أحمد بدر نصار: نعيش زمن الكتابة السريعة

• روايته «السفينة العمياء» تبحث عن السلام ووقف الصراعات

نشر في 24-02-2019
آخر تحديث 24-02-2019 | 00:15
ينشغل الأديب أحمد بدر نصار في أحدث رواياته «السفينة العمياء»، بالقضايا الكبرى كالصراعات العالمية والحروب الاقتصادية والسلام الدولي، وشارك بها أخيراً في اليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة للكتاب. وكما في أعماله السابقة التي تنوعت بين القصة القصيرة والرواية، يخوض نصار غمار عوالم جديدة على القارئ، كعالم تجارة السلاح، وشبكات التهريب الدولية، وحياة الأرامل واليتامى ومخلفات الحروب... حول روايته وأعماله ورؤيته للواقع الأدبي التقته «الجريدة» في هذا الحوار.

أصدرت أخيراً رواية «السفينة العمياء»، ماذا عنها؟

تدور رواية «السفينة العمياء» في فلك السلام العالمي ورغبة الشعوب في وقف الحروب والصراعات الدائرة، وهي رغبة ملحة لدى كل إنسان يملك شيئاً من الإنسانية والرحمة. كذلك أسلط الضوء على تجار الحروب والموت الذين يشعلون الفتن والصراعات كي تكون سوقاً لبضاعتهم المحرمة، فيبيعون السلاح غير مبالين بكم القتلى وتخريب الدول والحضارات. تطرقت أيضاً إلى ظاهرة التطرف وكيف يستقطب الشباب العربي إلى آتونه، وكيفية معالجة ذلك.

وتتمحوز الرواية حول عم توفيق، موظف في هيئة البريد الذي بعيش في هاجس الحروب ويرغب في السلام، حتى أنه يبعث برسائل إلى كل زعماء العالم يناشدهم السلام، ولكن عمله هذا لا تقبل به الجماعات الإرهابية التي تقتله في النهاية.

بين الخيال والواقع

لمَ ترتكن في الرواية إلى الخيال أكثر من الواقع؟

الخيال هو ما يقودنا إلى تحسين الواقع.

لماذا أطلقت وصف عمياء على السفينة؟

لأن السفينة وهي تضم كل زعماء العالم تسير بلا وجهة، وتتعرض لغبار نووي ما، فيصاب الزعماء بالعمي. من هنا، أطلقت عليها السفينة العمياء، ثم تتعرض للاختفاء وتغيب عن أعين المراقبين. في هذه الحالة، يبدأ كل زعيم يفكر في ما كان يصنعه في إضرار البشرية، ويتفق الجميع على أنهم في حالة نجاة السفينة وإنقاذهم من فم الموت سيكونون أكثر إنسانية ورحمة. ولكن السفينة تأبى الصمود فيحاول كل رئيس مساعدة الآخر ويجلس رئيس أفقر دولة في العالم مع أغنى رئيس دولة أوروبية، يتناولان من طبق واحد لإنقاذ نفسيهما من الموت المحقق. الرسالة هنا، لماذا ننتظر كارثة كي نحمي الأرض من الحروب والدمار؟

إلى أين تتجه بوصلة الكتابة في ظل الواقع المعاش؟

تتعثر الكتابة العربية ولكنها قائمة وتعلن عن نفسها رغم التحديات والصعوبات التي تواجهها.

لديك مجموعة قصصية بعنوان «الرقص على جسد يتألم». ماذا تقصد بالعنوان؟

أعني أننا نعيش في عصر تجبَّر فيه الإنسان إلى حد أننا أصبحنا نعاني أزمات أخلاقية تحتاج إلى وقفة منا. يريد البعض الوصول إلى أهدافه حتى لو على حساب ألم الآخرين من دون رحمة أو هوادة. كذلك ثمة قصة ضمن المجموعة بعنوان «صابرة»، وهي تُعنى بالوحدة العربية، وكيف مزقتنا الخلافات والنزاعات حتى أصبحنا بلا وحدة حقيقية.

أخبرنا عن كتابك «كافر يسكن الجنة».

