مزاد غاليري أيام للأعمال الفنيّة في بيروت...

نشر في 13-07-2011 | 00:01
آخر تحديث 13-07-2011 | 00:01
لوحات تحاكي فنون الشرق الأوسط المعاصرة ومتذوّقيها

تقيم «غاليري أيام» في بيروت مزادها التاسع لموسم عام 2011 الجمعة المقبل الواقع فيه 15 يوليو (تموز) الجاري، حيث تُعرض مجموعة مختارة من الفن المعاصر في الشرق الأوسط، وتضم أكثر من 60 عملاً لفنانين من مصر وفلسطين والأردن وسورية ولبنان والعراق...

مستهدفاً جامعي الأعمال الفنية والمهتمّين بالقطع النادرة، انطلق مزاد «أيام» في عام 2009 كجزء من رؤية الغاليري لتلبية رغبات مختلف أذواق زبائنها، ومع توسّع عدد المعروضات في كل سنة، أصبح المزاد جزءاً لا يتجزأ من المواسم الفنية السنوية ذائعة الصيت في بيروت، ونجح في أن يستضيف على جدرانه وداخل صالته لوحات ومنحوتات وصوراً فوتوغرافية وطبعات في نسخ محدودة.

المزاد الذي يُقام على نحو نصف سنوي في دبي أيضاً، يعرض في بيروت اليوم أعمالاً لأعلام الفن العالمي في المنطقة، والتي تلفتك من بينها لوحات المصري الأرمني الأصل شانت أفيديسيان المعروف بعشقه للألوان كما الوجوه، لا سيما أم كلثوم والشخصيات الفنية والسياسية التي تعبّر عن زمن غابر في العالم العربي.

وتحضر فلسطين في لوحات التشكيلية التجريدية الفلسطينية سامية حلبي التي لا تكفّ عن توظيف استعارة التراجيديا الفلسطينية في تجربتها المستلّة من الحداثة، فيما يبحث الرسام السوري صفوان داحول الشهير بالسرد اللوني المستمرّ عن الأحلام في أعماله.

الحرب

لبنانياً، جانب من المزاد يسلّط الضوء على بؤرة منتقاة بعناية من مشهد بيروت الفني خلال الأعوام الخمسين الماضية، ذلك عبر مساهمات لافتة لفنانين لبنانيين. فتبهرك قطعة فنية متعدّدة الوسائط على خشب لمحمد الرواس.

رواس المتفرِّد بين أبناء جيله بجمع عناصر متباعدة وغرائبية من ملصقات ومواد وأشياء ووجوه بطلتها الأنثى دائماً في لوحات متماسكة لا محدودة الإيحاءات، لا تطمح فحسب إلى تلوين عيني المشاهد بل أيضاً إلى إيصال رسائل معينة حول مختلف القضايا في عالمنا العربي بعيداً عن أداء دور الإصلاح.

كذلك تفرض وجودها بقوة في المزاد أعمال متعدّد المواهب نديم كرم صاحب الكائنات المعدنية التي نصبتها شركة «سوليدير» على واجهة بيروت البحرية، والراحل بول غيراغوسيان الغني عن التعريف، وقطع تعود في تاريخها إلى فترة الستينيات للنحات ميشال بصبوص والرسام هراير دياربكريان.

هكذا ومن لوحة إلى أخرى، يحيط المزاد بتاريخ الفن المعاصر في لبنان حاشداً مواهب تركت بصمتها على التطور الثقافي في هذا البلد. فتقدم الفنانة التشكيلية الأرمنية اللبنانية سيتا مانوكيان صورة عن موضوعات البؤس والتشظي التي هيمنت على الفترة 1975 – 1990 ممثّلة التصورات الاجتماعية المتميزة التي طبعت الفن اللبناني المعاصر منذ البداية. وأعمال سيتا كانت مقدمة لاستشعار الحرب الأهلية اللبنانية، وهي رصدت المسألة الاجتماعية والخوف على الإنسان بسبب تفشي الفقر والانحراف الاجتماعي نتيجة التدهور الاقتصادي.

كذلك، تستشكف لوحة متعددة الوسائط من دون عنوان يعود تاريخها الى عام 2004 للفنان الأردني المقيم في بيروت رفيق مجذوب، قضية الهجرة التي غيرت المشهد الاقتصادي – الاجتماعي في لبنان وجاء وقعها واضحاً عبر أقنية التعبير الثقافي كافة. وفي «ذاكرة في الاتجاه الممنوع» (2009) للتشكيلية والكاتبة لور غريب المعروفة بالرسومات المعقدة، يحضر الكولاج الخاص بها الذي برز أخيراً بين أعمال كثيرة تضمنها العرض التجديدي لمركز بيروت للمعارض «انبعاث الفن اللبناني في القرن الواحد والعشرين».

تفتح لوحة غريب النقاش حول الفرد مقابل الجماعة في سياق التاريخ اللبناني وما لمحته عيناها من كوارث في بلد ممزق حتى أثناء لحظات الهدوء النسبي. أما الفنانة هوغيت كلاند التي توظف التجريد في أعمالها، فتقدم عملها «حظ سعيد» (2009) وهي تركز على الشكلانية الجمالية في تشكيلة الألوان النابضة بالحياة.

في تشكيلها المبهم المشابه للتطريز وذي الوسائط المختلطة، تستدعي كلاند تفاصيل وبراعة حرفية تجعلها قريبة من عالم الأزياء الذي شاركت فيه عن طريق أشخاص من أمثال بيير كاردان. أما عمل الفنان سمير خداج غير المعنون والمشغول بوسائط مختلطة على القماش والذي يعود بتاريخه إلى عام 2009، فيمكن النظر إليه بوصفه إحدى الصلات أو ربما التوسطات بين اتجاهات متعددة قادت الى هذا المشهد الفني الحيوي.

وعلى رغم التجريد فيها والتركيز الشديد على الجماليات، إلا أن اللوحة تحمل بين تفاصيلها كلاماً كثيراً مؤثراً ربما لأن الفنان أبدعها بعد بضع سنوات من انتهاء الحرب الأهلية في لبنان، أثناء إقامته في المنفى الباريسي. فثمة جاذبية ما تعطل إحساس الرائي فتحوله من مشاهد إلى شاهد. علماً أن خداج على رغم إبداعه اللافت أهمل طويلاً في تاريح الفن اللبناني، لكننا نلاحظ اليوم جهداً منسقاً يبذله نقاد بيروت لمنحه المكانة التي يستحقها بين زملائه، لا سيما أن فنّه ينطوي على مخزون تاريخي وثقافي مستمد من حياة لبناني مهاجر نشأ على وقع الحرب اللبنانية ويومياتها الأليمة فكانت هي مصدر إلهام أعماله التي تنبض غضباً فتصوِّر واقعاً يرفض أو يمتنع خداج عن تفسيره.

كذلك، لم تفت القيمين على المزاد أهمية إعطاء تشكيليي الشرق الناشئين الفرصة لعرض أعمالهم، فكانت لوحات مميَّزة لا تشبه غيرها أثنى عليها النقاد للفلسطيني أسامة دياب والسوريين تمام عزّام وإلياس أيزولي.

back to top