توفيق صايغ

نشر في 24-07-2007 | 00:00
آخر تحديث 24-07-2007 | 00:00
No Image Caption
عندما نذكر الشاعر توفيق صايغ فإننا نتحدّث عن ابرز «المتهمين» في هذا الشأن. ما اقترفه توفيق صايغ بإصداره مجلة «حوار» هو ان المجلة كانت تتلقى، على نحو علني، تمويلاً اجنبياً، أميركياً بالتحديد. وتزامن صدورها مع صدور مجلة «الآداب» العروبية وكان من اهدافها معاداة مجلة «شعر» وطروحات الحداثة الشعرية الجديدة بوصفها تلويثاً لـ{الأصالة» وتشويهاً لـ{الهوية» الثقافية. فجأة اكتشفت مجلة «الآداب» ان مجلة «حوار» ممولة من مؤسسة اميركية تُعنى بدعم المشاريع الثقافية في العالم، وربما كانت مدعومة بدورها من برنامج المخابرات الاميركية لتمويل الدعاية والاعلام والنشر في اوروبا والشرق الأوسط بوجه الشيوعية، كجزء من سياسات الحرب الباردة انذاك. تحولت مجلة «حوار» لغزاً في حياة توفيق صايغ اذ كشفت مجلة «نيويورك تايمز» عام 1966 ان «منظمة حرية الثقافة العالمية» التي تمول مجلة «حوار» تتلقى معونات من وكالة المخابرات المركزية الاميركية. حيال ذلك أعلن توفيق صايغ استقالته من رئاسة تحريرها وذهب ليموت بطريقة درامية في مصعد جامعة بيركلي في اميركا. يذكر المؤلف الكندي دنيس جونسون ديفز أن الأميركي جون هانت مندوب منظمة «مؤتمر الحرية للثقافة زاره في أوائل الستينات وأبلغه انه يفكّر في إصدار مجلة ثقافية باللغة العربية وإسناد رئاسة تحريرها إلى يوسف الخال صاحب مجلة «شعر» في بيروت، إلاّ أن المؤلّف سيقترح عليه توفيق صايغ. يضيف:» كنت اعرف أن توفيق إنسان صعب المراس وأنه لن يوافق على شيء إلاّ على الحرية الكاملة في كلّ ما يتعلّق بالتحرير». صدرت هذه المجلة بالفعل ولقيت قبولاً حسناً، إذ تضمنت أعدادها الأولى رواية «موسم الهجرة إلى الشمال» للطيّب صالح كاملة، غير أن الكثيرين في العالم العربي كما يذكر المؤلّف لم يكونوا سعداء حيال راعيها الرسمي. وعندما سألهما توفيق عن السبب أخبراه بأن الشكوك تساورهما في شأن الراعي وأنهما ليسا في وضع مجازفة معه بالكتابة لمجلة ينظر إليها الكثيرون بعين الشكّ. لم تنقض أشهر على هذا الحديث حتى انكشف أمر تمويل منظمة «مؤتمر الحرية الثقافية» التي كانت ترعى مجلة «حوار» من قبل المخابرات المركزية الأميركية، وهكذا فإن جام الغضب سوف ينصبّ على توفيق صايغ ويتهم بأنه جاسوس أميركيّ. أما الصحافي سمير عطالله فيكتب:» من خلال الشعر والشعراء حاولت السي. اي. ايه في ما بعد الوصول الى الناس الذين لا يطيقون سياسة اميركا او الغرب. واقيمت من اجل ذلك جمعيات وحركات وانشئت مطبوعات وقف خلفها المال القادم فعلاً من الدهاليز. وعندما ايقن المرحوم توفيق صايغ ان مجلته «حوار» ممولة من السي. اي. ايه اغلقها واعتذر ومات في غمها، هو ابن العائلة المنخرطة كلها في النضال الفكري على ارقى ما عرف الفكر العربي. ومات الشاعر يوسف الخال في حسرة التهمة هو ايضاً. لكن ادونيس يؤكد، كما ذكرت في الصيف الماضي، ان حركة «شعر» بريئة من الدعم او الدفع الاميركي، ويقول الشاعر الكبير ان ثمة عرضاً قد قدم بالفعل ويضيف ضاحكاً: لقد احلناهم على سوانا».
back to top