مجموعة قصصية، القصة الرئيسة فيها «كافر يسكن الجنة»، والرسالة منها أن الحكم المطلق في إدخال الناس إلى الجنة أو النار هو الله وليس لأحد من البشر الحق في الحكم على الناس غير الله خالق البشر. البطل شاب جامعي كان يبدو للناس قبل موته كافراً، ولكن الحقيقة أنه اعترف وآمن بوجود الله فغفر الله له حماقاته وأدخله الجنة. رآه صديقه وهو يدخل الجنة في رؤية وتعجب الناس من حديث أمه أن ابنها قد دخل الجنة. كذلك تصديت للفتاوى الشاذة التي جعلت الناس تنفر من رجال الدين، وشملت المجموعة قصصاً أخرى تناقش عدداً من قضايا المجتمع، خصوصاً قضية غياب الأخلاق في مجتمعنا وأن قوتها من قوتنا وضعفها من ضعفنا.

حراسة الموتى

روايتك الأولى «مجرم في حراسة الموتى» أحد أكثر إصداراتك انشغالاً بالهموم الحياتية. ما رأيك؟

هذه أول رواية لي وفكرتها ظلت تطاردني أكثر من 11 سنة حتى بدأت بكتابتها، وهي تناقش غياب العدالة الاجتماعية، وكيف أن ذلك يصنع مجرمين يعملون على إيذاء المجتمع. يقع البطل تحت ظلم شديد، وهو ابن غفير بسيط، وكان يتعرّض للضرب والإهانة من حفيد العمدة كونه مجتهداً في تعليمه، وعندما يكبر يصبح من كبار رجال الأعمال والسياسة في البلد، ويروح ينتقد من حفيد العمدة الذي أصبح مستشاراً ولكن بنفوذه راح ينقل المستشار في أقصى الصعيد، خصوصاً أن الحفيد تزوج من حبيبته. تسلط الرواية الضوء على قيمة العدالة ودورها في استقرار المجتمعات نموها.

سماحة الإسلام

تحدثت عن فضل المسلمين والعرب على اليهود في كتابك «الإسلام والعرب وإنقاذ اليهود من الفناء». حدثنا أكثر عن الكتاب.

جاء الكتاب ليكشف للعالم مدى سماحة ونبل وأخلاق المسلمين والعرب مع اليهود، خصوصاً أن القوة آنذاك كانت في يد المسلمين والعرب في الأندلس. حتى أن اليهود في دائرة المعارف اليهودية يعترفون بأن العصر الذهبي لهم كان في ظل الحضارة الإسلامية، ما ساعدهم على إحياء لغتهم العبرية مجدداً، من ثم إحياء هويتهم. ولولا سماحة المسلمين والعرب ما كان لليهود بقاء، ولكن للأسف لم يحفظوا الجميل ووقفوا خلف الترسانة الإعلامية لتصدير صور غير حقيقية عن العرب والمسلمين.

ما رأيك في المشهد الأدبي الراهن؟

المشهد الأدبي العربي بخير، وثمة حراك ثقافي أدبي جيد، والأجمل أن الشباب من الأدباء العرب يتصدرون المشهد الأدبي وأعمالهم الأدبية باتت على رأس القائمة الأكثر مبيعاً. عموماً، ثمة حراك واضح في هذا المجال.

ما تأثير مواقع التواصل والأدب الرقمي في الكتاب الورقي؟

أدت مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات دوراً سلبياً في الإقبال على الكتاب الورقي الذي بات سعره مرتفعاً، ولكن الحقيقة الملموسة أنه ما زال يحتفظ برونقه وهيبته فرغم أن ثمة كتباً متوافرة بصيغة «بي دي أف» فإن القراء يحرصون على اقتناء النسخة الورقية.

كتابة سريعة

يبدي أحمد بدر ناصر رأيه في زمن الكتابة اليوم، فيقول: «فضاء واسع اسمه الإنترنت أجبر البعض على السرعة في الكتابة، وأصبح متنفساً، إذا صح التعبير، لكل من لديه الرغبة في إيصال رسالته سريعاً حول موضوع ما عبر الكتابة السريعة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً أن هذه المواقع «صنعت» كتَّاباً بسبب كتاباتهم السريعة، لا سيما من لم يجدوا فرصة لدى دور نشر لإنتاج أعمالهم».

الكتاب الورقي لن يفقد مكانته وعلينا التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي بحب
back to top