متطوعون من بلدي

نشر في 03-06-2018
آخر تحديث 03-06-2018 | 00:08
في الكويت كثيرة هي المجالات التي تحتاج إلى اختراقها من قبل هؤلاء الفرسان المتطوعين من شباب البلد، وعلى رأسها العناية الاجتماعية بالمرضى، فإحصاءات الصحة العامة تفصح عن تزايد مرضى السرطان والأعصاب الذين تضطرهم ظروفهم للإقامة طويلا في المستشفيات، هذا إضافة إلى المشاكل التي تعج بها دور الرعاية الاجتماعية.
 مظفّر عبدالله أول العمود:

ما إن يُتهم نائب في مجلس الأمة بالرشوة حتى يتطوع بتوزيع الاتهامات لزملائه، وكأنه يقدم هدية مجانية للناخبين لمعرفة ما هو معروف سلفاً!

***

حركة التطوع الإنسانية النشيطة التي يقودها شباب الكويت من الجنسين في معظم أشهر السنة، وفي رمضان خاصة، والتي تشمل أعمال جمع التبرعات المالية وإعادة تدويرها بمساعدات عينية، ونشاطهم الميداني في هذا القيظ اللاهب، واحتمالات تعرضهم لمخاطر الوجود في مناطق عشوائية كالصليبية وجليب الشيوخ وغيرها يجب أن يكون محل اهتمام أكبر من الجهات الرسمية.

وزارة الشؤون الاجتماعية مطالبة بالتواصل مع قياديي هذه المجاميع، والسماع لهم لمعرفة خريطة الفقر والعوز في الكويت، ووزارة التربية والتعليم من جانبها مطالبة بالاجتماع بهذه المجاميع للاستفادة من عرض جهودهم التطوعية أمام طلبة المدارس وتشبيكهم في أنشطة تطوعية مشتركة، بل أكثر من ذلك في اعتماد منهج دراسي حول التطوع كجانب أخلاقي في حياة الإنسان.

ما يحدث في الأوساط الشبابية في مجال التطوع لمساعدة البشر المتعثرين ماديا وصحيا ونفسيا ليس بجديد كروح سلوكية في المجتمع الكويتي، فبناء المدرسة المباركية ١٩١١ والأحمدية ١٩٢١- في بواكير القرن الماضي- وبجهود أهلية دليل نضج الناس في تلك المرحلة، وهو نضج ينمو مع مرور الوقت، فالشباب المتطوعون اليوم هم أحفاد ذلك الجيل بالمفهوم الزمني، والمسألة هنا استمرار لنَفَس وسلوك كويتي مُحِب للخير.

مثل هذه الأنشطة يجب أن تحظى باهتمام مجلس الوزراء مباشرة من خلال التشجيع والدعم المعنوي لهذه المجاميع التطوعية الجادة، بل التفكير في تطوير هذا السلوك ليصبح أكثر نضجا وتنظيما ليساهم في تقديم حلول جذرية تتخطى مسألة جمع المال وتوزيعه نقدا أو عيناً إلى تقديم حلول لتخفيف حدة هذه الظواهر التي تعكس حقيقة وحجم الفساد السائد (المتاجرة بالبشر) أو التأخر في الحسم السياسي لقضايا عالقة (البدون وأوضاع المرأة المتزوجة من غير كويتي).

في بريطانيا كمثال أكثر من ٢٢٠ ألف منظمة خيرية مسجلة وغير مسجلة، تدعمها تبرعات سوق يقدر بـ١٠ مليارات جنية إسترليني سنوياً، ويعمل فيها ٨٠٠ ألف موظف، بساعات تطوع تبلغ ٩٠ مليون ساعة أسبوعيا، حيث يعتبر التطوع هناك نوعاً من رد الجميل للمجتمع، وكل هذا الإرث الإنكليزي في مسألة التطوع مرتبط بالنظام التعليمي، وما يقدمه له القطاع الخاص من مال وخبرة لإدارته.

في الكويت كثيرة هي المجالات التي تحتاج إلى اختراقها من قبل هؤلاء الفرسان من شباب البلد، وعلى رأسها العناية الاجتماعية بالمرضى، فإحصاءات الصحة العامة تفصح عن تزايد مرضى السرطان والأعصاب الذين تضطرهم ظروفهم للإقامة طويلا في المستشفيات، ولعل التجربة الناجحة لبيت عبدالله للعلاج التلطيفي للأطفال تستحق البناء عليها وتوسيعها، هذا إضافة إلى المشاكل التي تعج بها دور الرعاية الاجتماعية.

لا يمكن تغيير سلوك الناس بالنصح، أو الإرشاد الديني فقط، بل يجب تسهيل مهامهم ودعمهم ليلمسوا حاجات الناس بأعينهم وأيديهم، فالتطوع يجب أن يكون أمام أعين القطاع الخاص لصناعة شراكة تُطوِّر من هذا الحس والنبض الإنساني في الكويت.

back to top