إنجاز يُحارب الخرف... تمرين لتدريب دماغك!

نشر في 25-11-2017
آخر تحديث 25-11-2017 | 00:03
No Image Caption
هلّل الباحثون أخيراً لدراسة جديدة اعتبروها «إنجازاً كبيراً» في مجال الوقاية من الخرف، بعدما اكتشفت أن تمريناً لتدريب الدماغ قد يخفض خطر الإصابة بهذه الحالة بأكثر من الربع.
تتبعت الدراسة أكثر من 2800 شخص مسن طوال عقد من الزمن، وكشفت كيف خفضت عملية لتدريب الدماغ تُدعى «تدريب سرعة المعالجة» خطر إصابة المشاركين بالخرف بنسبة 29%.

طوّر هذا التدخلَ كل من

د. كارلين بول من جامعة ألاباما في بيرمينغهام والدكتور دان رونكر من جامعة غرب كنتاكي في بولينغ غرين. ونُشرت نتائج الدراسة أخيراً في مجلة «الألزهايمر والخرف: الأبحاث المتعدية والتدخلات السريرية».

الخرف مصطلح شامل يشير إلى تراجع الوظائف المعرفية، كالتعلّم، والذاكرة، والتحليل المنطقي، ما يعوق قدرة الإنسان على إنجاز المهام اليومية.

تشمل أشكال الخرف الأكثر شيوعاً مرض الزهايمر، الذي يسبب نحو 60% إلى 80% من حالات الخرف عموماً. وتشير التقديرات إلى أن الأخير يصيب نحو 47 مليون شخص حول العالم. وبحلول عام 2030، من المتوقع أن يرتفع الرقم إلى 75 مليوناً.

لكن فيضاً من الأبحاث يُظهر أن الإنسان يستطيع أن يحمي نفسه من التراجع المعرفي والخرف من خلال تدريب الدماغ.

يدرك العلماء اليوم أن الدماغ يستطيع التكيّف مع التغيير في أي سن، وأن عملية التكيّف هذه قد تكون مفيدة أو مضرة. تُدعى هذه العملية «اللدونة العصبية». ويهدف تدريب الدماغ إلى تقوية الروابط العصبية بطريقة تحافظ على الوظائف المعرفية أو تعززها.

وبغية التعمّق في هذه العلاقة، أطلق الدكتوران بول ورونكر وزملاؤهما دراسة «التدريب المعرفي المتقدم في حالة المسنين النشيطين»، التي تُعتبر أكبر دراسة للتدريب المعرفي حتى اليوم.

دراسة نشيطة

شملت الدراسة، التي موّلت معاهد الصحة الوطنية الأميركية جزءاً منها، ما مجموعه 2802 شخص بالغ من الولايات المتحدة يبلغ متوسط سنهم 74 سنة.

وزّع الباحثون المشاركين عشوائياً على ثلاث مجموعات لتدريب الدماغ، فضلاً عن مجموعة ضبط لم يتلقَّ أعضاؤها أي تدريب معرفي.

أُعطيت المجموعة الأولى توجيهات بشأن إستراتيجيات تسهم في تعزيز الذاكرة، وتلقت الثانية توجيهات عن إستراتيجيات تحسّن مهارات التحليل. أما المجموعة الثالثة، فحصل كل من أعضائها على تدريب «سرعة المعالجة» الذي طوّره الباحثون.

تدريب سرعة المعالجة مهمة هدفها تحسين انتباه المستخدم البصري، أي السرعة والدقة اللتين يستطيع بهما الشخص أن يحدِّد الأشياء أمامه ويتذكرها.

يشمل تدريب سرعة المعالجة لعبة كمبيوتر تُدعى «القرار المزدوج». يُطلب من المستخدم في هذه اللعبة أن يحدِّد غرضاً (مثل سيارة) وسط مجال رؤيته، متتبعاً في الوقت عينه غرضاً آخر على هامش مجال بصره (مثل حافة الطريق). ومع تقدّم اللعبة، يتراجع الوقت المتاح إزاء اللاعب لتحديد كل غرض. كذلك تظهر على الشاشة وسائل إلهاء تزيد المهمة صعوبة.

