قرارات حكومية... للخلف دُرّ!

نشر في 20-11-2017
آخر تحديث 20-11-2017 | 00:13
اتخاذ قرارات فردية بعيدة عن العمل المؤسسي، وإقرار قوانين ناقصة من غير الممكن تنفيذها أو غير عادلة ونتائجها السلبية كثيرة، ثم التراجع عنها بسرعة، كل ذلك يهز الثقة الشعبية بالحكومة، كما يضعف هيبة القانون في نظر الناس، فلا يحترمونه لأنهم يشعرون بعدم الجدية في تطبيقه وسهولة الالتفاف عليه.
 د. بدر الديحاني تطرقنا في مقال سابق بعنوان "قرارات فردية أم عمل مؤسسي؟" إلى الفرق بين القرارات الفردية غير المدروسة بشكل كاف، والعمل المؤسسي الذي تتخد فيه القرارات بعد دراسات مستفيضة ومعمقة تُبنى على بيانات ومعلومات وإحصاءات دقيقة وحديثة، بحيث تستطيع التنبؤ بنتائجها والآثار التي ستترتب عليها، أي تكلفتها المادية وغير المادية على المستويات كافة، علاوة على ضرورة الأخذ في الاعتبار تماشي القرارات مع مجمل السياسات العامة للدولة.

فالحكومات الجيدة تتأكد من أن قراراتها رشيدة وتحقق المصلحة العامة، لذا فإنها تدافع عنها بقوة بعد أن تبين للناس أنها لمصلحتهم، ولا تتراجع عنها بسرعة تحت الضغط السياسي أو الشعبي مثلما رأينا في الأسبوع الماضي، مثالاً لا حصراً، عندما تراجعت وزارة الداخلية بسرعة البرق عن قرارها الخاص بسحب المركبات في حالة "عدم ربط حزام الأمان أثناء قيادة السيارة، واستعمال الهاتف النقّال باليد أثناء القيادة، وعدم وضع خوذة الدراجة النارية".

اتخاذ قرارات فردية بعيدة عن العمل المؤسسي، وإقرار قوانين ناقصة من غير الممكن تنفيذها أو غير عادلة ونتائجها السلبية كثيرة، ثم التراجع عنها بسرعة، كل ذلك يهز الثقة الشعبية بالحكومة، كما يضعف هيبة القانون في نظر الناس، فلا يحترمونه لأنهم يشعرون بعدم الجدية في تطبيقه وسهولة الالتفاف عليه، مثلما يعرفون أيضاً من خلال تجاربهم الماضية عدم قدرة الحكومة على تنفيذ قراراتها، إذ من السهولة بمكان التراجع عنها وتجاوزها والالتفاف عليها أحياناً من الحكومة ذاتها، فضلاً عن الانتقائية أو التعسف في تطبيق القانون، وأحياناً عدم تطبيقه مثلما حصل مؤخراً في قانون "حزام الأمان"، وحصل من قبل أيضاً في قوانين كثيرة نذكر منها، على سبيل المثال لا الحصر، قانون "البصمة الوراثية" الذي أُقر نتيجة ردة فعل سياسية وخلال ساعات قليلة، ثم وجّه سمو الأمير بوقف العمل به، وتم إلغاؤه مؤخراً من قِبل المحكمة الدستورية، وقانون "شركة العمالة المنزلية" الذي لم يُنفّذ حتى الآن رغم الوعود الحكومية المتكررة.

وما دام مشروع الإصلاح السياسي-الديمقراطي من أجل بناء دولة مدنية حديثة غائباً حتى الآن، والحكومة ثابتة، فلنتوقع مزيدا من القرارات غير الرشيدة التي يتم التراجع عنها قبل أن يجفّ حِبرها، ومزيدا من القوانين المُعطّلة أو المنحازة، أو التي يتم إلغاؤها قبل أن تُطبّق.

back to top