كرامات ومعجزات في أفغانستان (2-2)

نشر في 20-07-2017
آخر تحديث 20-07-2017 | 00:10
نتساءل بعد قراءة كل هذه القصص والتجارب التي وردت في كتاب آيات الرحمن في جهاد الأفغان: هل كانت واقعية أم إنها من مبالغات وخيالات الرواة؟ وهل هي قابلة للتصديق أم لابد من تمحيصها بالعقل؟ وإذا كان مجاهدو الأفغان قد نعموا بمثل هذه العناية والنصر، فلماذا فشل إسلاميون ومجاهدون آخرون في مختلف الدول؟
 خليل علي حيدر

عودة إلى جهاد الأفغان

يقول د. عبدالله عزام: "حدثني جلال الدين حقاني، فقال: كنا ثلاثين مجاهداً، فبدأت الطائرات تقذفنا، فكل القذائف حولنا انفجرت، وجاءت بيننا قذيفة وزنها حوالي 45 كيلوغراماً، فلم تنفجر ولو انفجرت لقتلت معظمناً".

ويضيف د. عزام: "حدثني عبدالمنان، فقال: كنا ثلاثة آلاف مجاهد في مركزنا، فجاءت الطائرات وألقت علينا ثلاثمئة قذيفة نابالم، فلم تنفجر ولا واحدة، ونقلناها جميعاً إلى كؤته (بلد باكستاني فيه مجاهدون)".

ويقول: "حدثني مولوي بير محمد، قال: كنا في محافظة بكستيا 12 مجاهداً، وهاجمتنا قوة حوالي مئة وثماني طائرات وحاصرتنا في سهل، وبدأت تقصفنا، فخرجنا من المعركة، وألبِستُنا مُخرقة، ولكننا لم نجرح، وقتلنا 160 من الشيوعيين ودمرنا ثلاث دبابات واستشهد منا اثنان".

ويضيف: "رأيت بعيني مكان رصاصة على حزام الرصاص الذي يلبسه جلال الدين حقاني على صدره، ولم يجرح صدره، وحدثني جلال الدين حقاني أني وطئت على قنبلة، فانفجرت تحت قدمي ولم تجرحني أبداً. وحدثني أرسلان، قال: أصابتني مرتين قذيفة في قدمي ولم تجرحني".

ونتساءل، تعليقاً على كل هذا: هل الأسلحة والقنابل والذخائر الروسية بهذه الرداءة حقاً؟

9- حفظ الله للمجاهدين

يقول د.عزام، حدثني "محمد منجل، قال: رأيت بعيني الدبابة مرت على (اختر محمد)، فلم يمت وعندما رأوه حياً، عادت الدبابة ومرت عليه، فلم يمت. ثم أخذوه مع اثنين من المجاهدين وأطلقوا على الثلاثة النار من الرشاش فلم يمت واستشهد الاثنان وسقط الثلاثة على الأرض، وجاءوا وواروه التراب، وبعد أن ذهب الشيوعيون قام وعاد إلى المجاهدين ومازال حياً يجاهد". فمن يصدق مثل هذا الكلام؟

وقد أصابت رصاصة المجاهد "حضرت شاه" في عينيه "ولم تؤذِ عينيه، فاحمرت فقط". ومن يصدق هذه؟!

ويروي د. عزام عن القائد عبدالرحمن أن الألغام كانت تنفجر تحت دبابة المجاهدين... "وطارت العمائم ولم يجرح أحد"!، كما يروي حكاية جهادية عرفها عن قرب، فيقول: "حدثني إبراهيم قال: في معركة بجي ألقيت علينا قذائف فانكسر المنظار واحترق سروالي".

يقول د. عزام معلقاً: "رأيت سروال إبراهيم بنفسي محترقاً من الشظايا، ومازال السروال عندي، ولم يجرح إبراهيم، وأصيب معظم الموجودين، وقطع حزام الرصاص لبعضهم واحترقت ثياب معظمهم، ولكن لم يجرح واحد منهم". آلاف من العرب والمسلمين والخليجيين... صدقوا كل هذا!

