حرب الغاز الأوروبية تقرع طبولها

روسيا تتطلع للهيمنة على سوق الغاز الأوروبي في ظل لا مبالاة ألمانية

نشر في 15-02-2019
آخر تحديث 15-02-2019 | 00:00
No Image Caption
● تيم ديس - أويل برايس

في خطوة يتعين ألا تكون مفاجئة لخبراء الطاقة ولا حتى أولئك الذين يتابعون الأخبار الجيوسياسية في أوروبا، قالت عملاقة الغاز الروسية «غازبروم» في الأسبوع الماضي إنها تتطلع الى نيل حصة أكبر من سوق الغاز بأوروبا في أعقاب الصادرات العالية القياسية عام 2018، لأنها تتوقع حدوث هبوط في إنتاج الغاز بداخل أوروبا يرافق الزيادة في الطلب.

وباعت «غازبروم» العام الماضي أكثر من 200 مليار متر مكعبة من الغاز الطبيعي إلى أوروبا – بما فيها تركيا – بينما ارتفعت حصتها من سوق الغاز في المنطقة الى أكثر من الثلث، بحسب تقرير لوكالة رويترز حول هذا الموضوع.

وقالت ايلينا بيرمستروفا، وهي المسؤولة عن صادرات «غازبروم»، إن الشركة ستتمكن من تعويض الهبوط في الانتاج بالاتحاد الأوروبي، وفي غروننغن الهولندي بشكل رئيسي، والذي كان أكبر حقول الغاز الطبيعي في أوروبا.

وأضافت بيرمستروفا، على هامش مؤتمر الغاز الأوروبي في فيينا، «إن إنتاج بحر الشمال ينخفض أيضا بشكل تدريجي، وهكذا فإن الغاز الروسي يتمتع بمستقبل واعد».

حروب الغاز المستقبلية

ويأتي بيان «غازبروم» فيما يتوقع أن يتجه إنتاج غاز الاتحاد الأوروبي للهبوط خلال الـ12 سنة المقبلة. وبغض النظر عن التطور المحتمل في موارد الغاز غير التقليدية فإن الإنتاج سيهبط 43 في المئة مقابل مستويات عام 2013، بحسب تصريح لصندوق أمن الطاقة الروسي الوطني أخيرا. والأكثر من ذلك أن وكالة الطاقة الدولية، التي تتخذ من باريس مقرا لها، تتنبأ بوصول إنتاج الاتحاد الأوروبي من الغاز إلى النصف بحلول عام 2040.

ويأتي هذا التراجع في الإنتاج أيضا مع استعداد عدد من دول الاتحاد الأوروبي للنأي عن الاعتماد المفرط على الطاقة النووية والفحم، مع منح الفرص للمصادر المتجددة وخاصة طاقات الشمس والرياح ومستوردات الغاز الطبيعي المسال. وعلى أي حال ستتطلب كل هذه المصادر المزيد من الوقت والتمويل للتطوير، قبل أن تستطيع إضافة نسبة مئوية بارزة الى مزيج الكتلة.

والأكثر من ذلك أن التنافس على مزيد من الحصة السوقية من الغاز في أوروبا سيشهد زيادة في حصص الطاقة والجوانب الجيوسياسية تشمل صادرات أنابيب الغاز الروسية والمزيد من الغاز الطبيعي المسال أيضا مع تطوير روسيا لقطاع الغاز الطبيعي المسال في مقابل الأسعار الأعلى للغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة وقطر.

وفي غضون ذلك، يمكن أن توافق قطر (الرائدة عالميا في تصدير الغاز الطبيعي المسال والولايات المتحدة التي ستصبح عما قريب ثالث أكبر دولة مصدرة له) على الارتباط في الغاز الطبيعي المسال لدوافع اقتصادية وجيوسياسية في الأجلين المتوسط والطويل.

وبدأت قطر استثمارات مكثفة في قطاع الغاز الطبيعي المسال بالولايات المتحدة على شكل تنويع مع بدء زيادة الانتاج الأميركي ومنافسة على الحصة السوقية الأوروبية والآسيوية، وتشكل منطقة آسيا – المحيط الهادئ 72 في المئة من الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال، ويتوقع أن تزداد تلك النسبة الى 75 في المئة وسط تحسن الطلب الصيني عليه.

وكانت روسيا احتكرت لعقود طويلة امدادات الغاز، ولفترة تعود الى نهاية الحرب العالمية الثانية، في أوروبا، ما وضعها في موقع جيوسياسي متميز مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وخاصة بولندا ودول البلطيق.

لا مبالاة ألمانية

وعلى أي حال يسعى المزيد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الى الابتعاد عن قبضة موسكو في امدادات الغاز، عبر التحول الى مزيد من الغاز الطبيعي المسال وخاصة من الولايات المتحدة. ويبدو أن دولا كبرى أخرى بالاتحاد الأوروبي، وخاصة ألمانيا، وهي أكبر اقتصاد في الاتحاد، غير مهتمة تماما إزاء خطر الاعتماد المفرط على الغاز الروسي.

ووافقت برلين وسط ضغط من واشنطن على مشروع خط أنابيب السيل الشمالي 2 المثير للجدل الذي يبلغ طوله 759 ميلا، والذي يمتد عبر بحر البلطيق من حقول الغاز الروسية الى ألمانيا، متخطيا الطرق البرية الحالية في أوكرانيا وبولندا وبيلاروسيا – وسيضاعف ذلك السعة السنوية الحالية لخط أنابيب السيل الشمالي البالغة 55 مليار متر مكعبة.

وعلى أي حال كانت الولايات المتحدة تقول منذ زمن طويل إن ذلك يشكل تهديدا للأمن الأوروبي الذي تمثل الولايات المتحدة جزءاً كبيراً منه. وفي 29 يناير نسبت وكالة الأنباء الألمانية دي دبليو الى أحد مهندسي المشروع قوله إن خط السيل الشمالي 2 يجب أن يبدأ العمل بحلول شهر نوفمبر المقبل.

* تيم ديس - أويل برايس

back to top