محمد الحديني: نصوصي تحمل غرائبية لا أقصدها

حصل على جائزة الدولة التشجيعية عن مجموعته «لا أحد هناك»

نشر في 08-07-2019
آخر تحديث 08-07-2019 | 00:03
 الأديب المصري محمد الحديني
الأديب المصري محمد الحديني
أكدت القصة القصيرة حضورها في المشهد الأدبي المصري، أخيرا، بفوز الأديب الشاب محمد الحديني بجائزة الدولة التشجيعية عن مجموعته القصصية (لا أحد هناك).
ورغم قول الحديني في حواره لـ"الجريدة" إن كل الأجناس الأدبية حاضرة على الساحة، فإن تتويج فن القصة جاء بمنزلة رد على مقولات تواري القصة وغياب الشعر لمصلحة الرواية، وأرجع ذلك إلى أن الرواية هي الأكثر ظهورا، لضخامة الإصدارات، وكذلك الجوائز الممنوحة.
وصدر للحديني قبل ذلك أربع مجموعات قصصية وديوان شعر، هو الأول له، ووصل إلى القائمة القصيرة لجائزة عفيفي مطر العام الماضي، وإلى نص الحوار:
● ماذا تقول عن فوزك بجائزة الدولة التشجيعية؟

- يمثل فوزي بجائزة الدولة تكريما وتشريفا وتشجيعا لي، وهذه هي المرة الثانية لي في التقدم لجائزة، حيث وصل ديواني الأول (أوركسترا تعزف لحنا صامتا) إلى القائمة القصيرة لجائزة محمد عفيفي مطر، وها هي مجموعتي (لا أحد هناك) تفوز بجائزة الدولة.

ورغم أنني لم أفز بأي من جوائز مسابقة محمد عفيفي مطر للشعر العربي، فإن سعادتي كانت غامرة بوصول الديوان إلى القائمة القصيرة، خصوصا أن لجنة التحكيم قالت في بيانها المعلن إن الفروقات بين الأعمال المقدمة كانت ضئيلة.

وعن هذه الجائزة، فإن سعادتي بها لا توصف، لقيمتها الأدبية الكبيرة، والجوائز بشكل عام تحمل بهجة وفرحة وتشجيعا وتحفيزا وإثابة وثناء وتقديرا وتخليدا، ومن ثم فهي محطة رئيسة في مسيرة أي كاتب.

● مجموعتك الفائزة أخيرا تأكيد على أن القصة القصيرة لم تغب عن الساحة بعد طغيان الرواية، فما رأيك؟

- لا يوجد لون إبداعي يطغى على آخر، وكل الأجناس الأدبية حاضرة في المشهد الأدبي، لكن الرواية هي الأكثر ظهورا، ويرجع ذلك إلى ضخامة الإصدارات، وكذلك الجوائز الممنوحة والمعلنة.

● ماذا عن مجموعتك الفائزة (لا أحد هناك)؟

- مجموعة "لا أحد هناك" هي الرابعة لي في القصة القصيرة جدا، وكنت قدمتها للنشر بهيئة الكتاب في نهايات عام 2015، وبصراحة لم أتوقع إجازتها للنشر، بسبب حداثة القصة القصيرة جدا كجنس أدبي يرفضه بعض النقاد والمنظرين والأكاديميين، لكن ما وجدته من حفاوة وتشجيع وثناء من رئيسة إدارة النشر بالهيئة د. سهير المصادفة أثلج صدري جدا، وأشعرني بأنني أسير في طريقي الصحيح، حتى جاءت المفاجأة الكبرى، بإعلان فوزي بالجائزة

.

● بماذا يشي العنوان؟ ألا ترى شيئا يلوح في الأفق؟

- أجتهد جدا أن يحمل العنوان تلميحا لا تصريحا، وأن يطرح تساؤلات، وهو دور مهم للأدب فرض نفسه أخيرا.

● تحمل مجموعتك حسا غرائبيا بعض الشيء، فماذا عن الغرائبية في أعمالك؟

- هذا صحيح، فالغرائبية طاغية على معظم نصوص المجموعة كسابقاتها، وهذا أمر غير مقصود مني، حقيقة. الواقع والخيال يسيران في خطين متوازيين، وحتما سيلتقيان إذا استطاع الكاتب أن يُحدث ذلك.

● بعد مرور وقت على أعمال المبدع، هل تختلف رؤيته لها؟ وهل يمكن أن تعيد كتابة بعض أعمالك؟

- هذا صحيح، وكثيرا ما يحدث معي، فالمراجعة وإعادة التقييم، ومن ثم التقويم، أمور صحية ومحمودة في أي نشاط إبداعي، والسبب في ذلك هي الخبرات والتراكمات والاحتكاكات التي يمر بها الكاتب في مسيرته.

