الآخر في أدبنا القصصي

نشر في 17-02-2019
آخر تحديث 17-02-2019 | 00:05
 د. خالد عبداللطيف رمضان غالباً ما تصوِّر أية رواية شخصيات أبناء مجتمعها، وهذا منطقي لأن الرواية تصوِّر حركة المجتمع الذي تنتمي إليه في الغالب، مع استثناءات محدودة عندما ينتقل الروائي بالأحداث إلى مجتمعات أخرى مثلما فعل الطيب صالح في «موسم الهجرة إلى الشمال» أو إسماعيل فهد إسماعيل في «الشياح» و{النيل يجري شمالاً».

في أمسية للملتقى الثقافي لطالب الرفاعي، تحدثت الدكتورة أنوار السعد عن الآخر في رواية إسماعيل فهد إسماعيل {بعيداً إلى هناك}، والآخر هي العاملة المنزلية {كوماري} التي اختزل اسمها الطويل كي تتمكن العائلة التي تعمل لديها من مناداتها باسم معروف، كما اختزلت إنسانياً بهذه المهنة التي لم تعرف خلالها الرحمة، وفي ظل ما يقع عليها من ظلم لا تجد الخلاص إلا بالتخلص من حياتها.

تنبهنا هذه الإشارة من الدكتورة أنوار إلى قصص وروايات كويتية أخرى تناولت شخصية الآخر. نجد مثلاً سليمان الخليفي في قصصه الأولى يصور معاناة العمالة الأجنبية في المجتمع الكويتي من خلال قصة تدور أحداثها في الميناء. وفي رواية «ساق البامبو» يفرد سعود السنعوسي أحداث روايته لبطله الذي يعيش قسماً من حياته في مجتمع والدته ثم يرحل إلى الكويت بلد والده كي تبدأ معاناته مع مجتمع له قيمه ومواضعاته ولا يتقبله ولا يستطيع هو التكيف معه. وعندما يضيق به الأفق يعود أدراجه من حيث أتى.

وفي رواية سعداء الدعاس {لأني أسود}، رغم أن قضيتها تتناول نبذ اللون الأسود وممارسة العنصرية تجاهه في أكثر المجتمعات، وتدور الأحداث في الكويت وأميركا، فإن الكاتبة تصور لنا شخصية الآخر الذي لا يستطيع التكيف مع مجتمعنا، «جوان» الأميركية التي تعود إلى ديارها بعد فشل زواجها.

وفي رواية {مدى» لرانيا السعد تصور الكاتبة معاناة الزوجة الأميركية وعدم تكيفها مع البيئة الجديدة، تقع في غرام الطباخ الهندي وتخون زوجها معه، فتطلق، وتنتقل عقدة عدم نجاح زواجها إلى ابنتها التي تفشل هي أيضاً في زواجها.

وفي رواية {قلق} لإسماعيل الشطي، يتناول الكاتب حكاية مراسل صحافي أميركي الجنسية يقدم إلى الكويت في فترة مليئة بالأحداث وتصل إلى ذروتها بالغزو العراقي، ورغم جهد الكاتب في توثيق الأحداث فإنه قدم بطله مغايراً لمجتمعه فهو أميركي من الديانة اليهودية تبعاً لتربيته في مجتمع يهودي، ويكشف لنا الكاتب أصل هذا الآخر الذي يبحث عن والده الكويتي الذي رزق به من فتاة أميركية أيام شبابه، فهل يستطيع هذا القادم من مجتمع مغاير أن يتكيف مع مجتمعه الجديد رغم انتمائه الجيني إليه؟ طبعاً لا يستطيع التكيف بعد عمر أمضاه في المجتمع الأميركي.

ليس من الغريب أن يتضمن إبداعنا القصصي شخصيات من خارج مجتمعنا، فالكويت منذ نشأتها منفتحة على الهجرات من الدول المجاورة إضافة إلى ترحال الآباء بحثاً عن الرزق في التجارة والنقل البحري بين عدد من الأقطار الأسيوية والأفريقية، ما أعطاها خصوصية في الانفتاح والتسامح وتقبل الآخر. وحديثاً، تشكل الكويت في مكوناتها الديموغرافية هيئة أمم، إذ تعيش على ترابها جاليات من مختلف أقطار العالم، فلا عجب أن يكون الآخر حاضراً في إبداعاتنا الفنية والأدبية، فاعلاً ومؤثراً.

back to top