ويروي د. عزام كذلك حكاية أخرى، فيقول إن "سيارة إبراهيم مرت على لغم ولم ينفجر، وكان معه نحو ثلاثين رجلاً، ومرت دبابة للعدو على نفس اللغم فانفجر بها.

ويقول: إن "طائرة ألقت قذيفة، كما حدثني فتح الله، فاحترقت الخيمة ولم يصب أحد من المجاهدين بداخلها"، ويقول: "حدثني عبدالكريم، قال: رأيت الضابط السيد عبدالعلي يخرج وثيابه مخرقة بالرصاص ولم يجرح".

ويستيقظ عقل د. عبدالله عزام للحظة، وهو يتحدث عن الدبابات التي تدوس المجاهدين دون أن يحدث لهم شيء لهم! فيقول: "حدثني عبدالجبار نيازي قال: مرت دبابة، وأنا أرى، على مجاهد اسمه (غلام يحيي الدين) وبقي حيا. وحدثني الحاج محمد يوسف نائب أمير منطقة لوكر، قال: مرت دبابة على جسد المجاهد بدر محمد جل، ولم يتم ولم يجرح".

وهنا يتساءل د. عزام في ارتياب عما جرى للمجاهدين حقاً تحت الدبابة الروسية، فيقول: "ولا تدري هل جاء بين العجلات أم تحت العجلات؟".

ويفرد د. عبدالله عزام باباً تحت عنوان "كرامات الشهداء"، يقول فيه: "أصبحت رائحة دم الشهداء معروفة لدى المجاهدين، وأصبحوا يشمونها على مسافة بعيدة، "حدثني أرسلان قال: عرفت مكان الشهيد عبدالبصير في الليل المظلم من رائحته العطرة". ويضيف أن رائحة الشهيد "ولي جان" فاحت على بعد كيلومترين ونصف، ثم يورد حكاية: "حدثني إبراهي أوجلال الدين، قال: كنت راكباً سيارتي، فشممت رائحة، فقلت لمن معي: هذه رائحة شهيد، لأن لدماء الشهداء رائحة زكية خاصة نعرفها، ولم نكن نعلم أنه في المنطقة شهيد وإذا به شهيد".

ويقول د. عزام إن المجاهدين قد لاحظوا أن العطر على إصبع أم الشهيد يبقى أكثر من ثلاثة أشهر، "حدثني نصر الله منصور قال: حدثني حبيب الله المسمى ياقوت، قال: استشهد أخي وبعد ثلاثة أشهر رأته أمي في المنام، فقال: كل جروحي برئت إلا جرحاً في رأسي؟ فأصرت أمي أن تفتح القبر، وكان قبر أخي بجانب قبر آخر، فظهرت حفرة ظهر من خلالها القبر الآخر، فرأينا أفعى فوق الميت، فقالت أمي: لا تحفروا، فقلت: إن أخي شهيد، ولا يمكن أن نجد أفعى، وعندما وصلنا إلى الجثة فاحت العطور وعبقت في أنوفنا حتى كدنا نتخدر لشدة الرائحة، ووجدنا جرحه الذي في رأسه ينزف دماً، فوضعت أمي إصبعها في دمه فتعطر إصبعها، ومازال إصبعها رغم مرور 3 أشهر معطراً حتى الآن يعبق شذى طيباً".

ومن شهادات الكتاب المزيد من قصص عن شهداء يرفضون تسليم سلاحهم، "حدثني زبير مير علم أنه استشهد معهم ميرآغا وكان معه مسدس، فجاء المجاهدون لأخذ المسدس فرفض تسليمه، فعندما أوصلناه إلى بيته جاء والده (قاضي مير سلطان) وقال يا بني: هذا المسدس ليس لك، إنما هو للمجاهدين... فألقى المسدس".

