هجوم على ناقلتي نفط قبالة إيران يعيد التوتر إلى الخليج

• طهران تصف الاعتداء بـ «المثير للريبة» وتدعو إلى مفاوضات إقليمية لضمان أمن الناقلات والممرات الملاحية
• أوروبا تحث على ضبط النفس... وموسكو لعدم الاستعجال باتهام طهران و«البنتاغون»

نشر في 14-06-2019
آخر تحديث 14-06-2019 | 00:05
عقب انخفاض كبير سجل خلال الأسبوعين الماضيين في منسوب التوتر بالمنطقة، عاد الالتهاب من جديد إلى ممرات الملاحة الاستراتيجية في الخليج، إثر هجوم منسق استهدف ناقلتي نفط في بحر عمان، قبالة إيران على مقربة من مضيق هرمز.
بعد شهر من هجوم مشابه على أربع ناقلات قبالة الفجيرة، تعرضت ناقلتا نفط إحداهما قادمة من السعودية، والأخرى من الإمارات، كانتا تبحران في خليج عُمان، لهجوم منسق قرب مضيق هرمز أمس.

وأفادت التقارير الأولية بإصابة إحدى الناقلتين بصارخ طوربيد في الهجوم الذي وقع على بعد 14 ميلا بحريا عن إيران، و70 ميلا بحريا عن أبوظبي قرب الممر الاستراتيجي، الذي يمر عبره خمس استهلاك النفط العالمي قادماً من الدول الخليجية.

والناقلتان ترفع إحداهما علم جزر مارشال واسمها «فرنت ألتير»، بينما الناقلة الثانية اسمها «كوكوكا كاريدجس» وترفع علم بنما.

والسفينة «كوكوكا» تملكها اليابان، كانت في طريقها من الجبيل بالسعودية إلى سنغافورة، وهي تحمل شحنة من مادة «الميثانول» الخطيرة، لكنها لم تتضرر.

وشوهدت «فرنت التير» للمرة الأخيرة في خليج عمان قبالة ساحل إيران بعد تحميل حمولتها من الرويس في الإمارات.

وذكرت شركة «فرونت لاين» النرويجية، في وقت لاحق، أن النيران اشتعلت في «فرونت ألتير»، بعد تعرضها لهجوم بطوربيد على ما يبدو.

وأفاد رئيس قسم البتروكيماويات في شركة وو أي فانغ أن «فرنت ألتير» تحمل 75 ألف طن من النفتا. ونفت الشركة غرق الناقلة، وأكدت أنه «لا أنباء عن تلوث بحري».

وأفادت السلطات البحرية النرويجية بوقوع 3 انفجارات على متن «فرنت ألتير»، بعد تعرضها للاستهداف مرتين خلال 3 ساعات، الأمر الذي أشار إلى أن هجوما اوليا قد يكون فشل، ما أظهر اصار المهاجمين على تحقيق اهدافهم.

وقالت إن طاقم الناقلة المكون من 23 بحارا يتضمن مواطنين من كل من روسيا وجورجيا والفلبين وتم انقاذه.

وفي وقت لم تتضح ملابسات الحادث الذي يأتي بعد 3 أيام من تهديد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بحرمان الولايات المتحدة وداعميها من الأمان، في ظل فرضها عقوبات اقتصادية خانقة على بلاده، قال الأسطول الأميركي الخامس إنه تلقى نداءي استغاثة في خليج عُمان، مؤكداً أن القوات الأميركية وسفن البحرية منتشرة في المنطقة، وتقدم المساعدة واعلن ارسال بارجة.

ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن مسؤولين في البحرية الأميركية قولهم إن ناقلتي النفط تعرضتا لأضرار نتيجة الهجوم.

وإلى جانب البحرية الأميركية، قالت البحرية البريطانية إنها على علم بوقوع الهجوم.

ودعت هيئة السلامة البحرية البريطانية للحذر الشديد بعد الحادث، الذي وصفته بأنه «غير محدد».

أسبقية وتراجع

وكان لافتا نقل وسائل إعلام إيرانية وأخرى لبنانية مقربة من طهران الأنباء الأولى عن الواقعة، وبث صور تظهر آثار الهجوم.

لكن هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، سارعت إلى نفي غرق إحدى ناقلتي النفط، بعد أن أفادت وكالة الأنباء الرسمية بأن «فرنت ألتير» غرقت اثر تعرضها لأضرار.

ونقلت الهيئة عن مسؤول في ميناء إيراني قوله، إنه تم إخماد النيران في إحدى الناقلتين، وسيعود طاقمها المكون من 21 فرداً إليها بعد الانتهاء من إجراءات السلامة.

وأضاف أن «النار لاتزال مشتعلة في الناقلة الثانية».

ونسبت وكالة «إرنا» لمصدر مطلع لم تسمه قوله، إن فرق بحث وإنقاذ إيرانية انتشلت 44 بحاراً من ناقلتي النفط المعطوبتين.

وأضافت الوكالة أنه تم نقل البحارة إلى مرفأ جاسك الإيراني، مؤكدة أن البحارة رموا بأنفسهم في الماء، وبفضل تنسيق مركز البحث والمساعدة البحرية في هرمزغان تم انتشالهم ونقلهم بواسطة سفينة عابرة، وتسليمهم إلى سفن الإنقاذ الإيرانية.

