الزمن الجميل (2)

نشر في 02-10-2018
آخر تحديث 02-10-2018 | 00:09
يا لها من أوقات تملأ السعادة نفوسنا، فلم نكن نحمل هموم الدنيا، بل كان اللعب مبلغ غايتنا، ويا لها من أوقات رائعة عندما نذهب إلى مسجد الفضالة الذي لا يبعد عن بيوتنا كثيراً، فنقوم بتنظيف السجاد ثم صحن المسجد، وبعدها نقوم بتعبئة "قرو" الماء لوضوء المصلين.
 يوسف عبدالله العنيزي استكمالاً للمقال الأول، وبعد أن طرحت السؤال على نفسي: هل كان ذلك الزمن جميلاً؟ فأحسست بكل جوارحي تهتف نعم... نعم، كم كان جميلا بكل ما فيه من قسوة الحياة! يا لها من "يمعة"! منهم الإخوة عبداللطيف الرقم وعبدالله المزيني وعبدالرحمن النمش وعبدالمحسن الخلفان وعبدالوهاب المزيني ومبارك عاشور وغيرهم من صحبة طيبة.

يا لها من أوقات تملأ السعادة نفوسنا، فلم نكن نحمل هموم الدنيا، بل كان اللعب مبلغ غايتنا، ويا لها من أوقات رائعة عندما نذهب إلى مسجد الفضالة الذي لا يبعد عن بيوتنا كثيراً، فنقوم بتنظيف السجاد ثم صحن المسجد، وبعدها نقوم بتعبئة "قرو" الماء لوضوء المصلين.

بدأت حياتي الدراسية فى مدرسة "ملا مرشد"، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وكان مدرسنا "ملا سليمان"، وكان، رحمه الله، يتميز بالسماحة وطلاقة الوجه ونفس مؤمنة بربها، وكان يدرسنا نطق الحروف الأبجدية وبعض قصار السور، وكنا نجلس أمامه متربعين على الحصير الذي يترك آثاره على أقدامنا الصغيرة، بعد أشهر انتقلت إلى مدرسة "المرقاب" الابتدائية، في ذلك المبنى المتواضع والرائع، الذي يتكون من دورين وبشكل مربع، ويوجد في الساحة ملعب كرة السلة وكرة الطائرة وساحة طابور الصباح.

كان للمدرسة بابان أحدهما جنوبي يؤدي إلى مسجد الوزان ثم مسجد الحمد، ومقابل الباب بقالة العم "مصبح"، وهو من سلطنة عمان، أما الباب الشمالي فيؤدي إلى مسجد الفضالة وفريجنا، وللذكرى فقط عند الباب كانت سيدة إفريقية تفترش الأرض وتبيع "سبال"، وكان المكيال استكانة شاي، وإني على يقين بأن هذه الصور المتواضعة والبسيطة قد أثارت شجون من عاش تلك الأيام في مدرسة المرقاب الابتدائية.

كان من ضمن أساتذتنا الكرام، جزاهم الله كل خير، الأستاذ نجم الخضر، والأستاذ يوسف الحنيان، والعم الفاضل مبارك العنيزي، وصالح النصرالله، وغيرهم من نخبة من أساتذة كرام كان لهم الفضل بعد الله في تعليمنا، وكان ناظر المدرسة المعلم الفاضل عبدالحميد الحبشي، وهو من ضباط الجيش المصري الذين تم انتدابهم للعمل في الكويت في تلك الأوقات، وما زالت صورته محفورة في الذاكرة بقامته الفارعة ولونه الأسمر الذي يدل على انتمائه إلى منطقة "النوبة" في مصر العزيزة.

بعد مدرسة المرقاب انتقلت إلى مدرسة حولي المتوسطة في فترة كانت مليئة بالأحداث والأصدقاء، وكان من أبرز مدرسينا المغفور له بإذن الله الأستاذ محمود شوقي الأيوبي، وكان يدرسنا مادة التربية الإسلامية بطريقة فيها الكثير من التشويق والرهبة والإنصات التام لحديثه الذي يخاطب العقول والقلوب، نعم كان زمناً جميلاً بكل ما فيه، حتى ذكراه تبعث في الوجدان النشوة.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

اسألي الهيرات عني*

ناس ارغدوا واثروا وهم مستريحين

واللي شقوا ما حصلوا إلا الهبني

يوم السفر والغوص وبيوتك الطين

روحي اسألي الهيرات يا كويت عني

يوم صفا جنبك وزرعك غدا زين

والخضر هلن والعجاف ادبرن

حنا غدينا من جناك محرومين

ما ينفعك يا كويت بالعسر واللين

إلا عيالك وخذي العلم مني

* كلمات معبرة للشاعر صالح النصر الله.

back to top