سباق المحافظين إلى «10 داونينغ» ينطلق... وجونسون الأقوى

ترامب يشعر بالأسى على ماي وماكرون يشكر «التزامها الشجاع» وميركل تعد بالعمل لـ «بريكست منظم»

نشر في 26-05-2019
آخر تحديث 26-05-2019 | 00:05
No Image Caption
بدأ المرشحون لخلافة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي حملاتهم، مما يخلف مزيدا من الضبابية على عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ويتوقع أن يتصدر المشهد أكثر من 10 مرشحين، على رأسهم المدافع الشرس عن «بريكست» وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، الذي ينظر له على أنه المرشح الأوفر حظا.
أطلقت استقالة رئيسة وزراء بريطانيا، المحافظة تيريزا ماي، أمس الأول، الطريق أمام اختيار زعيم جديد للمحافظين، يتسلم رئاسة الحكومة، ويسعى لإبرام اتفاق أكثر حسما بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وجاءت نهاية عهد ماي بعد فشل محاولتها الأخيرة في تمرير اتفاقها المرتبط بـ"بريكست"، والتي شملت منح النواب خيار إجراء استفتاء على الاتفاق.

وسيعمق رحيل ماي أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إذ سيسعى رئيس الوزراء الجديد على الأرجح إلى اتفاق أكثر حسما، مما يزيد احتمالات الصدام مع التكتل وإجراء انتخابات عامة مبكرة.

إعلان الاستقالة

وكانت ماي (62 عاما) أعلنت أمام مقر الحكومة في "10 داونينغ ستريت" أنها ستستقيل في 7 يونيو المقبل من زعامة حزب المحافظين، بسبب إخفاقها 3 مرات في تمرير اتفاق "بريكست" في البرلمان، على أن يبدأ التنافس على زعامة الحزب في الأسبوع التالي، مشيرة الى أنها ستبقى رئيسة وزراء لتصريف الأعمال إلى حين انتخاب حزبها بديلا منها قبل 20 يوليو.

ورئيس الحكومة المقبل للمملكة المتحدة، البالغ عدد سكانها أكثر من 66 مليون نسمة، سيقرره قرابة 100 ألف من أعضاء حزب المحافظين المنتسبين.

وسيجري نواب الحزب المحافظ جلسات تصويت عدة، لتقليص عدد المتنافسين إلى اثنين.

بدء المنافسة

وأطلقت استقالة ماي المنافسة على رئاسة الحزب، أمس، بشكل غير رسمي، ويتوقع أن تشمل أكثر من 10 مرشحين يتصدرهم المدافع الشرس عن "بريكست" وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، الذي أعلن أنه "آن الأوان للوقوف معا وإنجاز بريكست".

ويعتبر جونسون (54 عاما) الملقب "بوجو"، أحد أهم مهندسي فوز تيار "بريكست" في الاستفتاء الذي جرى في يونيو 2016، وما زال يستمد إلى اليوم جزءا كبيرا من شعبيته منه.

بدوره، تعهد وزير التنمية الدولية روري ستيوارت، أحد الساعين لخلافة رئيسة الوزراء، بأنه لن يخدم تحت رئاسة جونسون، وأنه سيعارض أي محاولة لـ"بريكست" دون اتفاق انسحاب.

ومن بين الساعين لخلافة ماي، وزير الخارجية الحالي جيريمي هانت (52 عاما)، الذي يدعم بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي قبل أن يغير موقفه على اثر ما اعتبره طرحا "متبجحاً" للمفوضية في المحادثات، يليه وزير "بريكست" دومينيك راب (45 عاما)، النائب الليبرالي الذي تم تعيينه في يوليو، ثم استقال بعد 4 أشهر بسبب خلافه مع ماي حول اتفاق الخروج الذي توصلت إليه مع المفوضية الأوروبية، فوزير البيئة مايكل غوف (51 عاما) الذي يسعى للقضاء على استخدام البلاستيك والمشكك في الاتحاد الأوروبي.

ومن بين المرشحين أيضا ساجد جاويد، المعجب المصرفي السابق وابن سائق حافلة باكستاني سابق، والذي عين في 2018 وزيرا للداخلية، اضافة الى المدافعة الشرسة عن "بريكست" اندريا ليدسوم (56 عاما)، الوزيرة المكلفة العلاقات مع البرلمان، والتي استقالت الأربعاء الماضي، والنائبة امبر راد (55 عاما) التي رافقت ماي في صعودها في السلطة، وأخيراً وزير الصحة مات هانكوك.

وتشير مكاتب الرهانات إلى أن جونسون هو الأكثر حظا، يليه راب.

ردود فعل

وفي ردود الفعل على استقالة ماي، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب: "أشعر بالأسى على تيريزا. أنا معجب بها كثيراً"، مضيفا: "إنها امرأة جيدة. لقد عملت بكدّ. انها قوية للغاية".

وأشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ"العمل الشجاع الذي قامت به"، لكنه دعا إلى "توضيح سريع" لملف "بريكست".

من ناحيتها، وعدت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل بالعمل من أجل "خروج منظم من الاتحاد الاوروبي، وتجنب بريكست من دون اتفاق".

وقالت المتحدثة باسم رئيس المفوضية الاوروبية مينا اندريفا: "سنحترم رئيس الوزراء الجديد، لكن ذلك لا يغير شيئا في الموقف الذي اعتمده المجلس الأوروبي حول اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد".

أما رئيس الوزراء الأيرلندي ليو فارادكار فحذر من أن استقالة ماي تنطوي على مخاطر بالنسبة لدبلن، إذ إن خلفها قد يخرج لندن من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.

وفي موسكو، أعلن ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن "رئاسة ماي للحكومة جاءت خلال فترة صعبة جدا في علاقاتنا الثنائية"، متابعا: "للأسف لا يمكنني أن أتذكر أي شيء ساهم في تطوير العلاقات الثنائية بين روسيا وبريطانيا".

أوروبا تسقط «المحافظ الرابع»

أدت الانقسامات الأيديولوجية التي تمزق حزب المحافظين البريطاني بسبب علاقة بلده بالاتحاد الأوروبي إلى خسارة 4 رؤساء حكومة مناصبهم منذ نحو 30 عاماً.

ومارغريت تاتشر عام 1990، وجون ميجور عام 1997 وديفيد كاميرون عام 2016، إلى تيريزا ماي، أسقطتهم جميعاً هذه القضية الشائكة.

وفي وقت سابق، كان المحافظون من أنصار الاتحاد الأوروبي. في الواقع، انضمت بريطانيا تحت قيادة إدوارد هيث أحد زعماء المحافظين إلى المجموعة الاقتصادية الاوروبية في عام 1973، عندما كان حزب "العمال" معارضاً لذلك. لكن التشكيك في أوروبا انتقل إلى الجهة الأخرى خلال ثمانينيات القرن الماضي مع معارضة المحافظين أي مبادرة لتعزيز التكامل السياسي الأوروبي. وظهر ذلك جلياً في سياسة تاتشر في خطاب شهير ألقته في "كلية بروج" عام 1988 حين رفضت فكرة "دولة أوروبية كبرى تمارس هيمنتها انطلاقاً من بروكسل".

وازداد انعدام ثقة المحافظين ببروكسل في منتصف التسعينيات مع تأسيس حزب "يوكيب" الداعي إلى الخروج من أوروبا، مما أسفر عن تشديد خطاب قادة الحزب.

وواجه خليفة تاتشر، جون ميجور انتفاضة دائمة من المشككين في أوروبا مما أدى الى إضعافه قبل أن يفوز "حزب العمال" بزعامة توني بلير في انتخابات 1997.

وأدت الأزمة في منطقة اليورو والهجرة الواسعة النطاق من الاتحاد الأوروبي إلى نقاشات متطرفة، مما دفع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إلى إجراء استفتاء في 23 يونيو 2016 أيدت نتيجته الانفصال.

وبعد أن دعا شخصياً إلى التصويت للبقاء في الاتحاد، استقال كاميرون تاركاً المهمة الصعبة لخليفته تيريزا ماي للقيام بالطلاق. بعد 3 سنوات تقريباً أعلنت ماي بدورها استقالتها.

6 نقاط ميزت عهد ماي

لخّصت هيئة الإذاعة البريطانية "BBC"، فترة حكم تيريزا ماي كرئيسة للوزراء، بـ 6 نقاط هي:

• فترة قصيرة: اشتهرت ماي بأنها تستطيع الصمود بظروف مستحيلة لكنها في الحقيقة من بين أقل رؤساء الوزراء بقاء في منصبهم في تاريخ بريطانيا.

• هامش ضيق: قرارها إجراء انتخابات في 2017 أفقدها المساحة التي تمكنها من المناورة والتفاوض، إذ خرج المحافظون بعدد أقل من المقاعد في البرلمان.

• مقبرة للوزراء: فقدت الكثير من الوزراء حتى أن عدد الاستقالات في حكومتها فاق ما فقدته حكومتا توني بلير ومارغريت تاتشر في 10 سنوات.

• هزائم تاريخية في "العموم": بسبب بريكست تعرضت ماي لأكبر هزائم تواجهها حكومة داخل مجلس العموم في تاريخ البلاد.

• "بريكست" ولا شي غيره: هيمن الخروج من أوروبا على عهدها بدل قضايا المجتمع. وفشلت في تقليل أعداد المهاجرين وتأخرت في خطة الرعاية الاجتماعية.

• عشرات المنافسين: لم تحظ ماي بولاء أعضاء حكومتها، وكانت الانقسامات سمة أساسية في فترة حكمها وواجهت عشرات المنافسين المحتملين لها.

back to top