شويكار... نجمة الكوميديا الجميلة (11- 15)

«الليدي» ترفض تحويل قصة حياتها إلى دراما تلفزيونية

نشر في 17-05-2019
آخر تحديث 17-05-2019 | 00:00
كشفت شويكار أسباب اعتذارها عن عدم قيامها ببطولة مسرحية «ريا وسكينة». وفي الحلقة السابقة، تسارعت الأحداث، عندما نشر المؤلف والمنتج سمير خفاجي مذكراته حول مسيرته في المسرح الكوميدي، وسر خلافاته مع «الليدي» واختياره السندريلا سعاد حسني لبطولة «الأرملة الطروب»، وكيف هاجمته بطلة «الفنانين المتحدين» على صفحات مجلة «الكواكب» المصرية، وقررت عدم استئناف «سيدتي الجميلة» وتسبب غيابها في تراجع إيرادات الفرقة، وتكبد منتجها خسائر متتالية، وبات على حافة الإفلاس.
لم يعرف سمير خفاجي كيف تسرب خبر «الأرملة الطروب» إلى شويكار، ولكنه فجأة ومن دون أسباب توقف مع بهجت قمر عن الكتابة، وحسب قوله: «انتهى المشروع وذهب الحلم الجميل وتحوَّل إلى سراب ونسينا الموضوع. أما لماذا تذكرت وكيف علمت شويكار بالأمر فلا أدري على الإطلاق ولم أفتح فمي بكلمة كي لا تتوتر العلاقة بيني من ناحية وبين المهندس وشويكار من ناحية أخرى».

وجد خفاجي نفسه في حيرة شديدة، لا سيما في غياب مواجهة مباشرة مع شويكار، وبات موقفها غامضاً من فرقة «الفنانين المتحدين» وهل ستتعاون مع الفرقة مجدداً أم لا، وتأكدت هواجسه بعد هجومها عليه في مجلة «الكواكب» وظل موقف فؤاد المهندس محايداً، ودارت تساؤلات حائرة حول تعامله مع رفض زوجته لاستئناف «سيدتي الجميلة». والثابت أنه لم يقطع علاقته بالعمل مع خفاجي، بل أصر على إخراج مسرحية «حصة قبل النوم» التي قامت ببطولتها نيللي وعبدالمنعم مدبولي وسعيد صالح.

لم يكن سهلاً أن تتدهور الأمور بين شويكار والمسرح عشقها الفني الأول، الذي شهد تألقها، وأسهم في نجوميتها، لكنها اعتبرت أن موقف خفاجي ينال من مكانتها كبطلة حصرية للفرقة. وبدوره، دافع عن نفسه، وقال إنه يحمل مسؤولية استمرار هذا الكيان كمنتج ومؤلف، ولا مانع لديه أن ينتج مسرحيات لنجوم آخرين، ولكنه اعترف بتراجع بعض الأعمال التي قدمها من دون «سيدتي الجميلة» وتكبده خسائر طائلة.

وفي إحدى ليالي مسرحية «حصة قبل النوم» فوجئ خفاجي بحضور شويكار، وجلوسها في قاعة العرض، ولكنها حسب قوله، انصرفت بعد انتهاء المسرحية، من دون أن تدخل إلى الكواليس لتهنئة الممثلين، وهو عُرف يعلمه الجميع ويحرصون عليه، وأصاب هذا الموقف منها زملاءها بإحباط شديد، ولكن طلب خفاجي إليهم ألا يفتحوا هذا الموضوع معها أو مع فؤاد المهندس.

لم تعلق شويكار على مذكرات خفاجي التي نشرها عام 2017، وتناولت فترة تألقها في «سيدتي الجميلة» عام 1969، والحقيقة أنه بعد سنوات تعاونت معه في أعمال لاحقة وزال الخلاف بينهما، وكان شديد الإصرار على عودتها إلى المسرح، ولكنها اعتذرت لأسباب صحية، وقالت إنها لم تعد قادرة على تحمل العمل اليومي، وإنها تحتاج إلى تمضية أطول وقت مع ابنتها منة الله وأحفادها، وإنها قدمت للفن الكثير من جهدها وأعصابها، ويكفيها ما حققته خلال الأعوام الماضية من نجاحات، وآن لها أن تشعر بالراحة والاستقرار.

