نفوذ الصين يطلق الحملة الدفاعية بين أميركا والهند

نشر في 22-09-2018
آخر تحديث 22-09-2018 | 00:00
جيمس ماتيس
جيمس ماتيس
شهدت الأسابيع القليلة الماضية تقدماً لافتاً في العلاقات الدفاعية بين الولايات المتحدة والهند، وتوجه وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس ووزير الخارجية مايك بومبيو يرافقهما رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دنفورد الى الهند للاجتماع مع نظيريهما وزير الخارجية سوشما سواراج والدفاع نيرمالا سيثارامان في ما أطلق عليها قمة «2 + 2»، وتم خلال هذه الزيارة توقيع اتفاقيات بارزة هدفت الى تعميق التعاون بين البلدين في جهودهما الرامية الى تحسين الاستقرار الاقليمي.

وتبرز العلاقة الأمنية الأميركية – الهندية من خلال أساس قوي يمثل المصالح والعقائد المشتركة، وقد استثمرت الدولتان في استقرار اقليم الهند – وهما تريدان السيطرة على باكستان واستقرار أفغانستان ووضع حد لانتشار نفوذ الصين.

وعلى أي حال، قد تعمل علاقات الهند مع خصوم الولايات المتحدة على شكل عقبة أمام تحقيق مزيد من التعاون بين البلدين، وعلى سبيل المثال فإن التحدي الذي يواجه ادارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتمثل في كيفية تحديد التوازن بين شراكتها مع الهند ومع السياسات التي تستهدف خصوم واشنطن.

ولحسن الحظ فإن سياسة الهند الخارجية قد تكون مفيدة بالنسبة الى الولايات المتحدة في سعيها الى تحقيق أهداف اقليمية اخرى، كما يمكن أن تعتبر وسيلة لخدمة مصالح الدولتين.

ومن الواضح أن ادارة ترامب تثمن دور الهند على المسرح العالمي والتزامها بتنمية نفوذ شريكتها، وأوضح وزير الخارجية الأميركي بومبيو ذلك بقوله: «نحن ندعم بشكل تام صعود الهند»، بينما قال الجنرال دنفورد إن «الهند واحدة من أهم شركائنا الأمنيين ولها دورها المتميز على الصعيد الدولي».

ويتمثل الجانب الذي يدفع الى التفاؤل في أن الرئيس ترامب لم يتجاهل ما قامت به الإدارات الأميركية السابقة ازاء الهند. وقد جعل الرئيسان جورج بوش وباراك أوباما العلاقات مع نيودلهي أولوية قصوى ووقعا اتفاقيات مهمة على الصعيد الأمني معها كانت ذات تأثير لافت في بناء الشراكة التي تحققت بين البلدين في الوقت الراهن، ونتيجة لذلك أصبحت الولايات المتحدة ثاني أكبر مزود أسلحة للهند، كما بلغ اجمالي مبيعات السلاح اليها 15 مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية.

زمن الحرب الباردة

وكان حذَر الهند من الولايات المتحدة قد بدأ يتراجع في فترة الحرب الباردة، مما مكن من إقامة تعاون أعمق في الشراكة الأمنية. وخلال القمة الوزارية الأخيرة المشار اليها وقع المسؤولون اتفاقية أمنية كانت تعثرت لعدة سنوات بسبب مخاوف نيودلهي من الانكشاف على القوات المسلحة الأميركية.

وتجدر الاشارة الى أن هذه الاتفاقية تمنح الهند امكانية الوصول الى شبكات الاتصالات الأميركية ومشاركة تسمح بتحسين التعاون الأمني بين الجيشين، كما وافق كبار المسؤولين أيضاً على اجراء تدريبات مشتركة بين القوات الجوية والبحرية بين البلدين في الساحل الشرقي للهند في العام المقبل.

العلاقات الشائكة

وعلى أي حال، كان البعض من العلاقات التاريخية الهندية يتعارض مع المصالح الأميركية وقد برز ذلك بشكل جلي في روابط نيودلهي مع روسيا وايران. وكانت روسيا شريكاً مقرباً من الهند طوال عقود من الزمن على الرغم من أن تلك العلاقات أصبحت متوترة بقدر أكبر في السنوات القليلة الماضية مع ازدياد قوة العلاقات بين الهند والولايات المتحدة. وفي حقيقة الأمر، تخطط الهند لشراء أنظمة دفاع جوي روسية من طراز اس – 400 وهي خطوة يمكن أن تنتهك العقوبات الأميركية على مشتريات السلاح من موسكو. ولم يتم حل هذه القضية خلال قمة الأسبوع الماضي لأن الهند لم تفرغ بشكل نهائي من هذه الصفقة كما أن واشنطن لم تمنحها استثناء من تلك العقوبات بحيث تتمكن من المضي قدماً في الخطوات النهائية لهذا الغرض. وعلى أي حال، توجد طريقة تعمل لمصلحة الولايات المتحدة وذلك اذا فكرت الهند في شراء بدائل أميركية للصواريخ الروسية.

