كلما تفاقم الانقسام استفحل الاستيطان

نشر في 30-12-2018
آخر تحديث 30-12-2018 | 00:09
لن يتغير السلوك الإسرائيلي ولن يتراجع الدعم الأميركي له، ببيانات الاستنكار والإدانة، بل سيتغير فقط عندما نغير ميزان القوى بيننا وبينه، وأول شرط لذلك إنهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني، ومجابهة المتآمرين علينا بصفوف وقيادة موحدة.
 مصطفى البرغوثي تسارعت الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية بصورة غير مسبوقة فيما يبدو مشهداً مكرراً بأن تصعيد الاستيطان واستباحة حياة الفلسطينيين هما سلاح نتنياهو، وأحزاب ائتلافه المتطرف، لخوض المعركة الانتخابية.

ولن تؤثر في نتنياهو بيانات الاستنكار الأوروبية، التي تعيد التأكيد كل مرة على أن النشاطات الاستيطانية غير شرعية، وهي ستبقى، على أهميتها، غير مؤثرة ما لم تترافق مع إجراءات عقابية ضد إسرائيل ومستعمراتها الاستيطانية.

وإذا كان طبيعياً أن تقوم أطراف دولية وأجنبية بإصدار بيانات الاستنكار والإدانة، فإنه من غير الكافي أن تكون ردود أفعال المؤسسات الرسمية والقوى الفلسطينية، مجرد بيانات إدانة واستنكار كذلك، لأن المتوقع من الجانب الفلسطيني إجراءات قادرة على ردع الحكومة الإسرائيلية، وقادرة على التصدي لوقاحتها التي وصلت إلى حد إصدار المحكمة العليا الإسرائيلية قراراً يلزم حكومتها باقتطاع 14 مليون شيكل من الضرائب التي تجبى من عرق جبين المواطنين الفلسطينيين، لدفعها كتعويضات لعملاء الاحتلال الذين ارتكبوا جرائم لا تغتفر ضد أبناء وبنات شعبهم.

كتبت الأسبوع الماضي عن الاستباحة الخطيرة التي يمارسها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين، وعن عمليات الإعدام والقتل الميداني الوحشي التي مارسها ضد العديد من الشهداء داخل المدن والقرى الفلسطينية، دون رادع، وقد وصلت الاستباحة إلى حدود لا يمكن احتمالها، أو تبرير تجاهلها، بأي حال من الأحوال.

وما هو واضح وجلي، أن وقاحة مخططي صفقة القرن، ودعاة تصفية القضية الفلسطينية، ونشطاء الاستعمار الاستيطاني، تتصاعد طردياً مع تفاقم حالة الانقسام الفلسطيني، والتي وصلت مؤخراً إلى مستوى خطير يهدد بتحول الانقسام إلى انفصال كامل بين الضفة والقطاع، وهو بالضبط ما تهدف له صفقة القرن، ومشاريع الليكود منذ أفشل نتنياهو ما يسمى بعملية السلام، ومنذ ما قام به شارون من اجتياحات مدمرة للضفة الغربية، ومن ثم تنفيذ خطة فصل قطاع غزة وفرض الحصار عليه.

لن يتغير السلوك الإسرائيلي ولن يتراجع الدعم الأميركي له، ببيانات الاستنكار والإدانة، وسيتغير فقط عندما نغير ميزان القوى بيننا وبينه، وأول شرط لذلك إنهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني، ومجابهة المتآمرين علينا بصفوف وقيادة موحدة.

لم تنجح غزوات الإفرنج في احتلال ساحل بلاد الشام والقدس وسائر فلسطين إلا بفضل احتدام الصراعات بين الإخوة والأشقاء، ولم ينجح صلاح الدين في استردادها بعد مئتي عام إلا بعد أن وحدهم، فلنتعلم من تاريخنا.

*الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية

back to top