الدولة تحرم مواطنيها مليار دينار... قابلة للتضاعف!

● عبر تأجيل وتعثر اكتتابات تأسيس شركات عامة ومشاريع ذات قيمة مضافة
● 20 كياناً استثمارياً في قطاعات متعددة مجمدة نصفها بـ «هيئة الشراكة» وأضخمها بالنفط

نشر في 18-04-2019
آخر تحديث 18-04-2019 | 00:05
محمد البغلي
محمد البغلي
هناك خطط لإنشاء 20 كياناً استثمارياً كشركات عامة أو من خلال مشاريع شراكة في قطاعات ذات قيمة مضافة للاقتصاد، وكلها موجودة على مدى سنوات في خطط التنمية، دون أن تبادر الدولة إلى اطلاقها، لأسباب تتعلق في معظمها بالبيروقراطية وبطء سير الدورة المستندية.
فتح إعلان هيئة أسواق المال ترحيل اكتتاب المواطنين في رأسمال شركة بورصة الكويت إلى بداية العام المقبل النقاش عن تأخر معظم الجهات والهيئات الحكومية في مشاريع تأسيس الشركات العامة، أو تباطؤها في استدعاء الحصص المخصصة للمواطنين، مما يؤخر استفادة المساهمين من مبالغ تصل قيمتها إلى مليار دينار قابلة للتضاعف، بناء على تجارب سوق الكويت المالي في سنوات سابقة مرات عديدة، فضلاً عن عدم حصول الدولة على استفادتها المالية الناتجة من سداد المواطنين لحصتهم من رأس المال.

فتأخر اكتتاب شركة البورصة في حقيقة الأمر لا معنى له سوى التعثر في إجراءات إدارية وبيروقراطية، باعتبار أن الشركة أسست منذ عام 2014 وأصدرت أكثر من ميزانية سنوية، وباتت أعمالها التشغيلية واضحة بصفتها مشغل السوق المالي، وفي فبراير 2019 تم بيع 44 في المئة من رأسمالها لمستثمرين من شركات كويتية بالتحالف مع بورصة أثينا، ولم يتبق مع امتلاك الجهات الحكومية 6 في المئة منها إلا طرح الـ50 في المئة المتبقية للمواطنين؛ كي تتمكن الشركة من الحصول على تمويلها الخاص من الاكتتاب، والعمل بشكل طبيعي لتتطور وتلبي خيارات مستثمريها في الإدراج داخلها أو في أي سوق مالي آخر بالمنطقة.

20 كياناً مجمداً

ولا تنحصر عملية تأخر إصدارات الاكتتاب فقط في حالة شركة البورصة، فمن خلال مسح على المشاريع المدرجة في خطط التنمية المتتالية نجد أن هناك خططاً لإنشاء 20 كياناً استثمارياً شركات عامة، أو من خلال مشاريع شراكة في قطاعات ذات قيمة مضافة للاقتصاد مثل الكهرباء والماء والشبكات الضوئية والمصافي والبتروكيماويات والبريد والتخزين والشحن والنقل والمناطق الاقتصادية والعمالية، فضلاً عن الاستثمار في القطاعات الصحية والترفيهية والاتصالات والتكنولوجيا والبيئة ومعالجة النفايات، وكلها موجودة على مدى سنوات في خطط التنمية دون أن تبادر الدولة إلى إطلاقها لتحقيق قيمة مضافة للقطاعات المراد تطويرها أو لتحقيق المنفعة للمواطنين، لأسباب تتعلق في معظمها بالبيروقراطية وبطء سير الدورة المستندية!

