كيف تتعامل مع الأنباء السيئة؟

نشر في 26-04-2018
آخر تحديث 26-04-2018 | 00:00
No Image Caption
على مر حياتك، قد تواجه أشكالاً متعددة من الأنباء السيئة في أوقات مختلفة أو حتى في الوقت نفسه.
على سبيل المثال، قد تخسر عملك أو تنفصل عن الشريك، أو يموت الطفل الذي تنتظره، أو تتلقى تشخيصاً صادماً من الطبيب، أو تفقد شخصاً عزيزاً عليك، أو تواجه أي نوع آخر من التقلبات التي تفرضها الحياة عليك.
لا أحد محصّناً ضد الأنباء السيئة أو خيبات الأمل في الحياة. لكن كيف تُحلل المعلومة وتتعامل معها حين تتلقاها ثم تمضي قدماً في حياتك من دون أن تتعرض للأذى؟
بغض النظر عن الأنباء السيئة التي تتلقاها، ربما تكون التجربة مدمِّرة وصادمة، حتى أنها تقلب حياتك رأساً على عقب أحياناً.

تعطي الأنباء السيئة من أي نوع أثراً فورياً في جسمك وتُشغّل لديك رد فعل الهرب أو المواجهة سريعاً. يبدأ جسمك حينها بِضَخّ الأدرينالين فيما يراجع عقلك أسوأ السيناريوهات المحتملة خلال ثوانٍ. كذلك، ربما تحتاج إلى التحكم بالعواقب كافة التي تترافق مع الأنباء السيئة كالبحث عن عمل جديد، أو دفع الفواتير، أو حضور المواعيد الطبية، أو إبلاغ الأصدقاء وأفراد العائلة، فضلاً عن التكيّف مع آثار النبأ المؤثر في المستويين الجسدي والعقلي.

يتفاعل كل شخص مع التوتر والصدمات بطريقة مختلفة عن غيره، لكن يمكن أن يتخذ جميع الناس بعض الخطوات لاستباق الموقف الشائك والتعامل مع الأنباء السيئة وتبنّي آليات تكيفية فاعلة وتخفيف حدة الصدمة. في ما يلي بعض النصائح التي تسمح بالتكيف مع الأنباء السيئة...

1. تقبّل عواطفك السلبية

عند تلقي أي نبأ مقلق، ربما تشعر بنشوء دوامة لامتناهية من العواطف السلبية. وحين تواجه أية عاطفة سلبية مماثلة، قد ترفض الاعتراف بالمشاعر القاتمة التي تنتابك لحماية نفسك.

اكتشف بحث أجرته جامعة كاليفورنيا - بيركلي أن محاولة تجنّب العواطف السلبية قد تزيد مستوى الضغط النفسي أكثر مما يحصل عند مواجهتها مباشرةً.

أجرى الباحثون ثلاث دراسات منفصلة عبر الإنترنت وفي المختبر واستنتجوا أن تقبّل المزاج السيئ بدل مقاومته قد يجعل الناس يشعرون بالتحسن على المدى الطويل.

لوحظ أن المشاركين الذين اعتادوا تقبّل عواطفهم السلبية كانوا أقل ميلاً إلى مواجهة تلك العواطف، من ثم تحسّنت صحتهم النفسية مقارنةً بالأشخاص الذين تجنبوا عواطفهم السلبية.

شرح العلماء أن المقاربة التي نستعملها للتعامل مع التفاعلات العاطفية تكون أساسية للحفاظ على راحتنا العامة. يكون الأفراد الذين يتقبّلون العواطف السلبية من دون أن يحاولوا تغييرها أكثر استعداداً للتعامل مع الضغط النفسي.

2. فكّر بالنبأ السيئ بشكل متكرر

مثل النزعة إلى تجنب العواطف السلبية، يدخل عدد كبير من الأشخاص الذين يتلقون أنباءً سيئة في «دوامة النفي». تشير الأخيرة إلى محاولة قمع الأفكار المرتبطة بالنبأ السلبي في عقلك.

في معظم الحالات، يؤدي تجنب الموقف الشائك إلى نتائج عكسية وقد يجعلك تزيد التفكير به في نهاية المطاف. حين تحارب نزعتك إلى التفكير بالنبأ السيئ، قد يزيد التشنّج في معدتك وكتفيك وصدرك وتلتهي عن إتمام مهامك وتصاب بضغط نفسي مزمن ومشاكل هضمية وكسل دائم.

