صالونات بغداد: مؤتمر الكويت اختبار لعلاقة العراق بالعالم ودعم للمعتدلين

نشر في 11-02-2018
آخر تحديث 11-02-2018 | 00:10
No Image Caption
يتابع الجمهور العراقي بفضول واهتمام شديدين مؤتمر الكويت الدولي لإعمار العراق، الذي سينعقد هذا الأسبوع بحضور واسع، ويمثل حدثاً نادراً لمساعدة البلاد التي لاتزال مناطق مهمة فيها تعاني ويلات الحرب ضد تنظيم داعش.

ورغم أن العراقيين معروفون بسلبية شديدة تجاه أي حديث يتعلق بأحلام التقدم والاستقرار، ويسخرون في الغالب من إمكانية تغيير حياتهم بعد عقود من الحرب والدمار وفساد الطبقة السياسية، فإن شكوكهم هذه لم تمنع ظهور اتجاه متفائل بأن يكون مؤتمر الكويت تعبيراً عن إرادة دولية جديدة وفاعلة لمساعدة العراق في بناء الاستقرار.

ولا يصدق الكثير من العراقيين أن العالم سيمنحهم أموالاً كثيرة لتغيير شكل مدنهم المحطمة بالحرب، أو المهملة منذ عقود، وسادت شكوك بين الطبقة السياسية والجمهور بعد إعلان أميركي، الخميس، عدم وجود مبالغ مؤكدة تقدم لبغداد كمنح لإعادة الإعمار، في وقت عبر آخرون عن الحساسية التقليدية من فكرة الاستثمار الأجنبي، التي غذتها الحركة القومية منذ الأربعينيات، إلى جانب العداء التقليدي الذي يظهره اليسار لفكرة القطاع الخاص، وموقف الأحزاب الدينية المتشكك في العلاقة مع القوى الاقتصادية الكبرى.

إلا أن هذه السلبية المعتادة لم تمنع ظهور اتجاه عراقي يعتبر مؤتمر الكويت اختباراً لنظرة العراق إلى العالم، ومدى نجاح بغداد في بناء ثقة مع الدنيا، إثر عهود من الشك والعداء ولغة الانفعال السياسي. ويقول أنصار هذا الاتجاه إن إصلاح التعاون يحتاج إلى خطوات عراقية أولاً تشجع المحيط الإقليمي والدولي على «المغامرة» ودخول الأرض العراقية المليئة بالألغام من كل الأنواع والأحجام.

وتقود حكومة حيدر العبادي، الموصوفة بالاعتدال، دبلوماسية جديدة منذ بضعة أعوام، قوامها الانفتاح على الجار الخليجي، وخصوصاً الكويت والسعودية، وتخفيف الحساسية من الوجود الأميركي والأوروبي عسكرياً واقتصادياً، ولم يكن ممكناً إعادة تأهيل الجيش بعد عام 2014، وطرد تنظيم داعش، الذي احتل ثلث مساحة البلاد آنذاك، إلا بشراكات إقليمية ودولية فاعلة، وأدى هذا إلى ظهور اتجاه عراقي واضح يدعو للتصالح العميق مع العالم، وتحويل أسباب الشك والعداء إلى فصل تعاون جديد.

ويحظى الجناح المعتدل في السياسة العراقية بدعم مؤثر، وخصوصاً من رجال الدين في النجف، وقوى وطنية أخرى سنية وكردية، وعموم العلمانيين المؤثرين في صناعة الرأي العام، لكن هذا الجناح يقود مهمة صعبة لجهة الصراع مع الاتجاهات المتشددة، لا سيما مع اقتراب الانتخابات العامة في مايو المقبل.

وتردد الصالونات السياسية أن ظهور إرادة دولية لمساعدة العراق بنحو فاعل سيمثل دعماً حاسماً لجناح المعتدلين في الاقتراع المقبل، ودفعاً لعجلة الإصلاحات السياسية والاقتصادية، ومنع البلاد من الانهيار مرة أخرى على يد العنف الجهادي شمالاً وغرباً، أو تهديد الميليشيات الشيعية المنفلتة جنوباً، وسيكون مؤتمر الكويت لحظة الاختبار الكبيرة لمصير العراق خلال العقد المقبل.

ويتفاءل الخبراء بمجموعة عناصر مشجعة تضمنتها أجندة مؤتمر الكويت، لعل أبرزها طرح فرص استثمارية تتعلق بإحياء «طريق الحرير» التاريخي يوم أن كان الخليج والعراق ممراً ذهبياً يربط أسواق آسيا بأوروبا، مثل إنشاء سكك حديد جديدة من البصرة حتى الموصل.

back to top