أوروبا «المُستفَزَّة» تقترب من نهج ترامب مع إيران

دول الاتحاد الأصغر تساند واشنطن بعزل طهران ... وقمة وارسو ستزيد انقسامات «القارة العجوز»

نشر في 20-01-2019
آخر تحديث 20-01-2019 | 00:04
مئات المتظاهرين أمس الأول في العاصمة الأرجنتينية يطالبون بالعدالة، للمدعي العام الراحل البرتو نيسمين الذي اغتيل في 2015، بعد أن اتهم الرئيسة السابقة كرستينا كيرشنر ومسؤولين في إدراتها بالتواطؤ مع إيران في الهجوم على مركز ديني يهودي ببيونس ايرس في 1994 أوقع 85 قتيلاً  (أي بي أيه)
مئات المتظاهرين أمس الأول في العاصمة الأرجنتينية يطالبون بالعدالة، للمدعي العام الراحل البرتو نيسمين الذي اغتيل في 2015، بعد أن اتهم الرئيسة السابقة كرستينا كيرشنر ومسؤولين في إدراتها بالتواطؤ مع إيران في الهجوم على مركز ديني يهودي ببيونس ايرس في 1994 أوقع 85 قتيلاً (أي بي أيه)
تتجه الدول الأوروبية للتقارب مع سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتشددة تجاه أنشطة إيران بعد شعورها بالاستفزاز جراء مواصلة طهران إجراء تجارب صاروخية باليستية، في حين تبدي دول الاتحاد الأوروبي الأصغر موقفاً أكثر صرامة مع استضافة بولندا قمة دولية برعاية أميركية لمواجهة نفوذ الجمهورية الإسلامية في الشرق الأوسط.
تسببت خطوات إيرانية وصفت بالاستفزازية في قرب نفاد صبر الدول الأوروبية بتعاملها مع طهران، التي تواصل إجراء تجارب صاروخية باليستية جاء آخرها خلال محاولة فاشلة لإطلاق قمر صناعي بواسطة صاروخ محلي الصنع.

وفي طهران يوم الثامن من يناير الحالي أثناء اجتماع مع مبعوثين أوروبيين، وقف المسؤولون الإيرانيون فجأة وخرجوا من الباب وأغلقوه بعنف في خرق غير مألوف للبروتوكول.

وكان الدبلوماسيون الفرنسيون والبريطانيون والألمان والدنماركيون والهولنديون والبلجيكيون في غرفة بوزارة الخارجية الإيرانية قد أزعجوا المسؤولين الإيرانيين برسالة مفادها بأن أوروبا لم تعد قادرة على تحمل تجارب الصواريخ الباليستية ومؤامرات الاغتيال على الأراضي الأوروبية.

وذكر 4 دبلوماسيين أوروبيين وقائع الاجتماع، الذي يشير إلى دخول العلاقات بين الدول الأوروبية والجمهورية الإسلامية مرحلة جديدة يبدو فيها الاتحاد المتمسك بـ"الاتفاق النووي" الذي انسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكثر قرباً من نهج الأخير الصارم تجاه أنشطة طهران.

وقال أحد الدبلوماسيين الأربعة: "كان هناك الكثير من الملابسات غير المتوقعة، لم يعجبهم ذلك، لكننا شعرنا أن علينا نقل مخاوفنا الجادة. يُظهر ذلك أن العلاقة باتت أكثر توتراً".

تحول وعواقب

وفي اليوم التالي للاجتماع، فرض الاتحاد الأوروبي أول عقوبات على إيران منذ أن توصلت قوى عالمية لاتفاق في فيينا عام 2015 مع طهران بشأن كبح برنامجها النووي.

كانت العقوبات المتعلقة بتخطيط أجهزة استخبارات إيرانية لعمليات استهداف للمعارضين على الأراض الأوروبية رمزية إلى حد كبير لكن الاجتماع العاصف انطوى على تحول غير متوقع في الدبلوماسية الأوروبية منذ نهاية العام الماضي.

ويقول دبلوماسيون، إن دولا أصغر حجما وأكثر وداعة في الاتحاد انضمت إلى فرنسا وبريطانيا في موقف أكثر صرامة بشأن طهران بما في ذلك النظر في فرض عقوبات اقتصادية جديدة.

وقال ثلاثة دبلوماسيون، إن ذلك يشمل تجميد أصول وحظر سفر على "الحرس الثوري" وعلى إيرانيين يطورون برنامج الصواريخ الباليستية.

ويقترب النهج الجديد من سياسة ترامب المتمثلة في عزل إيران بفرض عقوبات صارمة.

