حول مداخلة وزير الدفاع

نشر في 25-03-2018
آخر تحديث 25-03-2018 | 00:23
 حسن العيسى مداخلة وزير الدفاع الشيخ ناصر الصباح في مؤتمر الاستثمار جريئة وواقعية، شخصت برؤية ثاقبة واقع الدولة اليوم وتحدياتها الكبيرة، لا مستقبل اقتصادي للدولة بعد انهيار سعر النفط غير "العودة" لتاريخ الكويت قبل النفط كميناء تجاري كبير وبوابة تجارية للعراق وإيران، وهذا الاسترجاع لتاريخ الدولة سيتم عبر طريق الحرير وتطوير الجزر، وأيضاً عبر هذين المشروعين الكبيرين سيفتح باب الاستثمار الحقيقي للمؤسسات الأجنبية، التي ستوفر 200 ألف فرصة عمل للشباب القادمين لسوق العمل، وهذا الأهم، فالبطالة الحقيقية بدأت تطل برأسها على الدولة، والبطالة المقنعة، وهي أبشع صورة للفساد الإداري والسياسي، تخنق الدولة. إذا كان هناك خيار آخر يوفر دخلاً للدولة غير هذا فليتفضل دعاته ويخبرونا به من غير ترديد عبارات خاوية عن تنويع مصادر الدخل. لا نفهم كلمة تنويع في صحراء خاوية من أي شيء غير مصادفة النفط وحالة ريع مرضية كرستها السلطة ورعتها لعقود ممتدة أنتجب إنساناً متكاسلاً، يعتمد على اليد العاملة الأجنبية في كل صغيرة وكبيرة.

بعض المعترضين على رؤية كويت البوابة للعراق وإيران، قفزوا باستنتاجات تعيسة من أن هذا الطرح يعني أن تدير الدولة ظهرها لشقيقاتها الخليجيات من ناحية، وأخذوا يذكروننا بالاحتلال العراقي وتطلعات الحكم في إيران للتمدد السياسي من ناحية أخرى. هؤلاء "القوميون الخليجيون" بمسحة طائفية أو عنصرية متعالية يتناسون أن دول مجلس التعاون تتسابق فيما بينها في مشروعات مشابهة للانفتاح الاستثماري والتجاري مع الجمهورية الإيرانية، وهي (تلك الدول) سبقت الكويت في هذا المجال بسنوات طويلة، مداخلة الشيخ ناصر أكدت أن الدولة لا يمكن أن تنسلخ عن الشقيقات الخليجيات، لكن من حقنا أن نبحث في مصالحنا لنتجنب غداً مرعباً إذا استمررنا نسير في هذا الطريق رافعين شعار العنتريات ومتناسين واقعنا وتاريخنا.

المداخلة تتحدث عن موقع جغرافية الدولة وعلاقتنا مع المجتمعين العراقي والإيراني التاريخية، وليس عن الأنظمة الحاكمة "فالأمور السياسية تأتي وتذهب، ولكن ما سيسود ويهيمن دائماً هو العنصر البشري" حسب المداخلة، أيضاً حين يتحدث المعارضون للمشروع عن الاحتلال العراقي للدولة في أغسطس 1990 كأنهم يريدون أن نبقى أسرى التاريخ إلى ما لا نهاية، الظروف الدولية تتغير وتتبدل والأهم أن يتطور معها الفكر والثقافة، ألمانيا احتلت معظم دول أوروبا وأهمها فرنسا، وبعد الحرب وضعت ألمانيا وفرنسا حجر الأساس لدول السوق الأوروبية كمدخل لوحدة أوروبية... ثم هل لنا خيار آخر في موقعنا وقدرنا الجغرافي، إذا كان المعترضون لديهم وسيلة لنقل مثلث الدولة من رأس الخليج إلى مكان ما قرب النرويج والسويد والدنمارك... فليتفضلوا ويقدموه!

استهلت المداخلة رؤيتها عن وضع التعليم بالدولة، وكل الدراسات تؤكد أنه كارثي بمخرجات سيئة، وتتدهور يوماً بعد يوم من مرحلة "مع حمد قلم" إلى جامعات البقالات التي تبيع الشهادات، ويختم بعضها بحرف "د"، يعني دكتور بالمراسلة والتواصل الروحي. مجرد الإقرار والاعتراف بأزمة التعليم، وكيفية إنقاذه من حالة الانهيار المرافق للانهيار الأخلاقي في معايير كثيرة بالدولة، هو خطوة مستحقة.

هناك الكثير الذي يهدد مشروع تطوير الجزر وطريق الحرير من نفوذ الدولة العميقة إلى قوى الفساد الكبيرة إلى جماعات منغلقة أسيرة أوهام ماضوية تخشى التغيير، وتتصور أن التاريخ يكرر نفسه، لكن المهم هو نهايات الأمور، ونقل الحلم من عالم الورق والوعود إلى عوالم الحقيقة والإبداع.

back to top