لا أرفض لطفلي طلباً!

نشر في 21-02-2018
آخر تحديث 21-02-2018 | 00:04
No Image Caption
لا يسهل عموماً أن نرفض طلبات أولادنا وسرعان ما يحنّ قلبنا عليهم حين يبكون ويصرخون. مع ذلك، يجب أن نتماسك ونرسم لهم الحدود ونُعلّمهم أن الخيبة جزء من الحياة!
يحمل الطفل رغبات متسلّطة ويريد أن يحصل على ما يطلبه فوراً، ويعجز عن مقاومة ميله إلى اكتساب كل ما يحلو له!

من الأسهل أن تميلي إلى تلبية رغباته لأن لدور الأم القادرة على تحقيق أحلام طفلها متعة خاصة! هذا السلوك أسهل بكثير من رفض طلباته أو التفوه بعبارات قاسية قد تجرح الطفل أو تُبكيه، فيستيقظ حينها الطفل الكامن في داخلك وتشككين بقدراتك كأم صالحة.

ربما تتساءلين مثلاً: ماذا لو كنتُ أماً سيئة؟ ماذا لو سببتُ لطفلي صدمة قوية؟ يجب أن تضعي حدّاً لهذه الأفكار! يشكّل رفض مطالب الطفل في الظروف المناسبة أمراً ضرورياً، ويساهم هذا الموقف في بناء شخصيته بطريقة إيجابية وإعطائه مكانة مختلفة في العائلة. يجب أن يفهم أنه ليس محور الكون! في الوقت نفسه، من واجبك أن تحميه عبر تعديل ردود فعلك أمام مطالبه المتكررة تزامناً مع احترام حاجاته، بما في ذلك الحاجة إلى معرفة حدوده.

لا تشعري بالذنب

اشرحي له سبب رفضك طلبه في كل مرة، لكن تجنّبي الدخول في نقاشات طويلة ومعقدة ولا تقدّمي له أي اعتذار. يجب أن يتحمّل طفلك سماع الرفض حتى لو أوجعه الموقف. يصعب تحمّل الخيبة عموماً، لكنك تستطيعين مساعدته حين يعتاد على هذا الشعور تدريجاً. يجب أن ترسمي له الحدود في مختلف المجالات (مشاهدة التلفزيون، أكل السكاكر، أخذ المجازفات...). ستكون هذه المسيرة طويلة وشاقة لكن لا تستسلمي!

يقضي دورك بكبح رغبة الطفل في نيل ما يريده بشكلٍ فوري وتعليمه أهمية الانتظار. لن يمنعه الرفض من عيش حياة سعيدة بل سيعطي معنىً أعمق للسعادة. هكذا يصبح أكل المثلجات ممتعاً خلال الأعياد والمناسبات مثلاً! هل تظنين أنك تضمنين سعادة طفلك حين لا ترفضين له طلباً؟ اعلمي أنّ العكس صحيح! سيجد الطفل الذي يحقق رغباته كافة صعوبة في الشعور بالرضا وسيتوهّم أنه يستطيع دوماً نيل أكثر مما لديه. يتحدّث الخبراء عن صعوبة أن يشعر الشخص بالسعادة إذا كان مدللاً في طفولته!

جدّدي فرص الاستكشاف

حين ترسمين الحدود لطفلك، ستبنين رغباته المستقبلية وتقدّمين له متعة حقيقية في المراحل اللاحقة من حياته. يضمن الرفض أيضاً التحرر من القيود والانفتاح على أفكار جديدة. لنفترض مثلاً أن الطفل يصرّ على أكل المعكرونة دون سواها! إذا حرصتِ على تحضير هذا الطبق له في كل وجبة، ستحبسينه في رغبته هذه وتمنعينه من اكتشاف أغذية أخرى. يصبح ذوقه في هذه الحالة محدوداً في سن الرشد، وربما يعجز عن الاستمتاع بأي نكهات جديدة.

وإذا لم تمنعيه مثلاً من مشاهدة التلفزيون في فترة بعد الظهر أحياناً، سيعجز عن استكشاف نشاطات مختلفة أو ابتكار لعبة جديدة أو الاستمتاع بوقته مع أولاد آخرين.

حين ترفضين طلبات الطفل، سيضطر إلى استعمال موارده الخاصة وتطويرها. يخشى الأهالي غالباً أن يخيّبوا آمال أولادهم مع أنّ رفض مطالبهم سيشكّل مصدر غنى وليس العكس.

على المدى الطويل، سيُطوّر الطفل حرية داخلية ويتمكن من العيش وسط المجتمع، ويعني التعايش مع الآخرين القدرة على فهمهم بدل التركيز على الحاجات الشخصية طوال الوقت.

ثلاث مراحل عمرية للرفض

• الرفض الهادف إلى حماية الطفل منذ الولادة حتى عمر السنة:

تهدف المواقف الرافضة في هذه المرحلة إلى حماية الطفل من مصادر الخطر والأذى وتبقى حاجات المولود الجديد أساسية (غذاء، نظافة، أمان) ولا بد من تلبيتها على أكمل وجه. في هذا العمر، لا معنى للتحدث عن الخيبة لأن الطفل لا يقوم بأي نزوات مقصودة ولا يمكن منعه من اكتساب عادات سيئة بدءاً من هذه الفترة.

• الرفض الهادف إلى التصدي لمواقفه الرافضة بين عمر السنتين والأربع سنوات:

في هذه المرحلة، يرفض معظم الأولاد كل ما نقترحه عليهم. إنها طريقة الطفل لإثبات شخصيته والتأكد من أنه يشكّل كياناً منفصلاً عن الآخرين وله إرادته الخاصة. لكن لا تسمحي له باتخاذ القرارات كافة بنفسه كي لا يصبح متسلطاً. يحتاج الطفل إلى الشعور بمن يحتويه وسيفتقر إلى الأمان الداخلي إذا نجح في فرض سلطته على من حوله. إذا لم يكن والداه أقوى منه، كيف سيتمكنان من الدفاع عنه؟

• الرفض الهادف إلى اختبار شعور الخيبة بين عمر السنتين والسنوات الست:

يسبب رفض المطالب في هذه المرحلة الحزن للطفل ويجعله يبكي، لكن ستساعده هذه المواقف أيضاً على الشعور برضا حقيقي حين تتحقق رغباته. تسمح الخيبة في هذا المجال بالتحرر من ضغوط الرغبات الشخصية. إذا كنت تعجزين عن المناورة في تعاملك مع طفلك، ستبقى رغبته مجرّد حاجة وستدخلين في دوامة من الحاجات المتسلّطة.

حين ترسمين الحدود لطفلك تبنين رغباته المستقبلية وتقدّمين له متعة حقيقية في المراحل اللاحقة
back to top