باب القدوة مخلع

نشر في 22-09-2018
آخر تحديث 22-09-2018 | 00:04
 يوسف سليمان شعيب بعد بداية العام الدراسي لهذا السنة، أخبرني أحد أولياء الأمور عن هذا اليوم، عندما رافق ابنه المنتقل من المرحلة المتوسطة إلى المرحلة الثانوية، حيث حرص كولي أمر أن يلتقي بالمدرسين وإدارة المدرسة ويرى عن قرب ما يحدث في المدرسة، من حيث استقبال الطلبة والترحيب بهم، ومعرفة الجو العام في المدرسة.

وعند وصوله للمدرسة، دخل مع ابنه واستدل على فصله، ووقف يشاهد الحركة داخل المدرسة في هذا اليوم، وما هي إلا دقائق ويدق جرس المدرسة معلناً بداية طابور الصباح.

وكالمعتاد في طابور الصباح، باشر الطلاب ممارسة التمارين الصباحية الخفيفة، ثم رفع العلم وتحيته والنشيد الوطني، وأعقب ذلك برنامج الإذاعة، ثم تحدث مدير المدرسة مرحبا بالطلبة والمدرسين، ومهنئا إياهم بالعام الجديد، وحث الطلبة على الدراسة والمذاكرة منذ البداية، كما وجه لهم بعض التوجيهات والنصائح من الباب الخوف عليهم وعلى مستقبلهم.

يقول ولي الأمر فرحت بذلك، وارتاحت نفسي لما قاله مدير المدرسة، ولكن فاجأني ذلك المعلم، الذي يقف بجانب سارية العلم ممسكا بالمايكروفون، ويحدث الطلبة بنبرة تهديد ووعيد، حيث وجه كلامه إلى الطلبة بأن إدارة المدرسة لن تسمح لطالب بدخول المدرسة وشعر رأسه طويل وغير مهذب، وسيتم إخطار ولي الأمر بذلك إن حدث.

فقلت لولي الأمر: «وماذا في ذلك.. فهذا أمر حسن، يدفع الطلبة إلى الاعتناء بمظهرهم، وحتى يكون جميع الطلبة بمظهر واحد»، فأشار ولي الأمر برأسه وكأنه يرفض ما قلته، ولم يكن لي متسع من الوقت لأسأله عن سبب رفضه، حتى جاوبني: «أليس من الأجدر والأفضل ومن باب القدوة أن يكون المعلم بتلك الصفة؟»، فقلت: وضّح، فقال: المعلم الذي وجه التهديد والوعيد، شعره قد غطى كتفيه! فتعجبت من ذلك، وقلت: معقول، فقال: نعم، مكملاً: وإذا كان المعلم أو إدارة المدرسة حريصين على المظهر، فلم تسمح لمعلم بأن يخالف هذا التوجه؟!

ودون استكمال القصة، نقف هنا لنقول: عندما تريد أن يسمع الطرف الآخر ما تقول ويمتثل له، فعليك أن تكون مبادرا في فعل الشيء قبل الآخرين، وبما أنك في صرح تربوي وتعليمي، وأنت الذي تبعث بالرسائل التربوية والتعليمية والتي من خلالها يُعدَّل ويقوم السلوك، فلابد أن تكون متطابقا مع ما ترسله من رسائل وملتزما بها.

فإذا كان مطلوباً من الطالب أن يراعي مظهره، فعلى المعلم من باب أولى أن يكون حسن المظهر، ولا يعني هذا أننا نفرض قيودا على أحد، ولكن إذا أردنا أن ننشئ جيلاً له قيمه وأخلاقه المبنية على الدين والعادات والتقاليد، فعلينا أن نكون أول من يلتزم بذلك، ولا نكون ممن ينطبق عليه المثل القائل «باب النجار مخلع».

وما أنا لكم إلا ناصح أمين.

back to top