يستطيع دماغك أن يتعامل مع الأنباء السيئة أكثر مما تظن. لا يمكن أن تتجاوز التجارب العصيبة وتمضي قدماً إلا إذا حلّلتها واستوعبتها.

يؤدي التفكير بالحدث السيئ بشكل متكرر إلى إبطال مفعوله على مستوى أفكارك ومزاجك. إذا كنت تقرأ مقالة صحفية مثلاً عن حادث مأساوي قبل الذهاب إلى عملك، من الأفضل أن تقرأها بعمق بحسب رأي الباحثين وتفكّر بتلك المعلومة باستمرار بدل أن تقرأ العنوان الرئيس وتمتنع عن التفكير بالحدث.

من خلال سماع النبأ السيئ بشكل متكرر، ستتحرر بدرجة إضافية وتتابع يومك من دون آثار معاكسة وسيتحسن مزاجك أيضاً.

يوافق بحث آخر أجرته جامعة أريزونا في «توكسون» على مفهوم التعرض المتكرر للنبأ السيئ. اكتشف فريق البحث أن التفكير المتكرر بالموقف الشائك في الظروف المؤلمة، كالانفصال العاطفي أو الطلاق، قد يُسرّع التعافي من الخيبات العاطفية.

3. أعِدْ صياغة أفكارك

بعد أن تتقبّل عواطفك السلبية وتفكّر بالنبأ المقلق باستمرار، ما هي الخطوة التالية؟ أحياناً، تستفيد من إعادة صياغة طريقة تفكيرك بالنبأ السيئ كي تُقارِب الموقف من منظور جديد وتُحسّن وجهة نظرك العامة.

صحيح أنك لا تستطيع أن تسيطر على ظروف حياتك، لكن يمكنك أن تستعمل تقنية إعادة الصياغة المعرفية لتغيير رد فعلك تجاه الحوادث التي تصيبك ونظرتك إلى مختلف المواقف، ما يؤدي في النهاية إلى تغيير طريقة اختبار التجربة الشائكة.

يقضي مفهوم إعادة الصياغة الفكرية بإيجاد تفسير إيجابي لأي حدث سلبي متوقع. تتحداك هذه الطريقة كي تُسلّط الضوء على الجوانب الإيجابية من موقف شائك وتُحدّد ناحية مشرقة من الحدث السيئ بدل أن تُركّز على الجانب السلبي.

إذا خسرتَ عملك للتو مثلاً، لا تُركّز على الأخطاء التي ارتكبتها وأدت إلى فقدانك عملك راهناً، بل اعتبِر ما حصل فرصة لتخوض تجارب جديدة وتستكشف خيارات مهنية بديلة تسمح لك بتحقيق ذاتك أكثر من أي وقت مضى.

كشف بحث أجرته جامعة «نوتردام» في إنديانا أن أسوأ الظروف بعد فقدان العمل ربما تكون مفيدة كونها تُمكّن الناس من بدء مرحلة جديدة وإنشاء هوية مهنية إيجابية ومختلفة وتحريرهم من العواطف السلبية.

بالإضافة إلى إعادة صياغة الموقف السلبي بطريقة معرفية، ذكر باحثون من معهد «بيكمان» في جامعة «إلينوي» في «أوربانا شامبين» أن هذه الطريقة تسهم في زيادة التركيز على العناصر السياقية الخاصة بأي ذكرى سيئة بدل تسليط الضوء على التجربة العاطفية.

أوضح فلورين دولكوس من «فريق علم الأعصاب المعرفي» في جامعة «إلينوي» أن الإصرار على التفكير بحجم الأذى أو الحزن أو الإحراج الذي شعرتَ به خلال أي حدث سلبي قد يزيد حالتك سوءاً.

لكن إذا ابتعدتَ عن العواطف السلبية وفكّرتَ بسياق الموقف (وجود صديق إلى جانبك أو حال الطقس في ذلك اليوم أو أي جانب غير عاطفي آخر من الذكرى)، سيبتعد عقلك عن العواطف غير المرغوب فيها بشأن تلك الذكرى.