وثار قلق أوروبا من سياسة ترامب التي تحمل شعار "أميركا أولاً" واعتبرت أن قراره بالانسحاب من الاتفاق الإيراني انتكاسة شديدة لكن بدا أن الطموحات الدولية لطهران قدمت لبروكسل وواشنطن فرصة أكبر للعمل معاً.

وبرغم وجود وجهات نظر متباينة في أوروبا، يمكن أن يكون لهذا التحول عواقب تعزز الشعور المناهض للغرب وتؤدي إلى المزيد من التحركات الإيرانية العدوانية في الشرق الأوسط.

وفيما اتهمت إدارة ترامب إيران العام الماضي بأن لها طموحات نووية وبأنها تزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط من خلال دعمها لجماعات متشددة في سورية والعراق ولبنان واليمن كان الاتحاد الأوروبي يسعى لإجراء حوار مع طهران.

وفي اجتماعات ضمت دبلوماسيين أوروبيين وإيرانيين العام الماضي حاولت بريطانيا وفرنسا وإيطاليا الضغط من أجل اتخاذ إيران مبادرات فيما يتعلق بدورها في الحرب السورية والمساعدة في إنهاء الصراع في اليمن.

لكن العديد من المحادثات الثنائية بشأن برنامج الصواريخ الباليستية لم تتمخض عن نتائج.

وقال دبلوماسي بارز في الاتحاد الأوروبي: "هناك شعور بالإحباط بين بريطانيا وفرنسا وألمانيا ودول أخرى بعد المرحلة الأولى من الجهود الدبلوماسية مع إيران".

وحاول الاتحاد أن يظهر لطهران أن الالتزام بالاتفاق النووي لا يزال يعني الحصول على منافع اقتصادية رغم قرار ترامب إعادة فرض العقوبات ووقف صادرات النفط الإيراني عبر الضغط على حلفاء الولايات المتحدة.

ويأتي ذلك في وقت تتشكك القيادات الإيرانية بخطوات الاتحاد.

خلافات وقلق

من جانب آخر، أفادت وثيقة اطلعت عليها "رويترز" أنه في مارس الماضي وفي إطار المساعي لإقناع ترامب بالالتزام بالاتفاق النووي، اقترحت فرنسا وبريطانيا وألمانيا تجميد أرصدة "الحرس الثوري" وشركات وجماعات إيرانية تطور برنامج طهران الصاروخي وفرض حظر سفر عليها.

ويقول ثلاثة دبلوماسيين، إنه يجري الإعداد الآن لسلسلة إجراءات مشابهة. وقال دبلوماسي أوروبي كبير: "نفضل عدم اتخاذ الإجراءات لكن عليهم أن يكفوا عن محاولة قتل الناس على أراضينا كما أنهم على مدى السنوات الثلاث الماضية طوروا برنامجهم للصواريخ الباليستية".

وذكر أربعة دبلوماسيين أن مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد فيديريكا موغيريني، التي ساعدت في إتمام اتفاق 2015، تشعر بالقلق من التحرك أسرع من اللازم خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى انهيار الاتفاق بشكل كامل.

وكان وزراء خارجية الاتحاد يعتزمون إصدار بيان مشترك فريد من نوعه يوم 21 يناير بشأن ما يقولون، إنه تدخل إيران في المنطقة وكانوا يريدون الدعوة لإنهاء التجارب الصاروخية. لكن دبلوماسيين قالوا إن موغيريني أرادت وضع الآلية الخاصة التي تسمح بالتجارة مع إيران رغم العقوبات الأميركية أولاً.

ونفى مسؤول في الاتحاد أي انقسام في السياسة بين موغيريني وحكومات التكتل، قائلاً إن البيان سينشر بمجرد إطلاق الآلية.

وقال دبلوماسيون، إن حكومات شرق أوروبا قد تتمادى في اتخاذ إجراءات ضد إيران لإرضاء ترامب مقابل ضمانات أمنية ضد روسيا.

وذكر دبلوماسيون من التكتل أن مؤتمراً دعا إليه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وسيستمر يومين في بولندا خلال شهر فبراير المقبل، وسيتناول الشرق الأوسط ونفوذ إيران يمكن أن يحدث انقساماً بين شرق أوروبا وغربها.

وقال مسؤول من الاتحاد، إن موغيريني لن تحضر بسبب ارتباط رسمي آخر وليس من الواضح مستوى التمثيل الذي سترسله فرنسا وبريطانيا وألمانيا.

وقال دبلوماسي آخر "من الواضح أن هناك مخاطر في الحضور. ورغم أننا لا نعتقد أن إيران ستنسحب من الاتفاق النووي، فنحن لسنا بحاجة لدفعهم إلى حافة الهاوية وتعميق خطر سباق التسلح في الشرق الأوسط.

back to top