فوائد متعددة

وميزة الشركات العامة أو تلك تؤسس من خلال قانون الشراكة أنها تقدم قيمة مضافة للاقتصاد من خلال شركة أو أكثر تتولى الاستثمار في قطاع معين، وتحقق كذلك فائدة للدولة من خلال حصولها على ملكية توازي 24 في المئة في الشركة الجديدة، وتحصل الدولة أيضاً على أموال بقيم أعلى من قيمة التأسيس من المستثمر صاحب السعر الأعلى عطاءً- بعد العرض الفني- كما حدث في اكتتاب شركة الاتصالات الثالثة، عندما دفعت شركة الاتصالات السعودية 1.9 دينار عن السهم للدولة، مقابل الحصول على 26 في المئة من رأس المال، أما المستثمر فيستفيد من حصوله على فرص استثمارية على المدى الطويل ذات أرباح وعوائد، في حين تتحقق فائدة المواطنين من استثمارهم في شركات ومشاريع وعوائد سنوية وقيمة سوقية متضاعفة، إذ إن سوق الكويت المالي حسب التجارب السابقة يمكن أن يقيم الشركة العامة حال إدراجها بما لا يقل عن 3 إلى 6 أضعاف قيمة اكتتابها، وفي ذلك فائدة ممتازة للمساهمين.

مشروعات الشراكة

وللكويت منذ سنوات طويلة تجارب جيدة جداً في إدارة ملفات الاكتتاب على ضخامتها وتعدد مساهميها، وخصوصاً بعد أزمة سوق النمناخ بداية ثمانينيات القرن الماضي، وتحديداً في شركات الاتصالات والمصارف والخدمات وغيرها، وكلها حققت للدولة والمواطنين والمستثمرين عوائد ممتازة، غير أنه في السنوات الأخيرة، أي منذ توزيع أسهم بنك وربة على المواطنين مجاناً، لم تشهد الكويت إصدار أي عملية اكتتاب عام رغم تكدس الشركات في خطط التنمية... ولعله من المفيد القول إن هيئة مشروعات الشراكة وحدها لديها 10 مشاريع من أصل 20 لم يطرح أي منها للاكتتاب العام للمواطنين في وقت لا يزال القطاع النفطي يدرس منذ سنوات طرح واحد من أكبر عمليات الاكتتاب في تاريخ الكويت برأسمال مليار دينار تبلغ حصة المواطنين فيه 200 مليون دينار حال اعتماد الدارسة لمشروع «الأولفينات والعطريات المتكامل مع مصفاة الزور».

مطالبات شعبوية

ولعل غياب مثل هذه المبادرات الاستثمارية كالاكتتابات التي يستفيد منها المواطنون هو ما يزيد المطالبات الشعبوية وأبرزها إسقاط أو شراء الدولة للقروض، باعتبار أن هذه الشركات أثرها على المواطن مباشر من ناحية العائد المالي، وغير مباشر على مستوى الخدمة، ومن ثم فإن غيابها يجعل المطالبات غير المنطقية متصدرة للمشهد العام، وهو ما يعبر بالدرجة الأولى عن فشل كبير على صعيد تقديم نماذج اقتصادية جيدة في المجتمع.

وفي الحديث عن تعظيم الفائدة يمكن إعطاء الأولوية في ترسية المناقصات العامة بالدولة للشركات المساهمة والمدرجة في بورصة الكويت، عوضاً عن الشركات المقفلة، لتحقيق قدر أكبر من المنفعة للمساهمين، مع التشديد على ضرورة تغيير عقلية تنفيذ المشاريع الكبرى من نظم المناقصات إلى الشراكة كـ BOT أو PPP، كأن تتحول مناقصات مثل مطار الكويت الدولي الجديد أو تطوير المدينة الترفيهية إلى شركات عامة تحقق إيرادات للدولة والمستثمر والمواطنين، وترفع مستوى وجودة القطاع الخاص في الناتج المحلي، وترفع مستوى الخدمة المقدمة للجمهور، وتوظف الكويتيين، وفي ذلك حلول أولية لمشكلات متعددة يعانيها الاقتصاد.

تأخر اكتتاب شركة البورصة إلى بداية العام المقبل لا معنى له سوى التعثر في إجراءات إدارية وبيروقراطية

غياب المبادرات الاستثمارية كالاكتتابات المفيدة للمواطنين يزيد المطالبات الشعبوية كإسقاط الدولة للقروض
back to top