واجهت شويكار اتهاماً حول عصبيتها الزائدة، وغيرتها الفنية، ولكنها رفضت هذا الاتهام، واعتبرت أن انفعالاتها تنحصر في العمل الفني، وطموحها يظهر بصورة جيدة للجمهور، كونها بطلة تتحمل مسؤولية الفشل والنجاح، وأن علاقتها بزملائها كانت جيدة، مؤكدة أنها لم تشعر بالغيرة يوماً من زميلة لها، فلا تشبهها أية نجمة من جيلها، لا سيما أنها حققت نجوميتها كفنانة شاملة، وأدت أدوار الكوميديا والتراجيديا، وقدمت اللون الاستعراضي في المسرح والسينما.

وكشف الفنانة أنها بمرور الوقت، أصبحت تسيطر على انفعالاتها، وصارت أكثر نضجاً وحكمة في التعامل مع الأزمات.

مذكرات نجمة

قبل ظهور مذكرات خفاجي بسنوات، انهالت العروض على شويكار لنشر مذكراتها، لا سيما أنها فنانة صاحبة تاريخ فني شديد الثراء، وفعلاً سجلت مواقف عدة على شرائط «كاسيت» لكنها قررت عدم خروجها إلى النور في حياتها، وقالت إنها ستكون ملكاً لابنتها منة الله وعائلتها بعد عمر طويل، وهم فقط يملكون حق نشرها. أما هي فلا تفكر في إذاعة مذكراتها أو تحويلها إلى عمل درامي.

وخلال مشوارها الفني، لم ترتكن شويكار في عملها إلى الاحترافية، بل اعتبرت نفسها في حالة حب وهواية دائمة مع التمثيل، ما منحها الشعور بأنها في بداية الطريق، وأن عليها أن تكتسب خبرة جديدة. ومع كل عمل تتراكم المواقف والذكريات، ومشاعر لا يمكن نسيانها، ما جعلها تسجل تلك اللحظات الفارقة، ومن خلالها تضيف شيئاً مهماً لدارسي فن التمثيل، وكيف أن الموهبة تصقلها التجارب، وتصل بالفنان إلى ذروة النضج والتألق.

وكانت شويكار إحدى أكثر النجمات تعرضاً للإشاعات والأخبار الكاذبة، لا سيما خلال فترة زواجها من فؤاد المهندس، ومن هنا تأتي أهمية نشر مذكراتها. ورغم قرارها بتأجيل ظهورها إلى النور، فإنها من خلال حواراتها ولقاءاتها التلفزيونية، استعادت مواقف وذكريات عدة، ورأت أن حياة الفنان الخاصة ملك له، ولا يجب أن تكون موضع مساءلة من أحد، ما دام لا يسيء إلى نفسه أو إلى الآخرين، وذكرت أن المصداقية هي معيار الفنان الوحيد لبناء جسر مع جمهوره، فالكذب لا يملك قدمين، قالت، ولكن ستظل الكواليس مبعثاً للفضول، وفي النهاية سيكتشف الجمهور أن الفنان بشر مثله، يضحك ويبكي ويتألم ويحب، ويتعرض لعثرات ونجاحات، وأن الفارق الوحيد أن لديه موهبة يحاول الحفاظ عليها مع تقدم العمر.

وهذه البوصلة اهتدت بها شويكار منذ أول لحظة دخلت فيها إلى عالم الفن، فقد كانت فتاة تحلم بالحب والزواج، من دون أن تدري ما يخبئه لها القدر، وأصبحت أرملة دون العشرين، وأماً لابنتها الوحيدة منة الله. أتمت دراستها الجامعية، وأدّت المصادفة دورها في أن تكون ممثلة سينمائية، ودخلت إلى المسرح حيث عثرت على الحب، وتزوجت من فؤاد المهندس، وكان أستاذها وشريك نجاحها الفني.

