حياة المشاة في خطر... والقانون لا يلزم قائدي المركبات بالتوقف لهم!

• حرية تنقُّلهم المكفولة معطّلة... وغياب النظام قد يحمّل الدولة مسؤولية تعويض المتضررين

نشر في 12-03-2019
آخر تحديث 12-03-2019 | 00:04
بينما تكتظ شوارع العاصمة بالمركبات وحافلات نقل المتوجهين إلى العمل أو التسوق، يترقب المارة حركة المرور في الشوارع انتظاراً لتوقفها، لأن القوانين
لا تسمح لهم بالمرور والتنقل في الشوارع، في وقت عجزت الأجهزة الرسمية عن توفير إشارات خاصة للمشاة.
في الوقت الذي وفرت الأجهزة الرسمية الطرق وفرضت شرطة المرور إدارتها على حركة السير، فإن حركة التنقل مشياً على الأقدام تكاد تكون معطلة لانعدام القوانين التي تكفل للمارة التنقل والمرور في الشوارع، والتمكن من تجاوز بعض الطرقات عند توقف المركبات، ويكشف الواقع العملي اليومي عن غياب النظام الأمني المروري والهندسي الذي يلزم قائدي المركبات بالتوقف دقائق معدودة والسماح للمشاة والمارة بالعبور، سواء من خلال تكليف رجال المرور بإيقاف حركة المرور، أو حتى وضع إشارات للمشاة أو المارة.

غياب الأنظمة في الشوارع والطرقات الرئيسية جعل حرية التنقل التي كفلها الدستور مشياً على الأقدام معطلة إزاء غياب النظام الفني والقانوني من الأجهزة الرسمية، لتمكين الافراد من ممارستها، وجعل أمر تنقل المارة في الشوارع أشبه بالمغامرة، لأنهم قد يتعرضون للدهس إزاء عدم توقف المركبات في العاصمة فترات تسمح بالمرور، وهو الأمر الذي قد يثير مسؤولية الدولة القانونية بالتعويض.

مسؤولية الدولة

وعن مسؤولية الدولة القانونية تجاه المتضررين من جراء عدم توفير إشارات تسمح بتنقل المارة في الشوارع الداخلية وتلزم قائدي المركبات بالتوقف، يقول المحامي سليمان مبارك الصيفي، إن توفير ممرات وإشارات للمارة من ضوابط سلامة الشوارع العامة وفق المعايير الدولية، والعمل على تأمين حقوقهم بالتنقل.

وأكد الصيفي أن خلو الشوارع والممرات العامة من تلك الضوابط يثبت مخالفتها، لأن غياب تلك الممرات والإشارات يعني حرمان الأفراد من ممارسة حقهم بالتنقل، مضيفا «كما أن السماح حاليا، في ظل عدم وجود تلك الضمانات، يعني إمكانية تعريضهم للخطر، وهو الأمر الذي قد يثير مسؤولية الأجهزة المعنية عن تنظيم حركة المرور وتصميم الشوارع».

حقوق المارة

وأوضح أن معظم دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الاميركية تقدم خدمة المارة في الشوارع، وتوفر لهم حارات للعبور، وإشارات تنظم مرورهم، ضمانا لممارستهم حق التنقل، وتجنبا للمسؤولية القانونية التي قد تثار على الدولة من جراء عدم تخصيص حارات وإشارات تسمح لهم بالعبور وتوقف عملية مرور المركبات دقائق معدودة، والعكس.

وتابع «لذلك على الأجهزة المعنية بتنظيم حركة المرور النظر في هذه القضية، لأن التنظيم الحالي للشوارع الداخلية في العديد من المدن الرئيسية والأسواق لا يسمح بعبور المارة بمفردهم مع إيقاف حركة المرور، وأن السماح بمرورهم حاليا قد يمثل خطراً على حياتهم في ظل عدم وجود آلية لتنظيم حركة مرورهم وتنقلهم».

