نادين لبكي: اختصرتُ «كفر ناحوم» من 12 ساعة لساعتين

«حرصتُ على نقل الواقع بتفاصيله»

نشر في 24-03-2019
آخر تحديث 24-03-2019 | 00:01
المخرجة اللبنانية نادين لبكي
المخرجة اللبنانية نادين لبكي
احتفت المخرجة اللبنانية نادين لبكي بطرح فيلمها "كفر ناحوم" في مصر مؤخراً، بعد أسابيع قليلة من وصوله للقائمة القصيرة لترشيحات الأوسكار.
في دردشتها مع "الجريدة" تتحدث نادين عن الفيلم واختيار أبطاله وتفاصيل التصوير، وردود الفعل المتباينة عليه، وغيرها من التفاصيل:

● كيف تم اختيار الأطفال أبطال «كفر ناحوم»؟

- العمل على الفيلم استغرق فترة وصلت إلى 3 سنوات، ومرحلة اختيار الأطفال المشاركين في الفيلم لم تتم بشكل تقليدي، فلم نقم بإجراء كاست للأطفال في مكتب، ولكن كان معي فريق عمل كبير جداً منتشرين في شوارع لبنان والمناطق المهمشة، يصورون أطفالا مختلفين، فنحن من ذهبنا للأطفال كي نجد المناسبين للفيلم، وليس هم الذين جاءوا رغبة منهم في التمثيل، وهذا الأمر ساعدنا بشكل كبير في أن نقدم شيئاً واقعياً وصل إلى قلوب الناس.

● وبالنسبة إلى اختيار زين بطل الفيلم؟

- زين هو لاجئ سوري يعيش في منطقة مهمشة ومهملة في لبنان، ولم يذهب للمدرسة، ورغم ان عمره وقت التصوير كان 12 عاماً إلا أن شكله لا يعطي أكثر من 9 سنوات، وهو ما يرجع إلى سوء التغذية والبيئة التي يعيش فيها، الفارق الوحيد بين زين واطفال كثيرين يعيشون في لبنان وغيرها من البلاد بسبب الصراعات هو أن اهله كانوا يحبونه، فهو لم يكن يتسول وعندما تم تصويره للمرة الاولى كان يلعب برفقة اصدقائه في الشارع، صحيح انه لم يلتحق بالمدرسة من قبل، وعمل في كثير من المهن حتى يوفر دخلاً له ولأسرته إلا أنه أفضل كثيراً من غيره.

تجسيد الواقع

*هل وجدتِ ترحيباً من أهله في بداية العمل؟

- وجدت ترحيبا كبيرا منهم لإشراكه في الفيلم، لأنهم شعروا بأن الطريقة التي تناولنا بها الموضوع جزء من المعاناة التي يعيشونها، وزين نفسه تحمس للفيلم لأنه شعر بمسؤوليته عن كل الاولاد الذين يعيشون نفس ظروفه، فهم يتعذبون أيضاً، وهو يدرك الأمر لأنه منهم وعاشه بالفعل، فهو لم يقم بالتمثيل، ولكنه عكس الواقع.

● ولماذا لم تفكري في اللجوء إلى أطفال لهم تجارب في التمثيل من قبل؟

- العمل قائم على نقل الواقع، وفي رأيي من أهم الأدوار الفنية للسينما ان تنقل الواقع، فالممثل عندما تأتي به لعمل مثل «كفر ناحوم» يكون هناك مساحة اصطناع، لذا فضلت أن أبحث عن الحقيقة من الواقع، فسيناريو الفيلم كتب في 3 سنوات، من خلال المحاكم والسجون والإصلاحيات، وكل شيء به رأيناه بالواقع، لذا كان من الطبيعي ان ابحث عن ابطال عاشوا نفس الظروف حتى يقوموا بإيصالها للجمهور بشكل واقعي.