ولا شك في أن المهندس سيكون بطلاً رئيساً في مذكرات شويكار، فقد دام زواجهما قرابة 20 عاماً، وهو أدى أدواراً كثيرة في حياتها، ويحفل ألبوم ذكرياتهما بصور كثيرة تعكس حالة الحب والمرح التي جمعت بينهما. وبحسب قولها في أحد حوارتها: «كان حبيباً وأخاً وأباً تعلمت منه الكثير في الفن والحياة، فهو كان إنساناً كريماً إلى أبعد الحدود وطيب القلب ومحباً لكل الناس. كان إنسانا جاداً، كنت أعمل له مليون حساب، ولكن بيني وبينه كنت أدلعه «يا فوفو» وهو يقول لي «يا شوشو، وثمة مواقف وذكريات كثيرة جمعتني به».

وفي حوار معها قالت: «أرفض كتابة مذكراتي أو تحويلها إلى عمل تلفزيوني، ولا أفكر فى ذلك نهائياً، لأننى فرضت على حياتي الخاصة سياجاً من السرية، ولا يصح لأحد الاطلاع عليها، وأي أمر يكتب عن حياتي الخاصة يبقى في إطار التكهنات».

أوصدت شويكار الباب حول تحويل قصة حياتها إلى عمل فني، ورأت أن أعمالاً تناولت سير نجمات ونجوم لم تتوافر فيها المصداقية، وأساءت إليهم، واختلقت أحداثاً وهمية، ما يعد تزييفاً لحياة الفنان أو الفنانة التي أحبها الجمهور. كذلك اعتبرت أنه لا يمكن المقارنة بين الشخصية الحقيقية وبين ما يصنعه خيال المؤلف، وأن تجسيد شخصية مشهورة يحتاج إلى ممثل فائق الموهبة، ومثال على ذلك دور نجيب الريحاني الذي مثله باقتدار فؤاد المهندس في فيلم «بديعة مصابني» 1975، وأيضاً أحمد زكي بأدائه المبهر في فيلمي «ناصر 56»، و{أيام السادات».

ترويض الشرسة

أسدلت شويكار الستارة على مسيرتها في المسرح عام 1990، عندما قدمت «مراتي تقريباً» وابتعدت عن السينما بعد «أمريكا شيكا بيكا» 1993. اتجهت إلى الدراما التلفزيونية، وقدمت أدواراً متنوعة، من بينها شخصية الأم عايدة في «ترويض الشرسة» 1996 تأليف بسيوني عثمان وإخراج محسن فكري. دارت أحداثه في إطار كوميدي حول الخادمة ظريفة (آثار الحكيم) التي تعاني تخلفاً عقلياً، وتعمل في منزل الأستاذ حفناوي (حسن مصطفى) وزوجته عايدة، وتضعهما في مواقف محرجة مع جيرانهما. وبعد فترة تهبط عليها ثروة، ويحاول الجميع التقرب إليها، وتتوالى المفارقات الساخرة.

شهد «ترويض الشرسة» مباراة كوميدية بين شويكار وآثار الحكيم، وحقق المسلسل نجاحاً كبيراً عندما عرض في خريطة المسلسلات الرمضانية، وشاركت في بطولته مجموعة من نجوم التسعينيات كوائل نور وعلا رامي ومحمود القلعاوي، وبعض الوجوه الجديدة آنذاك كأحمد السقا.

وفي العام نفسه، شاركت شويكار في مسلسل «سر اللعبة» سيناريو يسر السيوي وإخراج عبداللطيف زكي، وبطولة كل من كرم مطاوع وعبدالمنعم مدبولي وحسين الشربيني. دارت أحداثه حول أديب يعاني أزمة نفسية، ويغترب بكتاباته عن الواقع، ويتعرض لسرقة أحد مؤلفاته، فيقرر الهروب إلى سيرك، وهناك يلتقي نماذج من الفنانين، ويتفاعل مع ظروفهم الحياتية الصعبة، ويكتشف أن مواجهة الواقع أفضل من العزلة.

الطفلة منى تخطف الأضواء من شويكار والمهندس

أسقطت شويكار أعمالاً عدة من حساباتها، بينما حفلت مسيرتها بكم هائل من الأفلام والمسرحيات والدراما التلفزيونية، ومن بينها علامات لا يمكن نسيانها. فالنجمة الجميلة تعتز بأدوارها في أفلام: «أرض النفاق، والكرنك، والشحاذ، وطائر الليل الحزين». وفي المسرح: «حالة حب، والسكرتير الفني، وحواء الساعة 12، وسيدتي الجميلة»... وغيرها.

