اتساع «حكومة الظل» يتطلب تغييراً جوهرياً في استراتيجية مواجهة الفساد

التمدد البيروقراطي الضخم يجعل حكومة الكويت «الأكبر» في العالم

نشر في 15-07-2018
آخر تحديث 15-07-2018 | 00:00
No Image Caption
في مناسبتين خلال عامي 2014 و2015، كتبنا حول حكومة الظل، أو ظاهرة إسهال تأسيس وديمومة هيئات ومؤسسات ولجان وأجهزة عامة موازية لوزارات الدولة، وأحصينا أخيراً نحو 42 مؤسسة من دون احتساب بعض الهيئات العامة، مثل لجنة المناقصات المركزية والهيئة العامة للاستثمار وغيرهما، ويظل ذلك ليس حصراً دقيقاً.

وكان عدد مماثل من تأسيس الشركات الكويتية المقفلة حصيلة اجتهاد خطر للقطاع الخاص في حقبة المناخ، ويبدو أن القطاع العام هذه المرة يستنسخ تجربة فاشلة عمرها نحو 36 سنة.

بعض هذه الهيئات مستحق ويؤدي دوره، ومعظمها لم يكن هناك في الأصل حاجة إليه، وأصبح عبئا كبيرا على المالية العامة في ظروف البلد الحالية، وبعضها دوره سلبي، لأنه يزيد من حجم البيروقراطية العقيمة، ويعمق مشاكل الدورة المستندية، بما يعيق مشروعات التنمية وجهود الإصلاح، إن وجدا.

وذكرنا في مناسبتين سابقتين أن هذا التمدد البيروقراطي الضخم يجعل من حكومة الكويت أكبر حكومة في العالم، ليس في الحاضر وحسب، وإنما على مدى التاريخ المقروء، فهي توظف كويتيا مقابل كل كويتي بالغ، وتدعم ما عداهما، وفي ظروف سوق النفط الحالية، هو واقع غير مستدام، ومخاطره عالية حين نعرف أن هناك نحو 400 ألف مواطنة ومواطن قادمون إلى سوق العمل في 15 سنة قادمة.

وحسب "الشال"، فكل خطب النصح الحكومية، نصت على وقف الجديد وحل أو دمج غالبية تلك الهيئات القائمة، ولكنها تمددت في واقع الحال، مع استثناء واحد، ولعل آخرها ما تم تداوله في مجلس الأمة في آخر جلساته حول إنشاء هيئة تعنى بشؤون المنشطات.

ومادامت الحكومة عاجزة عن تبني سياسات إصلاح اقتصادي هدفها خلق فرص عمل حقيقية لمواطنيها، ومادام النفط عاجزا عن تغطية عجز الحكومة، فإن لاىوجود تلك المؤسسات سوف يختصر الزمن حتى تتسع قاعدة البطالة السافرة، مع احتمال أن تتحول البطالة المقنعة إلى سافرة.

وما لا يمكن استدامته، لابد من مواجهته، فمعظم تلك المؤسسات أنشئ في زمن الوفرة النفطية، إما لمواجهة الطلب على الوظائف العادية بخلق وظائف وهمية، أو لشراء ولاءات نافذين ونواب في تعيينات باراشوتية في الوظائف القيادية لتلك الهيئات. ومعظمها، ليس لها استراتيجيات وأهداف، وعليه لا تخضع للمراجعة والتقييم من أجل محاسبتها وتقرير جدوى استمرارها من عدمها.

ولا بأس من ذكر بعض الأمثلة، فإلى جانب لجان حماية الأموال العامة، برلمانية أو أهلية، هناك ديوان محاسبة وجهاز مراقبين ماليين وهيئة مكافحة فساد، وكلها مؤسسات مستحقة. لكن كثافتها لم تحد من استشراء الفساد في الكويت، وذلك يعني أن العيب كامن في مواقع تتعدى سلطات تلك الهيئات، ولابد من تغيير جوهري في استراتيجية مواجهة الفساد بالانتقال من مراحل التشخيص إلى مرحلة المواجهة. ذلك أيضاً ينطبق على هيئة تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو جهاز مستحق أيضاً، فمنذ تأسيسها في عام 2013، وحتى عام 2017، ومسار تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل في انخفاض، باستثناء سنة واحدة. والواقع، أن قيمة الاستثمارات الداخلة بلغت أدنى مستوياتها على الإطلاق في عام 2017، وفي نفس السنة، أي في عام 2017، زادت مصروفات الهيئة بنحو 76 في المئة، ولا نعرف ماهية أسس تقييم نجاح أو عدم نجاح عمل تلك المؤسسات.

هذان مثالان لمؤسسات مستحقة، لها أهداف واضحة ومتفق عليها، ورغم ذلك، لا تتمكن من تحقيق تلك الأهداف، وفي الغالب لأسباب خارج إرادتها ونطاق اختصاصاتها، أما معظم ما تبقى، فهي مؤسسات ليست لها أهداف مستحقة، ولا تخضع لرقابة أو تقييم أداء، ولابد من حلها.

back to top