مزاد فنون الشرق الأوسط في دبي ... أعمال بقيمة متحفيَّة

نشر في 19-09-2011 | 00:02
آخر تحديث 19-09-2011 | 00:02
في 24 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، تقيم غاليري «أيام» في دبي مزاداً على 60 لوحة وقطعة فنية من فنون الشرق الأوسط الحديث والمعاصر لفنانين بارزين كثر. نلقي نظرة على تلك الأعمال.

من خلال تقديمه مجموعة من اللوحات والمنحوتات والصور الفوتوغرافية، يمتاز مزاد «أيام» الجديد بإتاحة الفرصة للزوار لمشاهدة أعمال تركيبية استثنائية يقدّمها فنانون بارزون، من أمثال هوغيت كالاند وأمل كيناوي. علماً أن مزادات «أيام» باتت تعتبر سوقاً للفن العربي والإيراني منذ منتصف القرن العشرين، وهي تواصل إلى اليوم اجتذاب المشاركين من عالم الفن العالمي.

ومع ازدياد اقتناء المؤسسات والشركات الأعمال الفنية في المنطقة في السنوات الأخيرة، جمعت مزادات «أيام» قطعاً مختارة وفذة لرواد هذا الفن من أمثال لؤي كيالي ونصير شورى وفاتح المدرس، وهي أعمال تحكي عن أهمية الرسم في منطقة الشرق الأوسط.

معاصرة

في المزاد أعمال لفنانين معاصرين كثر وجدوا مكانهم في المتاحف العالمية، مثل الرسامة الفلسطينية سامية حلبي التي تستضيف أعمالها مجموعات «المتحف» (المتحف العربي للفن المعاصر) ومتحف غوغنهايم للفن (نيويورك دبي)، ومتحف «ميتروبوليتان للفن»، وتتضمّن قائمة الوافدين الجدد إلى المزاد، الذين تزايدت شعبيّتهم ضمن المجموعات الخاصة والعامة، الفنان العراقي حليم الكريم الذي ترعى لوحاته مؤسسة «بارجيل للفن» و{مؤسسة فارجام» و{غاليري ساتشي»، كذلك يحضر فنانون بارزون من أمثال الإيراني خسرو حسن زاده، والعراقي متعدّد المواهب صادق الفراجي، والنحات السوري لطفي رمحين.

وسط هذه الأعمال البارزة، يمتاز النصب التذكاري المركّب من الأسلاك المعدنية الذي ابتدعته هوغيت كالاند عام 2010، بحضور لافت قراءةً وتخيلاً. وتتضمن هيئته الضخمة نسيجاً بالغ التعقيد يجعل مستوى المهارة اليدوية والتفاصيل التي ينطوي عليها من كالاند أحد أهم المبدعين في الفن المعاصر وتصميم الأزياء في الشرق الأوسط وأوروبا. فهذه المنحوتة الأخاذة وما بعد الحداثية لم تعد العمل الأضخم الذي قدمه المزاد إلى يومنا هذا فحسب، بل هي الأكثر استثنائية في أعمال الفنانة.

مهند

تشكّل اللوحة الأخيرة لمهند عرابي، والتي أبدعها على خلفية الاضطرابات الأخيرة التي اجتاحت الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، انعطافة في مجموعة أعماله التي تتّسم بشعبية واسعة. وفي لوحته هذه، «بورتريه شخصي» متعدّد الوسائط على القماش، تحوّل واضح في تجسيداته الأقرب إلى الطفولة تعكسها واقعية شديدة الملامح، خصوصاً في العينين المتألّقتين اللتين تميّزهما نظرة ثاقبة. يُظهر هذا التطوّر في موضوعات عرابي ومقاربته دهاء فنان منغمس بعمق، على رغم عكسه لامبالاة ظاهرية تجاه العالم، في تيارات المجتمع السائد على نحو استبطاني عميق.

دمشق

في لوحات عدة للفنانين الراحلين لؤي كيالي وفاتح المدرس والتي تعود بتاريخها الى سبعينيات القرن الماضي، نكتشف نمطاً من الأعمال المشحونة سياسياً كثيراً ما يتكرّر في الرسم العربي المعاصر. فقد سعى الفنانان الزميلان في مشهد دمشق الفني، في ذروة مرحلته الحداثوية، الى التأثير في وعي الجمهور الجمعي عبر تكوينات تبرز بصرياً واقع المنطقة الصريح، حين اكتسحت المراحل الأخيرة من الاستقلال عن القوى الأجنبية منطقة الخليج وبلغ الصراع العربي- الإسرائيلي أبعاداً كارثية.

تمثّل اللوحات السبع المعروضة لهذين الفنانين مدرسة لا مثيل لها في فن يتردّد صداه اليوم كما تردّد صداه في مرحلة نشأته.

تحمل لوحة الفلسطينية سامية حلبي «ثلاث أمهات وثلاثة طيور مهاجرة تحت شجرة الزيتون، نساء من سلسلة فلسطين» (2009) كموناً بصرياً يتناغم مع الأكريليك المطبق على كولاج القماش، والذى يتحدى أساليب الرسم التقليدية. واللوحة هي الأولى من أعمال حلبي في «التجريد الحر» التي تعرض في المزاد. وقد نفّذت الفنانة هذا التكوين الضخم باستخدام تقنية القطع والتلوين حيث تتوالد الأشكال والهيئات عبر تفكيك القماش المطلي، وتُعلق القطع الناتجة بحرية على السطح، فتمنح البعد طبقة إضافية تشكّل وهماً بالحركة. كذلك يُبرز التلاعب بالضوء واللون ذلك الإحساس بالتكوين الطليق، حيث يبدو سطح اللوحة من دون حدود. وعلى رغم التشديد على تمثيلات غير مشخصنة، فإن ظلال ثلاث نساء يرتدين الزي الفلسطيني التقليدي يضفي حضوراً آسراً في أرجاء المزاد.

أما الفنان الإيراني خسرو حسن زاده، الذي اشتهر بدمج الأوضاع السياسية بالأمور الشخصية، فيمثّله «صندوق فيروز» 2010--، عمل متعدد الوسائط يعلن الولاء لبصريات الفضاءات المقدّسة بإبراز الرمزية الدائمة التي يمكن اكتشافها في الثقافة الشعبية.

بوصفه صورة أساسية للمطربة اللبنانية فيروز الى جانب مقدّمة سيارة مرسيدس (نموذج سيارة الأجرة في لبنان)، يخلِّد زاده المطربة كما لو أنها من أسرة مالكة لبنانية مع أنه يقحم عنصراً مبتذلاً الى جانبها، باستيحائه الصناديق الصغيرة وهي رموز شعبية للمخيال الديني وتقترن غالباً بالقديسين والشهداء، وعلى رغم بعض التأويلات الصارمة حول التصوير في الإسلام، فإنه يوضح عناصر متعارضة عدة في الثقافة البصرية المتنازعة في الشرق الأوسط المعاصر.

back to top