وحفلت أعمالها الأولى بمواقف وذكريات عدة، شهدت أحداثها كواليس المسرح، ومن بينها مسرحية «أنا فين وإنتي فين» 1965 وهي إحدى أقرب المسرحيات إلى قلب الفنانة، وشاركت في بطولتها مع فؤاد المهندس ونظيم شعراوي وسلامة إلياس والطفلة الموهوبة منى وهبي، وحققت نجاحاً جماهيرياً كبيراً، ما جعلها تشعر بالخوف، وبالمسؤولية للحفاظ على هذا النجاح، وما زالت التجربة تحظى بنسبة مشاهدة عالية عند عرضها في القنوات الفضائية.

بدأت شويكار رحلة التألق بعد نجاح مسرحية «أنا وهو وهي» 1963، وزواجها من فؤاد المهندس، وبدأ الأخير يبحث عن نص مسرحي جديد. ذات يوم، أخبرها أنه عثر على فكرة المسرحية الجديدة، وتدور حول موظف بسيط، توقعه الظروف في ورطة، للتشابه الكبير بينه وبين صاحب العمل الراحل، وعندما تراه طفلته، تتعلق به، وتطلب إليه أمها أن يمثل هذا الدور من أجل طفلتها.

أبدت شويكار إعجابها بالفكرة، واتصل المهندس بالمؤلف سمير خفاجي، وطلب إليه الحضور إلى المنزل، وبدوره تحمس للفكرة، وقال لهما إنه سيشرع في كتابتها، واختار لها عنوان «أنا فين وإنتي فين؟»، وأوضح أن مؤلفاً شاباً سيكتب الحوار، وهو بهجت قمر الذي أصبح الشريك الرابع في رحلة نجاحهما بالمسرح الكوميدي.

انتهى خفاجي وقمر من كتابة المسرحية، وكان الدور الرئيس الذي تنطلق منه الأحداث لطفلة سيتوالى ظهورها حتى نهاية المسرحية. اتفق المؤلفان مع شويكار والمهندس في نشر إعلان بإحدى الجرائد عن مسابقة لاختيار طفلة للتمثيل بالمسرحية، بشرط ألا يتجاوز عمرها خمس سنوات.

وتتذكر شويكار توافد أكثر من 300 طفلة مع آبائهن وأمهاتهن، ولكنهم وجدوا أن هذه الفئة العمرية من الصعب تدريبها، فنشروا إعلاناً جديداً يطلبون فيه طفلة لا يقل عمرها عن سبع سنوات. وفي يوم المسابقة، حضرت أعداد مماثلة، ولكن لفتت انتباه شويكار طفلة تقفز من فوق مقعدها، وتنظر إليها مبتسمة. سألتها عن اسمها، فقالت: اسمي منى وهبي، ودار بينهما حوار قصير، واستقرت النجمة على اختيار هذه الطفلة لتشاركها التمثيل في المسرحية.

ورغم النجاح الذي حققته منى وهبي آنذاك، فإنها لم تظهر في أي عمل فني آخر، وما زال الجمهور يتذكر هذه الطفلة التي خطفت الأضواء من شويكار والمهندس، وأغنيتها «رايح أجيب الديب من ديله»، وكانت أحد أهم أسباب نجاح المسرحية.

وبعد مرور 27 عاماً على نجاح المسرحية، فكرت شويكار في تقديم الجزء الثاني، وفي أن تقوم الطفلة التي أصبحت شابة بدور أمها، ولكن منى وهبي اختفت فاختارت الفنانة شريهان للدور. إلا أن الفكرة لم تخرج إلى النور، وبقيت «أنا فين وإنتي فين؟» من أرشيف المسرحيات الناجحة لفرقة الفنانين المتحدين.

سجلت مواقف حياتها على شرائط كاسيت لتنشرها ابنتها بعد عمر طويل

اعتبرت أن حياة الفنان الخاصة ملك له ويجب ألا تكون موضع مساءلة من أحد
back to top