«المقوع».. أرض الماء والنفط في الكويت قديماً

نشر في 07-12-2017 | 13:56
آخر تحديث 07-12-2017 | 13:56
عشيش المقوع فى صيف عام 1971
عشيش المقوع فى صيف عام 1971
كانت منطقة «المقوع» الكويتية القديمة التي لم تعد تسميتها موجودة في وقتنا الحالي مخزناً استراتيجياً للمياه العذبة وآبار النفط حتى تم اعتبارها فاتحة أو باكورة الخير للبلاد.

و«المقوع» في الأساس عبارة عن منطقتين تشتركان في الاسم نفسه هما «المقوع الشرقي» الواقعة داخل مدينة الكويت في الحي الشرقي و«المقوع الجنوبي» الواقعة جنوب الكويت قرب مدينة الأحمدي حيث لا تبعد عنها سوى تسعة كيلومترات.

ويقول المؤرخ المرحوم حمد السعيدان في كتابه «الموسوعة الكويتية المصغرة» إن «المقوع الشرقي» منطقة سكنية في شرق الكويت كانت أرضاً بوراً يحرق فيها الجص وموقعها داخل السور قرب «سينما الحمرا» سابقاً.

وأضاف السعيدان أن منطقة «المقوع الجنوبي» الواقعة على بعد 25 كيلومتراً جنوب البلاد هي قرية يقطنها عمال شركات النفط التي اكتشف فيها عام 1951 وأدى إلى وفود السكان إليها لاسيما هؤلاء العمال حتى بلغ عدد سكانها عام 1965 حوالي 5143 نسمة ثم ارتفع عام 1970 ليصل إلى 8332 وفيها مستشفى صغير أنشئ عام 1948 لخدمة عمال النفط.

وكان العالم الإنجليزي لوريمر أشار في معجمه الجغرافي إلى «المقوع الجنوبي» مبيناً أنها «واحة تقع في الجنوب من (قرية ملح) وبها ماء صالح للشرب».

وكلمة مقوع كما جاء في معجم «تاج العروس» للزبيدي مشتقة من القاع «وهي أرض سهلة مطمئنة واسعة مستوية حرة لا حزونة فيها ولا ارتفاع ولا انهباط قد انفرجت عنها الجبال والاكام ولا حصى فيها ولا حجارة وما حواليها أرفع منها وهو مصب المياه كما قيل أيضاً هو منقع الماء في حر الطين».

من هنا سمي المقوع بهذا الاسم لأنه كان أرضاً منخفضة شكلت مستودعاً في جوف الأرض للمياه العذبة الصالحة للشرب حيث نجد أن أرض «المقوع الشرقي» وسط الكويت اشتهرت قديماً بوجود آبار «أبو دواره» وهي عين ماء عذب تقع على مقربة من قصر دسمان.

وكانت تلك العين المصدر الرئيس الذي تعتمد عليه المزارع القريبة منها وكانت تزرع الطماطم والخضراوات وتجلبها إلى أسواق المدينة كما كانت سفن الغوص وصيد السمك قديماً تتوقف بمحاذاة ساحل «أبو دواره» للتزود منها بالماء العذب.

وكذلك الحال بالنسبة إلى «المقوع الجنوبي» التي تتميز أيضاً بوجود آبار المياه العذبة وكان يشكل أحد الأماكن الرئيسية التي كانت تتوقف عندها القوافل المسافرة من الكويت إلى نجد للتزود بالماء العذب.

ولعل أشهر ما يميز منطقة «المقوع الجنوبي» وجاء ذكره عند العديد من الباحثين والمؤرخين هو موقع «قرية ملح» التي تعتبر من أقدم المواقع جغرافياً وتاريخياً على أرض الكويت.

فقرية ملح التي يرجع تاريخها إلى مئات السنين جاء ذكرها في أشعار شاعر العصر الأموي الكبير جرير عندما قال «تهدي السلام لأهل الغور من ملحي هيهات من ملحي بالغور مهدانا» كما جاء ذكر «ملح» في «لسان العرب» وفي معجم «ياقوت الحموي».

و«ملح» موضع دار من دور الأمراء العصفوريين أولاد مانع بن عصفور بن راشد بن عميرة الذين حكموا إقليم الإحساء والبحرين بين عامي (630-790 هجري) تقريباً.

يذكر أن «المقوع الجنوبي» كانت قبل اكتشاف النفط مأهولة بالسكان وفيها العديد من «القلبان» حيث كانت مورداً للمياه العذبة وبعد ظهور النفط ولأنها أرض نفطية أخلتها شركة نفط الكويت من السكان وجعلتها مركزاً لعملياتها ومقراً لعمالها وموظفيها.

وتوجهت شركة نفط الكويت عام 1948 إلى انشاء مستشفى لعمال وموظفي الشركة لتقديم الخدمات الصحية لهم كما تم إنشاء مخفر وتشييد معهد صناعي لتعليم العمال وموظفي الصناعات النفطية.

back to top