الروح الوثائقية

● لمسنا في الفيلم روح الأفلام الوثائقية التي ترصد الواقع؟

- أعتبر أن روح الافلام الوثائقية كانت كلمة السر، فأنا لم أرغب في إضافة أي شيء مصطنع، لا الديكور ولا الإضاءة، وحتى الرسوم الموجودة على البيوت جميعها كانت واقعية وحقيقة ولم تضف للعمل، وأتذكر أننا لم نضف إضاءة إلا بشكل محدود جدا في مشاهد محددة.

● وبالنسبة للتصوير؟

- صورنا 500 ساعة «راشيز» تم مونتاجها لـ12 ساعة متواصلة، ثم المرحلة الاخيرة من المونتاج التي اخرجت الفيلم في ساعتين، والحقيقة ان مرحلة حذف المشاهد لتكون مدة العمل ساعتين فقط صعبة جداً، لأنني أمام مشاهد كثيرة جميلة تم حذفها ولم يتضمنها الفيلم، ولا اعرف حتى الآن ما يمكنني ان اقوم به تجاهها، لكنها ستظل موجودة.

● هل وجدت مشكلة في التصوير بالشوارع؟

- على العكس تماما، وجدت ترحيبا من الجميع، فالمنازل فتحت لنا، وشعرت بأن الناس في الظروف الصعبة التي يعيشونها لديهم رغبة في أن يتم تصويرهم وان يراهم العالم، المشكلة لدينا اننا اصبحنا نعتاد على مشاهدة القبح وندير وجهنا له، بينما في الخارج يقومون بالعمل على معالجته وتحسينه. خلال التصوير لم يكن هناك إيقاف للحياة، ولم نعطل الحركة أو أي شيء، كنا نصور بكاميراتين مزروعتين في المكان، وأتذكر اننا لم نطلب ولا مرة من احد يقوم بسلوك او تصرف معين أمام الكاميرا او حتى يقوم بإطفاء الراديو أو تغيير الموجة الاذاعية في ستة أشهر من التصوير.

● وكيف وجدت الانتقادات بأن الفيلم يسيء إلى لبنان؟

- أنا قدمت الواقع، اي بلد في العالم يواجه نفس المشاكل، المشاكل في العالم العربي نراها بطريقة يومية اكبر، المشكلة اننا تأقلمنا مع عدم العدالة الموجودة، نقطة الانطلاق في الفيلم كانت الأطفال المهمشة، قصص وحكايات لأطفال غير موجودين على الورق وآخرين يعملون، وفتيات تم بيعهن فور البلاغ تحت غطاء الزواج، كل هذه المشكلات موجودة في واقعنا نتيجة فشل التعامل معها، وما أؤكده دائما أن الواقع أصعب بكثير مما صورناه.

حالة تناقض

● الفيلم أثار إعجاب عدد من السياسيين في لبنان، على الرغم من انه ينتقدهم، كيف وجدت هذا الأمر؟

- السياسيون يعيشون حالة تناقض، هم لم يستطيعوا تحديد شعورهم تجاه الفيلم، فمن ناحية هم فخورون بالفيلم ونجاحه، لكن في الوقت ذاته الفيلم ينتقدهم وينتقد النظام بكل زاوية فيه، ومن ثم فهناك تناقض، ومن الواجب أن أعرف كيف أستطيع من خلال هذا التناقض العمل على تحسين الواقع، وهنا أود أن أؤكد ان هناك كثيرين لا يريدون رؤية الحقيقة.

*وبالنسبة إلى الاتهام بأنه فيلم صنع للحصول على جوائز؟

- أعتبر هذا الرأي بمثابة طريقة عشوائية للحكم على الآخر، وهو من ضمن الآراء التي لا أوافقها، ولا أضعها في اعتباري، وأعتبرها آراء جارحة بها شيء غير حقيقي ، فصاحبها لا يعرف نيتي، وأنا أقوم بالتحضير للعمل.

زين لاجئ سوري يعيش في منطقة مهمشة ومهملة في لبنان

القول إن الفيلم صنع للحصول على الجوائز قول جارح وعشوائي
back to top