4. تعلّم أن تتجاوز المِحَن

تتعدّد الظروف التي يمكن أن تسبّب لك خيبة أمل أو تُشعرك بالفشل كالرسوب في امتحان الجامعة، أو عدم الحصول على الوظيفة التي كنت تتوق إليها، أو ميل المسؤول عنك إلى التقليل من شأنك. يواجه معظم الناس هذه الانتكاسات في مرحلة معينة، لكن يجيد البعض التعامل مع المِحَن في حياته أكثر من غيره، ففيما ينهار بعض الأفراد إزاء أول عقبة، يتمتع آخرون بالقوة اللازمة للحفاظ على هدوئهم تحت الضغط.

من الناحية الإيجابية، يمكن أن يتعلّم كل شخص أن يزيد قوته ويتجاوز المِحَن. تتطلب هذه العملية تعديل الأفكار والسلوكيات وحتى الأفعال. ركّزت إحدى الدراسات مثلاً على الطلاب الذين فشلوا أكاديمياً، من ثم ستكون فرصهم في سوق العمل محدودة بسبب قلة مؤهلاتهم.

أثبتت الدراسة أهمية مساعدة الطلاب على تجاوز المِحَن عبر تعليمهم مهارات التنظيم الذاتي، من بينها تحديد الأهداف وكيفية تعديل مسارهم بعد أي حادث مؤسف، ما يجعلهم أكثر استعداداً لمواجهة الحياة والتعامل بإيجابية مع أي ظروف معاكسة.

كذلك، كشف بحث آخر أن التعبير عن أية مشكلة اجتماعية في مدوّنة يساعد الناس على التعامل مع المِحَن. فمن المعروف أن كتابة المذكرات (أو أي شكل آخر من الكتابات التعبيرية) تسهم في تفريغ الإجهاد العاطفي. وأثبتت دراسة نشرتها «الجمعية الأميركية لعلم النفس» أن كتابة المنشورات في المدوّنات قد تكون علاجاً فاعلاً للمراهقين الذين يواجهون المصاعب.

مقارنةً بالمراهقين الذين لم يُقدِموا على أية خطوة أو أولئك الذين كتبوا مذكراتهم الشخصية، تبيّن أن الأشخاص الذين كتبوا عن مشاكلهم الاجتماعية في المدوّنات سجّلوا تحسناً على مستوى تقدير الذات والقلق الاجتماعي والإجهاد العاطفي.

5. كن لطيفاً مع نفسك

حين تواجه أنباءً سيئة من أي نوع، من الضروري أن تتعامل بلطف مع نفسك وتهتم بصحتك الجسدية والعقلية. قد يسهل عليك أن تُهمل راحتك خلال الظروف الصادمة:

• التزم بنظام غذائي صحي: ركّز على تناول ثلاث وجبات متوازنة كل يوم، على أن تكون غنية بالفاكهة والخضراوات. تؤدي السلوكيات الغذائية غير الصحية إلى تعزيز المزاج السيئ.

• جرّب الاسترخاء الذهني: حين تستعد لتلقي نبأ سيئ، لا تحاول أن تُلهي نفسك أو تحافظ على إيجابيتك، بل مارس الاسترخاء الذهني.

سيساعدك التأمل المبني على الاسترخاء الذهني في التركيز على الحاضر وإخماد القلق المرتبط بانتظار النبأ المرتقب. اكتشفت البحوث أن التأمل يساعدك في كبح العواطف السلبية حتى لو لم تكن معتاداً على هذه الممارسة.

• احجز جلسة تدليك: ذكرت دراسة منشورة في «مجلة التمريض العيادي» أن الخضوع لجلسة تدليك لليدين والقدمين طوال ثمانية أسابيع بعد وفاة شخص عزيز يضمن بعض المواساة، وتبيّن أنه «خيار قيّم وداعم خلال فترة الحداد بالنسبة إلى أفراد العائلة المفجوعين».

عند مواجهة أي نبأ سيئ، مهما كان صعباً، من الضروري أن تحافظ على هدوئك وتتابع التركيز على الحاضر وتتنفس بعمق!

كتابة المذكرات تساهم في تفريغ الإجهاد العاطفي
back to top