"وحدثي زبير مير علم في شهر شباط 1983م: استشهد معهم سلطان محمد فاحتضن الكلاشن، وجاء الروس وحاولوا كثيراً، فرفض أن يسلمهم إياه حتى قطعوا يده. وحدثني محمد شيرين أن محمد إسماعيل وغلام حضرت رفضا تسليم السلاح بعد الشهادة". ولا يتساءل د. عزام ما حاجة شهداء الأفغان إلى الرشاش في قبورهم؟!

ومن محتويات كتاب "آيات الرحمن" الأخرى، ما يرويه د. عزام عن محمد شيرين، "قال: رأيت عبد الغياث بعد استشهاده بثلاثة أيام يجلس القرفصاء، فظننته حياً، فاقتربت منه ومسسته فاستلقى على ظهره"! ومن كرامات المجاهدين قدرتهم على فتح عيونهم بعد الاستشهاد... والابتسام، يقول د. عزام: "حدثني أرسلان: كان عبدالجليل طالب علم صالحاً، فأصابته قذيفة طائرة فاستشهد، وبعد صلاة الجنازة عليه (لأن الحنفية يصلون على الشهيد)، وكان الوقت عصراً، أرسلوه إلى بيت أبيه وبقي حتى الصباح والمجاهدون عنده وهو يفتح عينيه ويبتسم، فجاء المجاهدون إلى أرسلان، وقالوا له إن عبدالجليل لم يمت، فقال: لقد استشهد، قال المجاهدون: لا يجوز دفنه حتى نتأكد من حياته، ولابد من إعادة صلاة الجنازة عليه، قال أرسلان: إنه استشهد بالأمس، ولكن هذه كرامات الشهيد".

وهناك شهيد لم يكن يبتسم فحسب، بل كان يضحك فيما يروي د. عزام، "حدثني محمد عمر قائد عام (بغمان) قال: استشهد معنا حميدالله، وعند دفنه وجدته يضحك، فظننت أنني توهمت، فخرجت ومسحت عيني، فوجدته كذلك".

وكان كلاب أفغانستان تميز بين جثث الشهداء من المجاهدين وجثث أعدائهم، فيما ينقل د. عزام من روايات!

إذ يقول عن جلال الدين: "ما رأيت شهيداً أكلته الكلاب، ولقد رأيت شهيداً اسمه جلاب بقي 25 يوماً، وحوله الشيوعيون أكلت الكلاب كثيراً من الشيوعيين ولم تمس الشهيد".

وفي كتاب د. عزام نماذج قليلة جداً من شهيدات النساء، ومنها ما يرويه "يوردل" ومساعده محمد كريم، وقد حدثا د. عزام عن "امرأة استشهدت وطفلتها، فجاء الناس يحاولون أن يفكوا الطفلة من أمها فأبت، فأفتى العلماء بالصلاة عليهما". ويضيف د. عزام أنه "في المذهب الحنفي لا تجوز صلاة الجنازة على أكثر من واحد".

ونتساءل بعد قراءة كل هذه القصص والتجارب: هل كانت واقعية أم إنها من مبالغات وخيالات الرواة؟ وهل هي قابلة للتصديق أم لابد من تمحيصها بالعقل؟ وإذا كان مجاهدو الأفغان قد نعموا بمثل هذه العناية والنصر، فلماذا فشل إسلاميون ومجاهدون آخرون في مختلف الدول؟

ثم إن الأفغان لم يكونوا شعب الله المختار، إذ سرعان ما انقسموا وتطاحنوا، وكانت القبلية والمصالح والصراعات تكمن في نفوسهم قبل انسحاب الروس، كما غرقوا بعد ذلك في أتون حرب أهلية... فأين ذهبت تلك القدسية والروحانية؟ ثم ما دور المساعدات الخليجية والأميركية؟ وما نصيب "مجاهدي طالبان" من هذه المعجزات اليوم؟

يروي الكاتب أن كلاب أفغانستان كانت تميز بين الجثث فكانت تأكل الشيوعيين ولا تقترب من جثث الشهداء المجاهدين
back to top