● ما مكوناتك الثقافية؟ وبمن تأثرت؟

- تربيت بمنزل تحتل فيه المكتبة غرفة كبيرة، فالوالد المهندس أحمد الحديني كان قارئا نهما وباحثا ومنظرا ومحاضرا في المسألة الزراعية والفلاحية على نطاقها الواسع، فالفضل كل الفضل له، لأنه غرس فيّ وفي أخي حب القراءة والاطلاع واستقلال الرأي والاجتهاد في تحري الموضوعية.

درست الأدب الإنكليزي، وحصلت فيه على درجتي ليسانس، كما حصلت على دبلومتي دراسات عليا، إضافة إلى بعثة دراسية لدراسة مناهج وطرق تدريس اللغة الإنكليزية بجامعة إدنبرة، وأعمل وأقيم حاليا في الكويت، التي تمثل وطنا ثانيا لي ولأسرتي.

أما من تأثرت بهم، فهم كثيرون، منهم مصريون وعرب وأجانب، ومنهم أيضا من تربطني معهم علاقات صداقة في العالمين الواقعي والافتراضي، وهؤلاء أصحاب مقام رفيع جدا عندي، منهم: الأديب كمال العيادي، الشاعر وديع سعادة، الأديبة والشاعرة والمترجمة سهير المصادفة، النقاد والأكاديميون حافظ المغربي ومسلك ميمون وأحمد طنطاوي، وغيرهم من المبدعين الكبار.

● تكتب الشعر والقصة، ما رأيك في تداخل الأجناس الأدبية؟ وهل من فروق نوعية حين الاشتغال عليها؟

- بالطبع هناك فروق بين كل الأجناس الأدبية، فهي تتنافر من حيث الشكل والبُنى التي تشكلها، إلا أنها أحيانا تتجاذب وتتقاطع، لتخرج لنا جنسا أدبيا جديدا، كالقصيدة الشعرية والرواية الشعرية والقصة اللوحة مثلا.

● هل واكبت الحركة النقدية أعمالك كما ينبغي؟

- أنا بعيد كل البعد عن الوسط الثقافي، بسبب إقامتي خارج مصر، ورغم ذلك وفي ضوء هذه المعطيات، فأنا راضٍ نوعا ما عن القراءات النقدية التي كتبها بعض النقاد في مجموعاتي.

● ما رأيك في المشهد الأدبي المصري والعربي الراهن؟

- طالما ترس المطبعة يدور فالأحوال مطمئنة، رغم وجود سلبيات كثيرة تعتري المشهد الثقافي عموما.

● ماذا عن أحدث مشاريعك؟

- أعكف حاليا على تجميع قصائد متفرقة أتمنى ظهورها في ديوان ثانٍ وضعت له عنوانا مبدئيا، وهو "ظلٌ يرتسم على المياه البعيدة".

«لحن صامت»

يكتب الأديب محمد الحديني الشعر بجانب القصة، وصدر له ديوان شعري بعنوان "أوركسترا تعزف لحنا صامتا"، عن دار روافد للنشر والتوزيع بالقاهرة، وهو الديوان الأول له بعد أربع مجموعات قصصية قصيرة، وحاز الديوان اهتماما نقديا، وكتب عنه نقاد كثر في العديد من الصحف والمجلات، منهم الأكاديمي والناقد المغربي د. مسلك ميمون، الذي قال عنه: "قصائد الديوان فيها الكثير من صور ورواء الشعر، الكامن في بنياتها النثرية الفنية، الشيء الذي أضفى عليها كثافة لغوية، فعم الجَرس والإيقاع الداخلي للكلمات والتعابير، معوضاً الوزن العروضي. كل القصائد تبدو كأنها ضرب من التهجين الكتابي بين الشعر والسرد والنثر الفني تحكمه وتنتظمه بنيات دلالية مختلفة، ومفارقات تضادية ناجمة عن الثنائية اللغوية".

وأضاف: "مع تعدد الصيغ واختلافها، والمرونة وحسن التخلص، والاستفادة من روح وحجم الشعر الإنكليزي، وخاصة السوناتة الصغيرة، التي لا تتجاوز أبياتها 12 بيتاً فما أقل... ديوان أوركسترا يعزف لحنا صامتا شعر يغري بالقراءة، كما يغري بمشاركة الشاعر غنى مشاعره، ورؤاه، وأحلامه التي يبدو من خلال القصائد أنها دون ضفاف تتدفق كشلال هادر".

العنوان الأدبي تلميح وليس تصريحاً ويهمني تحفيز القارئ
back to top