قلق إيراني

من جهتها، أعربت وزارة الخارجية الإيرانية عن قلقها إزاء الحادث الذي تعرضت له الناقلتان النفطيتان، بالتزامن مع لقاء رئيس الوزراء الياباني شنزو آبي مع المرشد الأعلى علي خامنئي في طهران، أمس، ووصفته بأنه «مثير للريبة».

وأكد المتحدث باسم الخارجية عباس موسوي أن «طهران تعتبر أن الحادث يتعارض مع الجهود الإقليمية والدولية الرامية للتهدئة وخفض التوترات في المنطقة». وشدد على أن الجمهورية الإسلامية تدعم الحوار والتعاون بالمنطقة.

كما حثت الحكومة الإيرانية دول المنطقة إلى اتخاذ الحيطة والحذر من تحركات أطراف تريد استهداف الأمن بالمنطقة.

وعبر المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي عن القلق مما جرى بخليج عمان، مبديا استعداد بلاده لتعاون أمني إقليمي لحماية الممرات المائية الإستراتيجية.

وقال: «يجب على كل دول المنطقة أن تحذر من الوقوع في شرك من يستفيدون من انعدام الأمن الإقليمي».

ودعا لمحادثات إقليمية على خلفية ما وصفه بحوادث ناقلات النفط. وعلق ظريف عبر «توتير» بالقول، إن «تزامن الهجومين مع زيارة آبي مثير للشبهات»، مذكراً باقتراحه لتوقيع اتفاقيات عدم اعتداء وللحوار الإقليمي.

روحاني

بدوره، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس في كلمة بثها التلفزيون الرسمي، إن «الأمن مسألة مهمة بالنسبة لإيران في منطقة الخليج الفارسي الحساسة والشرق الأوسط وآسيا والعالم بأسره. نحاول دوما تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة».

الاتحاد الأوروبي

في غضون ذلك، سادت حالة من القلق والترقب دول العالم، عقب استهداف ناقلتي النفط.

وذكر الاتحاد الأوروبي أنه يجمع معلومات حول الاعتداء في الخليج. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد فيديريكا موغيريني: «لا تحتاج المنطقة إلى أسباب جديدة مزعزعة للاستقرار ومسببة للتوتر». وحثت جميع الدول على «توخي أقصى درجات ضبط النفس وتفادي أي استفزاز».

بريطانيا

وعبّرت بريطانيا عن قلقها الشديد إزاء الهجوم.

وقالت متحدثة باسم الحكومة البريطانية: «نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير عن انفجارات وحرائق في سفن بمضيق هرمز. نحن على اتصال مع السلطات المحلية والشركاء في المنطقة».

وفي واشنطن أصدر «البيت الأبيض» بيانا قال فيه إنه أخذ علما بالهجوم ويقيم الوضع.

كما شددت فرنسا على ضرورة حماية حرية الملاحة في مياه الخليج.

الأمم المتحدة

وشدد الأمين العام للأمم المتحدة ​أنطونيو غوتيريش​، على ضرورة إظهار حقيقة الهجوم على ناقلتي النفط في خليج عمان أمس.

ودان الأمين العام الاعتداء، لكنه حذّر من أن «العالم لا يتحمّل مواجهة كبرى في ​الخليج​«.

الجامعة العربية

وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط إنه على مجلس الأمن الدولي أن يتحرك بشأن الهجوم على الناقلتين، محذراً من أن بعض الأطراف تريد إشعال النار في المنطقة.

«الكونغرس» و«البنتاغون»

كما اعتبر رئيس مجلس الشيوخ الأميركي أن الهجوم يهدد النظام التجاري العالمي، وصرح مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بأن اجتماعا عسكريا عقد على مستوى القيادة الوسطى ورئاسة الأركان لبحث تطورات الخليج.

وقال المسؤول لـ «قناة الحرة» الأميركية، إن الاجتماع «ركّز على مراجعة خطط الطوارئ وبحث طريقة التعاطي مع الاعتداءات الإيرانية».

وأفاد مسؤول في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض أن واشنطن تقدم المساعدات في التحقيقات الجارية لمعرفة من يقف خلف الهجوم.

في المقابل، أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، أن «الكرملين» يعتبر أنه لا أحد حتى الآن يملك معلومات عن أسباب الحادث في خليج عمان ومن وراءه، محذرا من أنه من السابق لأوانه الوصول إلى أي استنتاجات.

دعوة روسية

وفي موسكو، أصدرت الخارجية الروسية بياناً قالت فيه إنها تحقق في المعلومات حول وجود مواطنين روس ضمن طاقم الناقلة النرويجية.

ورأى نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، أن الهجمات تعكس الحالة الحادة التي وصلت إليها الأوضاع بالمنطقة، ودعا إلى القيام بخطوات لخفض التوتر والتصعيد بالخليج.

وطالب بعدم استخدام الواقعة لتأجيج التوتر مع إيران وعدم الاستعجال باتهام طهران.

وقال ريابكوف للصحافيين، عقب جلسة لجنة العلاقات الدولية بالدوما الروسي: «يجب تقييم العواقب السياسية وغيرها. لقد شهدنا أخيراً حملة مكثفة من الضغوط السياسية والنفسية والعسكرية على إيران. نود ألا تستخدم الأحداث المأساوية التي وقعت للتو، والتي هزت سوق النفط العالمي، للمزايدة وإثارة الموقف ضد إيران مستقبلا».

back to top