من جانبه ، يقول أستاذ المساعد للقانون المدني في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي د. عبدالكريم العنزي، إن «التساؤل الذي يثور بشأن مسؤولية الدولة عن عدم توفيرها إشارات لعبور المشاة، وان كان لا يثير مسؤولية الدولة القانونية، يتعلق بفراغ تشريعي لمعالجة هذه المسألة القانونية المهمة».

ويضيف انه «طبقاً للمادة (21) من قانون المرور رقم 67 لسنة 1976 لا مسؤولية على الدولة، لأن قانون المرور والقرارات المنفذة له لم تلزم الدولة بوضع إشارات ضوئية لعبور المشاة في كل الطرق، وألقت بالمسؤولية على قائد المركبة المتسبب في إصابة المشاة عند عبورهم للطرق، استناداً للمادة (122) من اللائحة التنفيذية لقانون المرور، مما يتطلب تدخلا تشريعيا بإلزام الدولة بوضع إشارات لعبور المشاة في كل الطرق عدا السريعة».

ويوضح العنزي انه مع مراعاة أن قائدي المركبات يلتزمون طبقاً للمادة (196) من اللائحة بألا يعرضوا للخطر المشاة الذين يسيرون على الأرصفة، أو على جوانب الطريق، بل كذلك الذين يسيرون في نهر الطريق، وعليهم عند اللزوم التوقف لتجنب إزعاج أي مستعمل للطريق.

ويقول «كما يلتزم قائدو المركبات طبقاً للمادة (197) من اللائحة، عند اقترابهم من ممر للمشاة، بالسير ببطء لإفساح المجال لعبور الطريق، وعليهم التوقف تماماً حتى يتم عبور المشاة، فإن خالفوا تلك الواجبات فإنهم يلتزمون بتعويض المشاة المتضررين.

ويوضح قائلا و»قد عاقب البند (6) من المادة (38) من قانون المرور بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، وغرامة لا تجاوز 100 دينار أو بإحداهما كل من: يقود مركبة آلية برعونة أو تفريط أو إهمال يعرض السائق أو الركاب أو الغير للخطر».

ويبين انه كما عاقبت المادة (37) من قانون المرور بالحبس مدة لا تزيد على أسبوع، وغرامة تزيد على 15 دينارا أو بإحداهما كل من خالف أي حكم من أحكام هذا القانون، أو لائحته التنفيذية، أو القرارات المنفذة له، أو خالف قواعد أو أصول أو آداب المرور.

وعدم إفساح المجال للمشاة بالعبور أو الاصطدام بهم أثناء عبورهم يعتبر مخالفة لقواعد المرور وآدابه.

الآداب المرورية

بدوره، قال المحامي علي بوشهري، إنه لاحظ اختلافا كبيرا بين القواعد والآداب المرورية في الكويت وغيرها من الدول الأخرى، خصوصا، الغربية أو الشرق آسيوية، لاسيما فيما يتعلق بالتعامل مع الطريق أو قائدي المركبات، فتعامل قائد المركبة الكويتي مع المشاة يختلف كثيرا عن نظيره في الدول الأخرى.

وأضاف بوشهري: «قبل التوغل في هذه المقارنة الوجيزة، لابد أن نُسلم بأرضية واقعية للمجتمع الكويتي وهي اعتماده بشكل شبه مطلق على المركبة الشخصية أو سيارة الأجرة أو حتى الحافلة عند تنقله من مكانٍ لآخر، على عكس معظم المجتمعات الأخرى التي قد تعتمد على وسائل التنقل الجماعية كالقطارات، أو الشخصية كالعجلات الهوائية، أو المشي لتنقل الأفراد، وهذا لا يعني بالضرورة قصر الوعي الكويتي أو تخلفه، بل هو نتاج لواقع عملي يحتم على المجتمع الكويتي استخدام المركبة الشخصية، وهو توفر إمكانية شراء المركبة ووقودها، وعدم وجود وسائل نقل جماعية جيدة باستثناء الحافلات».

