تداعيات سلاح النفط الأميركي على الاعتبارات الجيوسياسية

نشر في 26-03-2019
آخر تحديث 26-03-2019 | 00:03
No Image Caption
عندما ظهرت بوادر الحرب التجارية بين واشنطن وبكين تمحورت مخاوف المستثمرين حول احتمال استخدام إدارة الرئيس ترامب لسلاح النفط في الضغط لتحقيق أهداف محددة استهدفتها فيما بعد العقوبات الاقتصادية أو التهديد بزيادة الضرائب على مستوردات منافسة.

وأظهرت أرقام نشرتها إدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة أخيراً أن الإنتاج الأميركي من النفط شهد تطوراً لافتاً، وأن ساحل الخليج الأميركي قام في الشهرين الأخيرين من العام الماضي بتصدير كمية من الخام أكثر مما استورد.

وتعول شركات النفط الأميركية على تحسن إنتاج الزيت الصخري، بحيث يعوض أي نقص في الإمداد بعدما فقد الخام 44 في المئة من قيمته أواخر العام الماضي. وكانت تلك إشارة تهدف إلى دفع شركات النفط إلى التوقف عن الإفراط في الإنتاج.

وخلال الفترة القريبة الماضية، شهدت أسواق النفط العالمية تقلبات، كان يتوقع لها أن ترفع أسعار الخام بقوة، لكنها لم تحدث ذلك التأثير المأمول الذي يبدو أنه يمضي بوتيرة بطيئة. وكانت الآمال معلقة على تأثير العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران ثم على فنزويلا.

يذكر أن حجم التجارة النفطية الصافية في منطقة ساحل الخليج تراجع من مستوياته العالية في مطلع عام 2007 عند 6.6 ملايين برميل في اليوم من المستوردات الصافية إلى 0.4 مليون برميل يومياً من الصادرات الصافية في شهر ديسمبر من عام 2018.

ومع وصول إجمالي صادرات الخام من ساحل الخليج إلى مستويات قياسية بلغت 2.3 مليون برميل في اليوم، وصلت مستوردات النفط الاجمالية في شهر ديسمبر عند أقل من مليوني برميل يومياً إلى أدنى مستوى منذ شهر مارس من عام 1986.

وكان إنتاج النفط في الولايات المتحدة وصل إلى 12.1 مليون برميل في اليوم في شهر فبراير الماضي، وكانت التوقعات أن تستمر تلك الكمية حول مستوى الإنتاج في منتصف الفترة ثم ترتفع في السنوات المقبلة.

وفي تطور جديد، أكد خبراء نفط أن الولايات المتحدة أصبحت أول دولة منتجة للنفط على صعيد عالمي، وتتبعها روسيا والسعودية، في حين لا تزال السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، وهو عامل يعطيها درجة عالية من النفوذ، وخاصة أنها تعمل مع روسيا وشركاء آخرين منتجين في منظمة أوبك. وعلى أي حال، فقد تم استبدال دور روسيا القديم في تحديد سعر النفط بهذا الائتلاف الجديد.

وفي غضون ذلك، لا يزال إنتاج الخام الأميركي، وخاصة في منطقة ساحل الخليج، في ازدياد، وفي شهر نوفمبر من عام 2018، قالت إدارة معلومات الطاقة إن إنتاج ساحل الخليج من النفط سجل رقماً قياسياً وصل إلى 7.7 ملايين برميل يومياً.

وعلى أي حال، ونظراً لأن معظم النفط الذي يتم انتاجه في الولايات المتحدة هو من النوع الخفيف الحلو، فإن على أميركا أن تعتمد على مزيج خام أثقل من السعودية وفنزويلا، نظراً لأن المصافي الأميركية مهيأة لمعالجة ذلك النوع من الخام الثقيل.

ومن جهة أخرى، يقول خبراء طاقة، إن فائض الخام الحلو الخفيف يسمح للولايات المتحدة بتصدير المزيد من النفط ما يعطي ذلك البلد قوة طاقة جيوسياسية كانت تتمتع بها منظمة أوبك وروسيا فقط. وبحسب محللين نفطيين، فإن الكمية المتزايدة من الخام الأميركي الذي يتم تصديره إلى جانب الكمية المتزايدة أيضاً من الغاز الطبيعي الذي يتم استيراده، ومن المتوقع أن تزداد وتيرة صادرات هذين النوعين من الوقود، قد ساهم بشكل مؤكد في تغيير الجوانب الجيوسياسية للطاقة، ولا توجد مؤشرات إلى تطور وشيك في هذا المسار الآن.

back to top