خلال الأسابيع الستة الأولى من الدراسة، تلقت كل مجموعة من مجموعات تدريب الدماغ 10 جلسات تدريب دامت كل منها نحو 60 إلى 75 دقيقة. وفي الشهرين الحادي عشر والخامس والثلاثين، تلقت أيضاً مجموعات فرعية من كل مجموعة لتدريب الدماغ نحو أربع جلسات تدريب «محفّزة».

خضعت كل مجموعات الدراسة لتقييم معرفي ووظائفي بعد الأسابيع الستة الأولى. وكرّر الباحثون عملية التقييم هذه عند نهاية السنة الأولى، والثانية، والثالثة، والخامسة، والعاشرة. كذلك قيّموا حالات الخرف التي ظهرت بين المشاركين خلال فترة المتابعة التي دامت عشر سنوات.

تراجع خطر المرض بنسبة 29%

لاحظ الباحثون أن حالات الخرف كانت الأعلى في مجموعة الضبط مع نسبة 10.8%. أما بين المشاركين الذين أتموا ما لا يقل عن 15 جلسة لتدريب الذاكرة أو لتدريب التحليل المنطقي، فبلغت 9.7% و10.1% على التوالي.

لكنّ المشاركين الذين أنهوا تدريب سرعة المعالجة واجهوا نسبة أدنى بكثير من حالات الخرف بلغت 5.9%، حسبما اكتشف الباحثون.

احتسب الفريق أن تدريب سرعة المعالجة أدى إلى تراجع في خطر الإصابة بالخرف بلغ 29% على مدى السنوات العشر، وأن كل جلسة تدريب إضافية ارتبطت بانخفاض هذا الخطر بنسية 10%.

يشير الباحث المشرف على الدراسة الدكتور جيري إدواردز من جامعة جنوب فلوريدا: «عندما تفحصنا مدى التفاعل مع الجرعة، اكتشفنا أن مَن تدربوا أكثر جنوا فوائد محتملة أكبر».

يؤكد الباحثون أن تدريب سرعة المعالجة برهن أنه يعود بفوائد مهمة على الوظائف المعرفية في 18 تجربة حتى اليوم. وبعد إضافة ذلك إلى نتائجهم الأخيرة، يبدو الفريق واثقاً تماماً من أن هذا الشكل من تدريب الدماغ قد يحدّ من خطر الخرف. يذكر الباحثون: «أظهرنا أن شكلاً محدداً من التدريب المعرفي، أي تدريب سرعة المعالجة، قلّل خطر الإصابة بالخرف بين مسنين كانوا في مستهل الدراسة نشيطين وتتبعنا حالتهم طوال عشر سنوات. ويشكّل هذا أول تقرير عن تدخل يخفض إلى حد كبير خطر الخرف».

يشدّد الباحثون على ضرورة إجراء المزيد من الدراسات بغية تحديد الأسباب التي تجعل تدريب سرعة المعالجة مفيداً للوظائف المعرفية، في حين تخفق أشكال أخرى من تدريب الدماغ.

يضيف الدكتور إدواردز: «علينا أن نتحقق أيضاً من مقدار التدريب الملائم بغية الحصول على أفضل النتائج. كذلك يُعتبر توقيت التدخل مهماً».

يتابع موضحاً: «تشير البيانات المتوافرة إلى أن تدريب سرعة المعالجة فاعل بين المسنين، الأصحاء منهم ومَن يعانون إعاقة معرفية بسيطة. ولكن من الضروري أن نفهم أن هذه وسيلة وقاية تخفض خطر الخرف وليست علاجاً له».

تدريب الدماغ يهدف إلى تقوية الروابط العصبية لتحافظ على الوظائف المعرفية أو تعزّزها
back to top