وتابع «ومن ناحية المشي، التشخيص السابق لا يعني عدم استخدام الكثير من أفراد المجتمع الكويتي للمشي كوسيلة للتنقل، خصوصا في المدن والمناطق التجارية والصناعية، وخصوصا الوافدين في البلاد، بل أصبحت حالات الدهس بالخطأ من الأخبار اليومية في الصحف، والتي تنتج من حالة انعدام الأمن العامة في الطرق الكويتية».

محاسبة المشاة!

ولفت بوشهري إلى أن «القواعد المرورية المتعلقة بالمشاة في القانون الكويتي ضئيلة جداً مقارنةً بالقواعد الموضوعة في مدينة فينكس، وأريزونا، في الولايات المتحدة- واختياري لمدينة فينكس لأنها قريبة الشبه مناخياً بالكويت».

وأشار إلى أن «القواعد المرورية في الكويت تحتم على قائد المركبة ألا يعرض المشاة للخطر عند سيره بالقرب منهم وأن يتوخى الحذر، وعند اقترابه من ممر خاصٍ بالمشاة، عليه أن يهدئ سرعة مركبته والسماح لمن بدأ في المشي بالممر بأن يكمل طريقه حتى إخلاء الممر، وذلك لا يعني وجوب إيقاف المركبة إن كان هناك مشاة يريدون عبور الطريق، أي أن المشاة هم من يجب عليهم انتظار خلو الطريق بشكل كامل قبل العبور دون الحاجة إلى وقوف المركبات العابرة لهم».

التقاطع

وذكر أن قواعد المرور تمنع وقوف المركبة على أرصفة المشاة، إلا إذا كانت المركبة متوقفة أمام المنزل الخاص بمالكها، أما في مدينة فينكس، فإن معظم التقاطعات في الطريق محكومة إما بإشارات المرور أو إشارة التوقف أو إشارة تخفيف السرعة، ولابد لقائد المركبة من التوقف بشكل كامل في حالة الإشارة الحمراء أو إشارة التوقف قبل إكمال سيره، وذلك حتى في حال عدم وجود مشاة في الطريق عند إشارة التوقف.

وتابع «أما في حال إشارة تخفيف السرعة، فعلى قائد المركبة إعطاء المجال للمشاة لعبور التقاطع بالوقوف الكامل، وإن كان لا يوجد أي إشارات في التقاطع، فلابد من توقف قائد المركبة للمشاة الذين يريدون عبور الطريق قبل إكمال سيره، أي أن الأولوية في الطريق للمشاة على عكس الكويت».

المركبات

وقال بوشهري، إنه رغم وجود قواعد مشابهة في الكويت من ناحية إشارة التوقف «قف» فإن الالتزام بها من قبل قائدي المركبات شبه منعدم، بالإضافة الى عدم محاسبة من لا يقف كلياً عندها من قبل الشرطة، لافتا إلى أن هذه المقارنة لا تعني تغيير قوانين المرور في الكويت لتقليد قوانين الدول الأخرى، ولكن هي دعوة للاستفادة من التجارب الأخرى لمحاولة معرفة أوجه الخلل في النظام المروري في البلاد، إن كانت موجودة، «فالمشاة جزء من العملية المرورية في الكويت، ولابد من محاولة تفادي تعريضهم للخطر».

الشوارع تفتقر إلى إشارات تسمح بتنقل المارة ولا محاسبة لقائدي السيارات المخالفة

من الضوابط الدولية لسلامة الشوارع تأمين حقوق المارة الصيفي

يتعين تدارك الفراغ التشريعي في القانون لحماية المارة العنزي

قانون المرور يطلب من المشاة التوقف للمركبات لا العكس! بوشهري
back to top