غابات الكورال

نشر في 04-07-2017
آخر تحديث 04-07-2017 | 00:08
 يوسف عبدالله العنيزي ساورني الشك بأن بعض الإخوة الأعزاء من المتابعين لهذه السلسلة من المقالات، وفي شتى المجالات وتنوع المواضيع، قد وصلوا إلى مرحلة الملل، وخصوصا تلك التي تتحدث عن رحلة الألف ميل، والتي يعتقد البعض أنها قد تجاوزت الألف ميل بآلاف الأميال، وتخطت أحداثها أحداث قصص ألف ليلة وليلة، ورحلة ابن بطوطة، ومغامرات "جلفر"، ولكن الواقع أني التقيت في الأيام القليلة الماضية بعدد من الأصدقاء فسعدت بسماع بعض الإطراء والاستحسان لهذه المقالات، وخصوصا رحلة الألف ميل.

وطالبني البعض بالمزيد منها وذلك رغبة في معايشة تلك التجربة التي استمرت على مدى عقود من السنين، والتنقل في أرجاء هذا الكون الواسع، فبقدر ما فيه من تعب ومشقة إلا أن ذلك يملأ النفس فخرا واعتزازا بتمثيل هذا الوطن الغالي ونظامه الديمقراطي الفريد، وكم يغمرني الفخر عندما أكلف بمهمة مهما كانت وفي أي مكان مهما بعدت المسافة.

ففي بدايات عام 1998 وأثناء رئاستي للبعثة الدبلوماسية في فنزويلا كلفت بتمثيل دولة الكويت في حفل تنصيب الرئيس المنتخب لجمهورية نيكاراغوا الصديقة، وعليه فقد غادرت مدينة كراكاس متوجها إلى نيكاراغوا مرورا بمدينة سان خوسيه عاصمة كوستاريكا التي تحتل المركز الأول عالميا في مقياس السعادة، وحسب ما رأيت فإني أعتقد جازما بصدق هذا الاختيار، ولعل أول ما تلاحظه في ذلك البلد الرائع غياب المظاهر العسكرية، فقد تم إلغاء الجيش وتحويل القوات المسلحة إلى قوات من المعلمين يجوبون المدن والأرياف لنشر التعليم، حتى قاربت نسبة الأمية الصفر، وقد تم استخدام الأموال المخصصة لشراء المعدات العسكرية والصواريخ والطائرات لبناء المجمعات السكنية والمدن الصحية والتعليمية والتصنيع وغيرها من مشاريع التنمية.

كما تلاحظ التعايش والمحبة بين كل أطياف المجتمع، فقد لاحظت في الفندق الذي أقمت فيه على مدى ثلاثة أيام وجود مبنى مرتبط به ممر يوجد في نهايته كنيسة ثم مسجد وبجانبه كنيس، وترى الجميع متوجهين بجانب بعض حتى يصل كل إلى مبتغاه، هذا ولنا عودة للحديث عن هذا البلد الرائع.

وعليه فلنواصل الرحلة إلى مدينة "ماناجوا" عاصمة نيكاراغوا، حيث حضرت حفل تنصيب فخامة الرئيس، والذي تميز بروعة التنظيم وحضور عدد كبير من رؤساء وممثلي الدول.

وفي اليوم التالي زرت بحيرة "ماناجوا" التي تعتبر أكبر بحيرة في العالم، وتشتهر بوجود سمك "بيرانا" المفترس، وفي طريق العودة من نيكاراغوا إلى كراكاس توقفت في مدينة "كانكون" في المكسيك، حيث انضممت إلى فريق من السياح من مختلف الجنسيات، وذلك للقيام بزيارة لغابات "الكورال" وسط بحر الكاريبي المواجه لمدينة كانكون.

بدأ الفريق بالتحرك باستخدام "الجت سكي" وبقيادة مرشدين إلى تلك الغابات، وهناك كوّن الفريق دائرة حول الغابة، ونزلنا إلى البحر مرتدين سترات لتلافي الدوس على الكورال الذي يشكل غابات تمازجت فيها الألوان بمنظر بديع وصور رائعة تجلت فيها قدرة الخالق.

قضينا في ذلك المكان ما يقارب النصف ساعة بالتقاط الصور والتمتع بهذه المناظر المبهجة، وهنا خطر على البال حديث شريف أو قول مأثور "بأن الله إذا أحب عبدا أطلعه على ملكه"، فأدعو الله أن أكون ممن أحبهم بإذنه تعالى. واللهم من أراد بالكويت خيرا فوفقه لكل خير ومن أراد بالكويت شرا فرد كيده في نحره.

وحفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

أبو هشام في ذمة الله

إنها سنّة الحياة وقضاء الله الذي لا راد لقضائه، فقد انتقل إلى رحمة الله الأخ والصديق والفنان أحمد علي العامر، وكأني به قد اشتاقت روحه للقاء ابنته الشهيدة "وفاء العامر" التي افتدت الكويت بروحها، ولقد أحسست في مكالمتي الأخيرة معه بحجم المعاناة لذلك المرض الخبيث الذي حاول جاهدا هزمه، ولكنها إرادة الله، ولا نملك إلا الدعاء أن يرحمه الرحمن برحمته، ويتغمد روحه برضوانه، ويلهم العائلة ومحبيه العزاء وحسن الصبر والسلوان، و"إنا لله وإنا إليه راجعون".

back to top