النعاس نهاراً... مؤشر على الزهايمر؟

نشر في 18-10-2018
آخر تحديث 18-10-2018 | 00:00
No Image Caption
استنتج العلماء في دراسة حديثة أن الشعور بنعاس فائق خلال النهار ربما ينذر بنشوء الزهايمر في مراحل لاحقة من الحياة.
يُعتبر داء الزهايمر أبرز شكل من الخرف. رغم زيادة شيوعه، لا تزال الخيارات العلاجية ناقصة ولا يتوافر علاج شافٍ له.

تبقى الأسباب الدقيقة وراء المرض مجهولة، لذا تعمد أبحاث كثيرة إلى استكشاف العوامل التي تزيد خطر الإصابة بالزهايمر. من خلال رصد عوامل الخطر، يمكن تقليص احتمال التعرّض للمرض.

حتى الآن، اُكتشف عدد من عوامل الخطر تلك، أبرزها العمر. يكون معظم الأشخاص الذين يصابون بالزهايمر في عمر الخامسة والستين وما فوق. وبعد عمر الخامسة والثمانين، يصبح ثلث الناس تقريباً معرّضين للمرض.

تؤدي العوامل الوراثية دوراً مؤثراً في هذا المجال أيضاً. تزيد نسبة الخطر إذا كان أحد أفراد العائلة مصاباً بالمرض، وقد برز رابط قوي بين جينات محددة وخطر الإصابة بالزهايمر.

قد تكون الحمية الغذائية مؤثرة أيضاً، وحتى النشاطات العقلية والجسدية تنعكس على ذلك الاضطراب. كذلك، ذكرت أحدث الأبحاث أن النوم قد يُضاف قريباً إلى هذه اللائحة.

النوم عامل خطر

نُشرت الدراسة الجديدة في مجلة «النوم» وتولى الإشراف عليها الدكتور آدم سبيرا، أستاذ مساعد في «كلية بلومبيرغ للصحة العامة» التابعة لجامعة «جونز هوبكينز» في «بالتيمور».

يقول سبيرا: «على نطاق واسع، تُعتبر عوامل الحمية الغذائية والتمارين الجسدية والنشاطات المعرفية أهدافاً محتملة بارزة للوقاية من الزهايمر، لكن لم يصل النوم إلى هذه المكانة بعد مع أن المعطيات قد تتغير قريباً».

سعى الباحثون تحديداً إلى فهم الرابط بين الشعور بنعاس فائق وفترات القيلولة خلال النهار وبين تراكم صفائح البيتا أميلويد في الدماغ، علماً بأنه مؤشر أساسي على نشوء الزهايمر.

قد يكون فهم الروابط القائمة بين النعاس والزهايمر مهماً في هذا المجال. يوضح سبيرا: «إذا كان اضطراب النوم يؤثر في نشوء الداء، فقد نتمكن من معالجة المصابين بمشاكل في النوم لتجنب هذه النتائج السلبية».

لاستكشاف الموضوع، راجع الباحثون بيانات مأخوذة من «دراسة بالتيمور الطولية للشيخوخة» التي راقبت صحة آلاف المشاركين منذ عام 1958. كان الاستطلاع الذي جرى بين عامَي 1991 و2000 مثيراً للاهتمام. اتّضحت أهمية سؤالين محددين في الدراسة:

• «هل تشعر بالنعاس أو تنام خلال النهار مع أنك ترغب في الحفاظ على يقظتك»؟ كان هذا السؤال مغلقاً، بمعنى أن إجابته تقتصر على «نعم» أو «لا».

• «هل تأخذ قيلولة»؟ كانت الأجوبة متعددة الخيارات: «يومياً»، «مرة أو مرتين أسبوعياً»، «ثلاث إلى خمس مرات أسبوعياً»، «في حالات نادرة أو مطلقاً».

كجزءٍ من دراسة «بالتيمور» أيضاً، خضع بعض المشاركين لمسوحات دماغية لرصد صفائح البيتا أميلويد في الدماغ.

تحليل أثر النوم

في المُحصّلة، أجاب 123 مشاركاً عن أسئلة الاستطلاع وخضعوا لمسح دماغي. حصلت المسوحات بعد الاستطلاع بـ16 سنة.

بحث العلماء بعد ذلك عن روابط بين النعاس والقيلولة نهاراً وصفائح الزهايمر. بعد تعديل العوامل التي قد تؤثر في النعاس، مثل الجنس والعمر ومستوى التعلّم ومؤشر كتلة الجسم، بقي الرابط القائم بارزاً.

اكتشف الباحثون أن الأفراد الذين اعترفوا بشعورهم بنعاس فائق في النهار كانوا أكثر عرضة لتراكم البيتا أميلويد بمعدل 2.75 مرة. وحين حللوا مدة القيلولة نهاراً، اتخذ الرابط منحىً مشابهاً لكن لم تكن النتائج مهمة من الناحية الإحصائية.

يتعلق السؤال المهم في المرحلة اللاحقة بالسبب الذي يفسر الرابط بين النعاس نهاراً وبين تراكم صفائح الزهايمر. يتطلب اكتشاف الجواب فترة أطول. ربما ينجم النعاس خلال النهار عن عوامل تُضعِف نوعية النوم، من بينها انقطاع التنفس أثناء النوم للحظات وجيزة ليلاً.

في هذه الحالة، لن يرتبط تراكم الصفائح مباشرةً بالنعاس خلال النهار بل بالنوم المتقطع ليلاً.

مسائل عالقة

تقييم العلاقة السببية بين مختلف الظواهر أمر بالغ الصعوبة. أوضح المشرفون على الدراسة: «لا نستبعد الفكرة القائلة إن صفائح الأميلويد التي كانت موجودة في فترة تقييم النوم هي التي سببت النعاس».

هل صفائح البيتا أميلويد مسؤولة عن شعور التعب أم أنّ قلة النوم تزيد نشوء الصفائح؟ استنتجت دراسات سابقة جرت على نماذج حيوانية أن تراجع مدة النوم خلال الليل يزيد تراكم البيتا أميلويد على ما يبدو. كذلك، رصد بعض الدراسات على البشر روابط بين قلة النوم وتراكم الأميلويد.

صحيح أن الدراسة الأخيرة لا تطرح أدلة جازمة حول تأثير قلة النوم في نشوء ألزهايمر، لكنها تُضاف إلى مجموعة الأدلة المتزايدة في هذا المجال.

قد يُضاف النوم قريباً إلى عوامل الخطر القابلة للتعديل والمُسببة للزهايمر، وستكون هذه النتيجة مهمة حتماً. يقول سبيرا: «لا يتوافر علاج نهائي لألزهايمر حتى الآن، لذا يجب أن نبذل قصارى جهدنا للوقاية منه. وحتى لو ظهر العلاج المنشود، لا بد من التشديد على أهمية الاستراتيجيات الوقائية. قد يكون إعطاء الأولوية للنوم جزءاً من الطرائق التي تسمح بالاحتماء من المرض أو إبطاء مساره».

تراجع مدة النوم خلال الليل يزيد تراكم البيتا أميلويد المسؤولة عن نشوء الزهايمر
back to top