعانين ألماً في الثدي منذ فترة ويصيب منطقة محددة منه، فعليك اللجوء إلى الطبيب للتأكد من سببه. فقد يكون أحد عوارض سرطان الثدي أو أي مرض آخر يصيب الأخير.

صحيح أن هذه التغييرات كافة في الثدي قد تكون من بين عوارض الإصابة بالسرطان، لكن لا بد من الإشارة إلى أنها قد تحدث أيضاً لأسباب مختلفة. في بعض الحالات، قد تكون هذه التبدلات عوارض مشكلة خفية أخرى، أو لعلها بكل بساطة تغيرات طبيعية لا تخفي وراءها أي مشكلة طبية.

يمرّ ثديا نساء كثيرات بتغيرات طفيفة على مدار الشهر، ويصحّ ذلك على وجه الخصوص في حالة النساء اللواتي يعانين حالة طبية تُعرف بالتهاب الثدي الكيسي المزمن. في هذه الحالة، يصبح الثديان أكثر ليناً أو تزداد فيهما الكتل قبل أسبوع أو أسبوعين من بدء الدورة الشهرية، من ثم يتحسنان بعد نحو أسبوع من انتهائها. تشمل هذه التبدلات عادة الثدي بكامله أو حتى الثديين كليهما. لكن إن لاحظت ازدياد سماكة الثدي أو تكتله في منطقة ما من الثدي واستمرار هذه الحالة طوال دورتين شهريتين أو ثلاث دورات، فقد يكون من الأفضل أن تقصدي الطبيب ليقيّم حالتك. وقد تحتاجين إلى الخضوع لعدد من الفحوص لتشخصي حالتك، مثل صورة الثدي الشعاعية أو صورة ما فوق صوتية. تميل التغيرات الليفية الكيسية إلى الازدياد مع تقدم المرأة في العمر وبعد سن اليأس، بما أن أنسجة الثدي تصبح دهنية وأقل كثافة بمرور الوقت.

فحوصات ضرورية

من الأهمية بمكان أن تتفحصي ثدييك بانتظام وتتعرفي جيداً إلى شكلهما وملمسهما، فبهذه الطريقة تدركين جيداً ما هو الطبيعي في حالتك والتغييرات التي قد تطرأ على ثدييك. إذا اشتبهت بأن أياً من هذه التغييرات ليس طبيعياً، فلا تتجاهلي الأمر. حددي موعداً مع طبيب مختص ليفحص ثدييك. وإن كان أحد عوارض الثدي، فاكتشافه وتشخيصه في وقت مبكر يمنحانك فرصة أكبر لمعالجته والتغلب عليه بنجاح.

علاوة على ذلك تذكري أن سرطان الثدي قد لا يسبب أي عوارض في مراحله الأولى. وفي الكثير من الحالات، تكون صورة الثدي الشعاعية السبيل الأبرز لاكتشافه قبل أن تصبح عوارضه واضحة. ينصح الأطباء عادة المرأة بالخضوع لصورة ثدي كل سنة بدءاً من سن الأربعين.

صورة الثدي بالغة الأهمية لكل امرأة في عائلتها نساء أخريات مصابات بسرطان الثدي. ينصح الأطباء هذه المجموعة من النساء ببدء الخضوع لصورة الثدي الشعاعية كل سنة قبل عشر سنوات من إصابة إحدى القريبات اللصيقات (أم أو أخت) بعشر سنوات حتى لو كن لم يبلغن آنذاك سن الأربعين. على سبيل المثال، إذا شخص الأطباء إصابة والدتك بسرطان الثدي في سن الثامنة والأربعين، فعليك البدء بالخضوع لصورة الثدي الشعاعية في سن الثامنة والثلاثين.

كي تحافظي على صحة ثدييك، احرصي على معرفة ما هو طبيعي وما هو شاذ. تفحصي ثدييك باستمرار واتبعي الإرشادات العامة للخضوع لصورة ثدي دورية. كذلك، عليك استشارة الطبيب في الحال إن لاحظت أي تبدل غير طبيعي في ثديك. إن التزمت بهذه الخطوات، فستساعدك على اكتشاف أي علة في ثدييك باكراً، خصوصاً سرطان الثدي. وفي حالات كثيرة يُكتشف فيها هذا المرض في أولى مراحله، تكون فرص الشفاء منه كبيرة جداً.

لماذا تحظى مريضات سرطان الثدي بمعدلات نجاة أكبر من غيرهن من مرضى السرطان؟

يعود الاختلاف في معدلات النجاة في المقام الأول إلى أن سرطان الثدي ليس مرضاً واحداً فحسب. فقد بات متعارقاً على وجود أربع فئات جزيئية مختلفة من سرطان الثدي، ولكن تشير بيانات جديدة إلى وجود فئات فرعية مختلفة إضافية من هذا النوع من السرطان. تملك هذه الفئات الفرعية خصائص فردية يمكنها التأثير في وضع المريضة على الأمد الطويل المرتبط بكل منها.