وتجدر الاشارة الى أن استبدال اعتماد الهند على الأسلحة الروسية بأنظمة أميركية سوف يمثل عملية انتقال سهلة نظراً لقيام نيودلهي في الآونة الأخيرة بشراء تقنيات دفاعية من الولايات المتحدة. وقد أتمت الهند أخيراً شراء 24 مروحية متعددة الاستعمالات من طراز ام اتش 60 روميو من شركة سيكورسكي – لوكهيد مارتن المخصصة لكشف ومتابعة واصطياد الغواصات المعادية. واضافة الى ذلك فقد وافقت نيودلهي أيضاً على شراء نظام صواريخ -2 دفاعي متقدم من شركة رايثيون بقيمة مليار دولار وكانت الهند أول دولة تشتري طائرة بي – 8 بوسيدون البحرية المخصصة لعمليات الرصد والمتابعة.

وتسعى الهند أيضاً الى شراكة مستقبلية مع شركات الدفاع الأميركية لتزويدها بمروحيات بحرية لاستبدال أسطولها العتيق من طائرات ألويت وتشيتا وتشيتاك، وحرص بعض المنافسين على تضمين صفقات الشراء أنظمة تاتا المتقدمة ومروحيات بيل 429 وطائرات لوكهيد مارتن اس – 76 دي. ويتعين على الولايات المتحدة الاستفادة من مبيعات السلاح إلى الهند على شكل وسيلة لتعميق التعاون المشترك ومنع روسيا من تحقيق نفوذ على شريك يتسم بقيمة عالية.

عقبات التطبيق

قد تثبت شراكة الهند مع ايران أنها أكثر تعقيداً بالنسبة الى الولايات المتحدة، وذلك في ضوء اعتماد البلدين على العلاقة في امدادات النفط. وتعتبر طهران ثالث أكبر مزود للنفط الى الهند التي تعتبر ثاني أكبر دولة مشترية للنفط من ايران بعد الصين. ولم تردع الجولات السابقة من العقوبات الأميركية العلاقات بين البلدين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية: «نحن لا نتشاطر علاقات جيدة وقوية ونحن على اتصال مع إيران حول عدة قضايا، بما في ذلك تداعيات انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع طهران».

وعلى أي حال، يمكن لعلاقات نيودلهي مع طهران أن تساعد الولايات المتحدة على تحقيق أغراض اخرى. والهند دولة مستثمرة كبيرة في بناء ميناء تشاباهار في ايران الذي تخطط لتشغيله في العام المقبل، وسوف يعطي هذا الميناء الهندامكانية وصول أفضل الى أفغانستان وإقامة ممر لنيودلهي كي تصبح أكثر انخراطاً في أمن واستقرار كابل، وهو هدف سعت اليه الولايات المتحدة عبر علاقاتها مع الهند منذ سنوات. ويمكن لهذا الميناء أن يزود أفغانستان أيضاً بممر تجاري بديل بغية خفض اعتمادها على باكستان، وربما يكون من مصلحة الولايات المتحدة في نهاية المطاف السماح للهند بإنهاء بناء الميناء الايراني من أجل معالجة المخاوف الأمنية الاخرى.

العلاقات المتصاعدة

العلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة والهند تسير في خط تصاعدي ثابت، ومع تراجع القلق في الهند من شراكة أعمق مع واشنطن سوف تتمثل العقبة الأكبر في علاقة نيودلهي مع خصوم الولايات المتحدة. وعلى أي حال، يمكن لهذه الروابط أن توفر فرصاً أكثر لواشنطن من أجل تعميق شراكتها مع الهند وتشجيع نيودلهي على لعب دور أكثر نشاطاً في تعزيز الأمن الاقليمي. وسوف يتعين على ادارة ترامب اعادة تقييم أولوياتها الدولية وكيفية تنافسها على الصعيد العملي. وفي نهاية المطاف تشكل التزامات الادارة الأميركية ازاء الهند استثمارات راسخة كما أن الشراكة الأمنية بين الولايات المتحدة والهند قد تنطوي على تأثير مستمر على التحالفات العالمية.

back to top