أزمة مجلس الشورى 1921 (6)

نشر في 27-05-2019
آخر تحديث 27-05-2019 | 00:20
 أ.د. غانم النجار في التاريخ لا توجد مسلمات مطلقة، فهي قد لا تصمد أمام باحث رصين موضوعي. للتاريخ مساراته المطلوب الكشف عنها استجلاءً للحقيقة وليس انتصاراً لرأي أو فكر أو رؤية أو عقيدة.

في بداية 1921 كان التوجه لتشكيل هيئة استشارية مع الشيخ سالم المبارك من 6 أشخاص، منهم الشيخ أحمد الجابر. توفي الشيخ سالم فجأة، فتغير المسار، واجتمع المجتمعون بديوان ناصر يوسف البدر، وتمخضت عن ذلك عريضتان، اتجهتا إلى أبعد من مجرد هيئة استشارية، ولكن البداية بفكرة مؤسسية اتخاذ القرار.

عندما ظهرت للعلن العريضة "الأولى"، بعد غياب طال 89 عاماً، والتي طالبت الأسرة الحاكمة بإنشاء مجلس شورى، أضافت بعداً جديداً لمعنى الحراك المنظم، ولكنها تركت العديد من الأسئلة المفتوحة.

يلخص د. خليفة الوقيان ملاحظاته على العريضتين "بأن الوثيقة الأولى مؤرخة بـ 15 جمادى الآخرة 1339هـ، أما الثانية فغير مؤرخة، كما أن الأولى تضم 24 اسماً يبدو أن معظمهم من الحي القبلي، أما الوثيقة الثانية فتضم 8 أسماء يبدو أن معظمهم إن لم يكن كلهم من الحي الشرقي، كما يلاحظ أن اسم محمد شملان تم ذكره في الوثيقتين، كما أن هناك اختلافاً في نص المادة الثالثة كما أسلفنا".

وعلى الرغم من ترشيح العريضة لثلاثة شيوخ هم أحمد الجابر وعبدالله السالم وحمد المبارك، والتي يبدو أنها كانت منطلقاً لجزء من المادة الرابعة من دستور 1962، فإن البعض توجه إلى أحمد الجابر حسب خالد العدساني في مذكراته غير المنشورة بنقل د. خليفة "أن رجال الحاشية أسرعوا لمقابلة الشيخ أحمد قبلهم ليكشفوا له ما أجمع عليه الكويتيون، وينصحوه بالموافقة على تلبية مطالبهم كيلا يبايعوا ابن عمه الشيخ عبدالله السالم، الحاكم المؤقت... وقالوا له فيما قالوا لا يهمك أمر الكويتيين، فسوف تدب الخلافات بينهم، ويتنازعون أمرهم، و"يصفى" لك بعد ذلك كل شيء، ولقد صدق حدسهم، وأقيم المجلس الاستشاري في عام 1921، غير أنه لم يحقق الآمال المعقودة عليه لأسباب عديدة لعل أهمها أنه كان معيناً".

وبالفعل فقد دبت الخلافات بين الأعضاء و"تفركش" المجلس، فلم تكن تنظمه لوائح ولا هيكل تنظيمي، إلا أنه في السياق التاريخي ليس هذا هو المهم، فالأهم الطريقة التي جاء بها المجلس للوجود، ضمن سياق تدريجي، وخلق نموذج للاعتراض السلمي الناجز، لتحريك الأمور الراكدة. نعم، فشل مجلس الشورى 1921 في تحقيق المراد منه، ولكنه صار بذرة، لك أن تسقيها وترعاها، فتنبت نبتة طيبة، وإلا فيباب وخراب ونبات لا يسمن ولا يغني من جوع، والشواهد على ذلك كثيرة، ربما مؤشر ذلك ما نعايشه من تراجع حالياً بما يسمى مجلس الأمة، والحكومة. وللحديث بقية.

back to top