تتميز الفئة الجزيئية الفرعية الأكثر شيوعياً من سرطان الثدي بقدرتها على التفاعل مع الهرمون النسائي، الإستروجين. فمن خصائص هذا النوع من السرطان وجود مستقبلات الإستروجين. وإن كان الورم «إيجابي مستقبلات الإستروجين»، يعني ذلك أن خلايا سرطان الثدي تحتوي على مستقبلات تتحد مع الإستروجين. يكون خطر معاودة السرطان الظهور بعد الخضوع للجراحة منخفضاً في حالة الرجال والنساء الذين يعانون سرطان ثدي إيجابي مستقبلات الإستروجين، مقارنة بالنساء اللواتي لا تحمل أورامهن مستقبلات للإستروجين (تُعرف بسرطان الثدي سلبي مستقبلات الإستروجين).

المعلومات المرتبطة بوضع مستقبلات الإستروجين في الأورام أحد أهم العوامل التي تحدد قرارات علاج سرطان الثدي. عندما يتحد الإستروجين مع مستقبلات الإستروجين، قد يؤدي إلى نمو هذه الخلايا. ومن الممكن استعمال أنواع عدة من الأدوية لوقف نمو سرطان الثدي إيجابي مستقبلات الإستروجين. تشمل هذه التاموكسيفين، الذي يعيق عمل مستقبلات الإستروجين، أو مثبطات الأروماتاز، التي تحد من كمية الإستروجين في جسم الإنسان. وبمنع الإستروجين من تحفيز نمو سرطان الثدي، تحدّ هذه الأدوية إلى حد كبير خطر معاودة ظهور المرض وتحسّن فرص المريض بالنجاة على الأمد الطويل.

صحيح أن مخاطر معاودة المرض الظهور في حالة المصابات بسرطان الثدي إيجابي مستقبلات الإستروجين أدنى، مقارنة بمن يعانين سرطان الثدي سلبي مستقبلات الإستروجين، إلا أن هذه المخاطر تستمر حتى بعد تناول المريضة أحد هذه الأدوية طوال خمس سنوات (المدة المتعارف عليها). نتيجة لذلك، يُنصح بعض النساء بمواصلة العلاج حتى فترة عشر سنوات.

معاودة الظهور

يمكن توزيع الفئة الفرعية من الأورام الإيجابية مستقبلات الإستروجين إلى مجموعتين: Luminal A وLuminal B. تتميز المجموعة الأولى بأنها بطيئة النمو وتتفاعل جيداً مع العلاجات الهرمونية، فضلاً عن أن مخاطر معاودتها الظهور متدنية. أما المجموعة الثانية، فتتفاعل مع الإستروجين الأدوية التي تبدل الإستروجين/مستقبلات الإستروجين. لكن هذا النوع من السرطان يكون غالباً أكثر عدائية ويتميز وراثياً بجينات وسبل يمكنها تحفيز نمو السرطان بمعزل عن الإستروجين.

تتوافر فحوص مخبرية يمكنها أن تحدد ما إذا كانت الأورام  من المجموعة الأولى أو الثانية، وتُستخدم هذه المعلومات راهناً لتوجيه القرارات في شأن العلاج المناسب. على سبيل المثال، يمكن لبعض فحوصات جينات بعض الأورام في حالة سرطان الثدي إيجابي مستقبلات الإستروجين أن يحدد ما إذا كان التاموكسيفين وحده سيكون كافياً لمنع نمو الورم أو أن من الضروري اللجوء إلى العلاج الكيماوي كجزء من خطة المريضة العلاجية.

من الأنواع المهمة الأخرى من هذا المرض الفئة الفرعية لسرطان الثدي الذي يضخمه مستقبل عامل النمو الظهاري البشري 2 أو HER-2. في نحو 20% من حالات سرطان الثدي، تتزايد جينة HER-2 بشكل غير طبيعي. يعزز هذا التبدل الجيني نمو الورم، ما يجعل هذا النوع الفرعي من السرطان أكثر عدائية من غيره. كانت معدلات نجاة النساء اللواتي يعانين سرطان الثدي HER-2 منخفضة جداً. لكن تطوير أدوية، مثل تراستوزوماب وغيره من عقاقير تستهدف بروتين HER-2، حسّن على نحو ملحوظ فرص مَن يعانين هذا النوع من سرطان الثدي.

أخيراً، تتميز المجموعة الأخيرة من سرطان الثدي بغياب الأنواع الثلاث من المستقبلات، من هنا يأتي اسمه سرطان الثدي السلبي الثلاثي. تُعتبر هذه مجموعة سرطان الثدي الأكثر عدائية، والعلاج الكيماوي علاجها الرئيس.

من الضروري أن يتمكن الأطباء من تحديد هذه الفئات الفرعية من سرطان الثدي بدقة وفهم خصائصها وأبرز علاجاتها. هكذا، يتمكن فريق الرعاية الطبي من وضع خطة علاج شاملة تتلاءم مع حاجات كل فرد.

ساندهيا بروتهي (طبيبة) وماثيو غوتز (طبيب)

back to top