حقوق العمال البسطاء

نشر في 09-08-2017
آخر تحديث 09-08-2017 | 00:10
ستبدأ وزارة الصحة اعتباراً من شهر أكتوبر المقبل فرض رسوم جديدة على الخدمات الصحية المقدمة إلى العمالة الوافدة، فكيف سيحصل هؤلاء العمال الفقراء على العلاج الطبي اللازم وهم لا يتسلمون أصلاً رواتبهم البسيطة التي لا تكفي، في حال حصلوا عليها كاملة، لدفع كل الرسوم الصحية الجديدة؟!
 د. بدر الديحاني تتناقل وسائل الإعلام، بين فترة وأخرى، أخباراً مصوّرة عن احتجاجات واعتصامات يقوم بها عمال بسطاء بسبب تعدي شركات مقاولات كبرى وأخرى لأعمال التنظيف على حقوقهم حيث إنها، ضمن أمور أخرى، لا تلتزم بدفع مرتباتهم الشهرية في موعدها، على الرغم من أنها لا تتعدى، في أغلبها، عشرات الدنانير، بل تتأخر مدداً متفاوتة قد تصل أحياناً إلى ستة أشهر، مع العلم أن هذه الشركات تحقق أرباحاً ضخمة من مناقصات مليونية لا يستفيد منها اقتصاد الدولة وميزانيتها العامة، إذ إنها لا تدفع ضرائب على الدخل والأرباح والثروة، ولا توفر فرص عمل جديدة للمواطنين، فضلاً عما تسببه العمالة الوافدة التي تستقدمها بأعداد هائلة من خلل كبير في التركيبة السكانية وما يترتب على ذلك من مشاكل اجتماعية واقتصادية.

ومما يزيد الطين بلة أن وزارة الصحة ستبدأ اعتباراً من شهر أكتوبر المقبل فرض رسوم جديدة على الخدمات الصحية المقدمة إلى العمالة الوافدة، فكيف سيحصل هؤلاء العمال الفقراء على العلاج الطبي اللازم وهم لا يتسلمون أصلاً رواتبهم البسيطة التي لا تكفي، في حال حصلوا عليها كاملة، لدفع كل الرسوم الصحية الجديدة، مع أنه من المفترض أن تُلزِم الحكومة الشركة الخاصة بتوفير تأمين صحي للعاملين لديها يُمكّنهم من تلقي العلاج سواء في المستشفيات العامة أو الخاصة؟

تحرك الحكومة فيما يتعلق بحقوق العمال الوافدين، وفي مقدمتها صرف مرتباتهم الشهرية في وقتها بطيء ومتثاقل أو بالأحرى منحاز، فمع أن المواثيق الدولية وقوانين العمل والعقود التي توقعها الحكومة جميعها تُلزم الشركات الخاصة بتنفيذ عقود العمل التي تتضمن دفع رواتب العمال من دون أي تأخير، وإلا فمن واجب الحكومة التدخل مباشرة لمصلحة العمال، لكن ما يحصل هو العكس، إذ إن الحكومة تتدخل لمصلحة الشركات الخاصة الكبيرة، حيث إنها تتوعد، بالمخالفة للمواثيق الدولية وقوانين العمل، العمال الأجانب بإنهاء إقاماتهم وإبعادهم على الفور إن هم تجرأوا وطالبوا بحقوقهم، مع أنها هي الجهة التي من المفترض أن تراقب تنفيذ عقود مشاريعها الضخمة من قِبل شركات القطاع الخاص، وتقوم بحفظ حقوق العمال.

تدخل الحكومة لمصلحة الشركات الخاصة من الممكن تفسيره بأنه إما نتيجة وجود تعارض مصالح، وهذا معناه أن متخذ القرار الحكومي له مصلحة مباشرة في الشركة الخاصة التي تظلم العمال البسطاء وتهضم حقوقهم، أو أن مالك أو ملاك الشركة أشخاص متنفذون لا تستطيع الأجهزة الحكومية محاسبتهم، فماذا يفعل العمال البسطاء، في هذه الحالة، للحصول على حقوقهم المشروعة؟! من دون أدنى شك، إن الاتحاد العام للعمال يقوم بدوره النقابي لحماية حقوق العمال، ولكن ازدياد الاحتجاجات والاعتصامات، في الآونة الأخيرة، التي يضطر بعض العمال البسطاء إلى اللجوء إليها مرغمين من أجل المطالبة بحقوقهم يشير إلى أن هناك خللاً ما يتطلب معالجة عاجلة تحفظ حقوق العمال البسطاء وكرامتهم الإنسانية.

back to top