أدباء يستدعون قصائد ومراسلات الماضي

• رسائل شاعرية تشعل مواقع التواصل

نشر في 14-02-2018
آخر تحديث 14-02-2018 | 00:00
كاستراحة محارب يحتفل المصريون بعيد الحب هذا العام. الورود الحمراء والقلوب والهدايا وجدت مساحتها الكبرى على مواقع التواصل والتراسل التكنولوجي، إذ ليس بوسع كثيرين التجوال أمام محلات بيع الهدايا في ظل معارك الحياة التي تسلب أوقاتهم.
رغم طغيان التكنولوجيا ومرارات المعارك الحياتية يبقى الحب، حتى في لحظاته القليلة، هادراً كالإعصار، كما قال نزار قباني.

يذكـــــر الشاعـــــر أحمـــــد عبدالمعطي حجازي: «في هذا العالم المليء بالأخطاء، وهذه الحياة والصعوبات التي نقابلها يومياً، لا يبقى لنا إلا الحب ننشده، وليس لنا إلا الشعر يعلو بأرواحنا».

يتابع: «يزخر تاريخ الأدب العربي بقصص عشاق كثر وقلوب ذابت وجداً في المحبوب وقصائد ورسائل مطولة حملت هذا الحب إلى بقاع الدنيا وعبرت به الـزمان، من قيس بن الملوح، وأمرؤ القيس، وابن زريق البغدادي، إلى محمود حسن إسماعيل ونزار قباني ودرويش وإبراهيم ناجي، الذي كتب قصيدة «الأطلال» لإحدى الفنانات يقال إنها زوزو حمدي الحكيم، على وصفة طبية.

و«كانت سفينة غرام ناجي لا تبحث عن الموانئ التقليدية المبهرة، بحسب حجازي، بل اعتاد العوم في بحار تئن فيها الرياح... ضاع فيها المجداف والملاح، وكان ناجي الذي كان يعمل طبيباً يدوِّن قصة حبه كلما زارته الحبيبة، وهي تتوارى خلف فحوصه الطبية، وكتب لها على الجهة الخلفية من «روشتة» الدواء بعد شهر من ترددها عليه:

يا حبيبي إن زرت يوما.. أيكه.

طائر الشوق يغني.. ألمي.

لك إصغاء المذل المنعم.

وتجني القادر المحتكم.

وحنيني لك يكوي.. أضلعي.

والثواني جمرات.. في دمي؟

وفي زيارة أخرى كتب لها يصور غرامها، قائلاً: «هل رأى الحب سكارى.. مثلنا».

إضافة إلى قصائد ناجي، ثمة أعمال عدة تحمل رسائل العشق والحب، من بينها «الشعلة الزرقاء»، التي تتضمن رسائل متبادلة بين جبران خليل جبران ومي زيادة، وكتابات غادة السمان إلى غسان كنفاني، وكتاب «سارة» للعقاد، و«رسائل الأحزان» لمصطفى صادق الرافعي، و«زهرة العمر» لتوفيق الحكيم.

عشاق لاهثون

تراجعت الرسائل والقصائد أخيراً وحلّت وسائل المراسلة الحديثة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني وغيرهما مكانهما، فانبرت الأعمال الأدبية لتوظيف تلك المراسلات الحديثة في أعمال روائية كرواية الكاتب إبراهيم عبد المجيد «في كل أسبوع يوم جمعة»، أو حتى روايات الشابين طارق إمام وخالد توفيق وغيرهما، ولكن لا يغيب فيها الحب أبداً.

يقول الناقد الأدبي حسام عقل: «شهدت السنوات الأخيرة تراجعاً للرسالة في مفهومها الورقي، فلم يعد العشاق يبعثون رسائل ورقية يبثون فيها أشواقهم، كما كان في الزمن الماضي، خصوصاً مع بروز أدب المدونات الذي يشهد ازدهاراً عربياً لافتاً. من ثم، خرج أدب الرسالة من بنيته الورقية إلى الإلكترونية، فالمدونات تضمن لفن الرسالة الحضور والتميز وتوجه أنظار الحركة النقدية إلى هذا النوع الأدبي، ويعد قالب الرواية الرقمية أحد أكثر الأشكال توظيفاً لأدب الرسائل في بنيتها».

ويلفت إلى أن ترجمة المشاعر على مواقع التواصل تحمل عيوب الجفاء وعدم التلاقي الواقعي غير أنها تحمل ميزات منها الإيجاز، وفي كل الأحوال يبقى الحب سيد المواقع كافة.

«القصيدة المتوحشة» لنزار قباني

أحبيني.. بلا عقد

وضيعي في خطوط يدي

أحبيني.. لأسبوع.. لأيام.. لساعات..

فلست أنا الذي يهتم بالأبد..

أنا تشرين.. شهر الريح.

والأمطار.. والبرد..

أنا تشرين فانسحقي.

كصاعقة على جسدي..

أحبيني..

بكل توحش التتر..

بكل حرارة الأدغال.

كل شراسة المطر.

ولا تبقي ولا تذري..

ولا تتحضري أبدا..

فقد سقطت على شفتيك.

كل حضارة الحضر.

.....

أحبيني.. ولا تتساءلي كيفا..

ولا تتلعثمي خجلا.

ولا تتساقطي خوفا.

أحبيني.. بلا شكوى.

أيشكو الغمد.. إذ يستقبل السيفا؟

وكوني البحر والميناء..

كوني الأرض والمنفى.

وكوني الصحو والإعصار.

كوني اللين والعنفا..

أحبيني.. بألف وألف أسلوب.

ولا تتكرري كالصيف..

إني أكره الصيفا..

أحبيني.. وقوليها.

لأرفض أن تحبيني بلا صوت.

وأرفض أن أواري الحب.

في قبر من الصمت.

أحبيني.. بعيداً عن بلاد القهر والكبت.

بعيداً عن مدينتنا التي شبعت من الموت..

back to top