التفكير بوضوح في «داعش»

نشر في 07-08-2017
آخر تحديث 07-08-2017 | 00:06
 ريل كلير يواجه تنظيم داعش المزعوم الخسائر في كل أنحاء العراق وفي سورية أيضاً، وإن بوتيرة أبطأ. لذلك يبدو الوقت اليوم مناسباً للتفكير في مدى دقة فهمنا لداعش.

إليك الأسئلة الرئيسة بشأن قوات "داعش" العسكرية وحكومات الاحتلال التابعة له مع اقتراب هذا التنظيم من نهايته:

الأعداد: ما مجموع مقاتلي "داعش" المتبقين في ساحات القتال؟ أما زالت المجموعات المحلية على اتصال إحداها بالأخرى، أم أن "داعش" صار مفككاً على نحو مميت؟

المجندون الجدد: تراجع عدد المقاتلين الأجانب الذين يدخلون سورية كل شهر في عام 2016 إلى بضع مئات كحد أقصى، وما عدنا نرى تدفق الآلاف منهم كما في السنوات السابقة. تشير التقديرات غير الدقيقة إلى أن عدد المقاتلين المتبقين في الميدان يبلغ نحو 10 آلاف مقاتل موزعين بين العراق وسورية.

القائد: أما زال الخليفة المزعوم أبوبكر البغدادي على قيد الحياة؟ ترجّح روسيا والمرصد السوري لحقوق الإنسان موته، لكن وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس أعلن قبل أيام أنه يظن أن البغدادي ما زال حياً، فهل لهذه المسألة أهمية حقاً في الوقت الراهن؟ من المستبعد أن يشكل هلاك البغدادي عاملاً يؤدي إلى انهيار عمليات هذا التنظيم.

الذخيرة: ماذا عن أصول بسيطة مثل الذخيرة. هل بدأت ذخيرة "داعش" تنفد؟ هل من إمدادات؟ ومن أين يحصل هذا التنظيم على إمداداته في الوقت الراهن؟

سلسلة القيادة: أما زال هذا التنظيم يحتفظ بسلسلة قيادة على مستوى إستراتيجي؟ هذا مستبعد. وهل يعيد "داعش" بدهاء "توجيه" إستراتيجيته من حرب مناطقية إلى حرب عصابات، كما يعتقد بعض المحللين؟ لا يبدو هذا الطرح مقنعاً، بما أن "داعش" بدأ يترنح، صارت الاعتداءات الإرهابية ترتكز على ما بإمكان مقاتليه فعله حتى الآن: تنفيذ مجازر لا طائل منها.

أما مستقبل "داعش"، فهو مستقبل تنظيم يسعى إلى الهرب، يتوجه ما تبقى من قادته ومقاتليه إلى المناطق الصحراوية ليختبئوا ويعيدوا تنظيم بعض القوات الميليشياوية الجديدة، التي يعطونها أسماء مختلفة على الأرجح، أو ربما ينضمون إلى قوات أخرى، مثل فروع تنظيم القاعدة. فقد سبق أن قاموا بذلك بنجاح.

ولكن من المستحيل إخفاء أي محاولة لنهوض "داعش" مجدداً لأن عنصر المفاجأة قد زال.

لن تفاجأ الحكومات مجدداً، ولن تسمح بتشكّل مناطق خارجة عن سيطرتها، لأن ذلك لا يخدم مصلحة أحد، وقد أعلن الرئيس فلاديمير بوتين مراراً أن هدف روسيا الأول في سورية الحؤول دون تكوّن "ليبيا" جديدة قرب حدودها، كما ستنشط حكومتا العراق وسورية المختلطتان.

بدأت خلافة "داعش"، التي لم تدم طويلاً، في الانهيار. ولا شك أن هذا سينهي الجهاد المناطقي في دول الشرق الأوسط الأبرز في المستقبل المنظور.

ولكن ماذا عن المناطق الأخرى؟ سيستمر الإرهاب الميليشياوي والمُدني في دول كثيرة مثل الفلبين، ونيجيريا، وسيناء في مصر، وأفغانستان، وغيرها.

علاوة على ذلك، ستتواصل الاعتداءات المنفصلة في أوروبا والولايات المتحدة، إلا أنها لن تتمتع بأي أهمية إستراتيجية أو حتى تكتيكية، ستبقى هذه مجرد مجازر لا وسائل سياسية، وقد مررنا بتجارب كثيرة تُظهر أن الرأي العام يخاف لحظة، غير أن الحياة تستمر في اليوم التالي.

عند التفكير بوضوح في مستقبل "داعش"، يذكر المحلل العسكري أنتوني كوردسمان: "تفصلنا أشهر فقط عن المرحلة التي لا يعود فيها تنظيم داعش محور الاهتمام في مسألة أمن العراق واستقراره".

وماذا عن عقيدة القتل؟ ماذا عن استئصال فكرة الجهاد العنيف لإنشاء قوة إسلامية دولية؟ على غرار أي حركة دينية أو سياسية، يشكّل الجهاد والخلافة فكرتين، وتنهار الأفكار السيئة عاجلاً أو آجلاً، مثل الشيوعية، أو تضمحل تماما، كما الرايخ الثالث، كذلك، تفقد زخمها أحياناً وتُستنفد تدريجياً، إذ تُعتبر العبودية خير مثال لذلك أو فكرة الإسكندر الكبير عن الإمبراطورية العالمية.

إذن، ما أجندة "داعش" المتطرفة إلا النسخة الأحدث من حلم انتحاري قديم.

* رونالد تيرسكي

* «ريال كلير ورلد»

back to top