العراقيون يقاتلون «داعش» في آخر جيب بالموصل

الجنود يناورون في الحي القديم سيراً على الأقدام وبأسلحة خفيفة

نشر في 29-06-2017
آخر تحديث 29-06-2017 | 00:05
عناصر من الشرطة الاتحادية العراقية أمام كنيسة سمعان الصفا التاريخية في الموصل القديمة أمس           (رويترز)
عناصر من الشرطة الاتحادية العراقية أمام كنيسة سمعان الصفا التاريخية في الموصل القديمة أمس (رويترز)
من فتحة صغيرة في جدار على الخط الأمامي في الموصل راح جنود عراقيون يرتدون زياً أسود يتطلعون لإلقاء نظرة على آخر مساحة من الأرض يسيطر عليها تنظيم "داعش" في قلب المدينة التاريخي.

وعلى بعد خطوات فقط تنتصب في أرض حرام تفصل بين المتحاربين قاعدة المئذنة الحدباء التي ظلت تطل على المدينة على مدار 850 عاما حتى قام المتشددون بتلغيمها ونسفها الأسبوع الماضي.

ويقتضي الوصول إلى هذا العمق في الموصل القديمة أن ينزل جنود جهاز مكافحة الإرهاب من عربات الهمفي المدرعة والسير عشر دقائق في متاهة من الأزقة الضيقة التي لا تتسع في بعض المناطق إلا لمرور رجل واحد.

ويعبر الجنود من خلال فتحات في الجدران ويدخلون بيوتا وأفنية مهجورة ينتشر فيها الركام.

وقال جنود ممن ينطلقون عبر أزقة تسدها حجارة وقطع أثاث أمس، إن القناصة والمفجرين الانتحاريين ما زالوا مصدر المقاومة الرئيسي من جانب "داعش". ويتداول الجنود فيما بينهم سبل التكيف مع القتال خارج عرباتهم الهمفي.

وقال جندي، إن المواجهة ليست مباشرة، مضيفا "أحيانا يخرجون فجأة من ناصية".

والمباني في هذه المنطقة شديدة الكثافة لدرجة أن السيارات لا يمكنها المرور فيها كما أن الضربات الجوية ستتسبب على الأرجح في أضرار وخسائر بشرية واسعة غير مقصودة. وأصبحت معركة استعادة العاصمة الفعلية لـ"داعش" في العراق تقتصر على مجموعة من الجنود العراقيين مسلحين ببنادق هجومية يناورون سيرا على الأقدام عبر قلب المدينة بأزقته الترابية.

وأفادت مصادر أمنية وشهود عيان أمس، بأن الأهالي في مدينة الموصل تطارد عناصر "داعش" في الأحياء والمناطق المحررة وتسليمهم الى القوات العراقية.

وقال قائد شرطة نينوى العميد الركن واثق الحمداني، إن قوات "طوارئ شرطة نينوى ألقت القبض على كل من رعد سلطان عواد، يعمل في ولاية الجزيرة وهو مصاب أثناء قتاله في الساحل الأيمن، وجياد عيسى علي، يعمل في كتيبة الاقتحامات بعد تسللهم من الجانب الأيمن الى منطقة حي الصديق شمال شرقي الموصل في الساحل الأيسر للمدينة".

من جانب آخر، أفاد شهود عيان بأن أهالي حي الميثاق جنوب شرقي الموصل أحرقوا حافلة واعتقلوا صاحبها المنتمي إلى "داعش" وسلموه للقوات الأمنية في المنطقة، في حين اعتقلوا أحد عناصر التنظيم بعد مطاردة، حيث كان متخفيا داخل أحد المنازل في حي البكر شرقي الموصل وسلموه للقوات الأمنية.

وأوضح الشهود أن سكان حي التنك غربي الموصل مازالوا يعلقون على عمود وبشكل عكسي أحد عناصر "داعش" ممن قتلوا في الهجوم على الحي الأحد الماضي.

وتخوض القوات العراقية قتالا عنيفا مع "داعش" في أحياء الموصل القديمة التي تحولت أبنيتها الى ركام من جراء القصف المتبادل، بينما غاب مشهد مأذنة الحدباء الشهيرة عن أحياء الموصل القديمة، لأول مرة بعد تدميره من قبل التنظيم بعد أن كان من أشهر معالم الموصل منذ قرون.

وقال العميد السابق بالجيش العراقي صفاء العبيدي أمس، إن "تنظيم داعش الإرهابي يلتقط أنفاسه الأخيرة، ولكن لديه خلايا نائمة في بغداد وغيرها من المناطق في العراق، ولذلك لابد من الحذر".

ورغم أن القوات العراقية حاليا "في وضع ممتاز" لهزيمة التنظيم في الموصل وغيرها من معاقله في العراق، فإن العبيدي يتوقع أن يسعى التنظيم لتحقيق "المزيد من النجاحات الإعلامية من خلال تنفيذ هجمات تستهدف المدنيين في مناطق متفرقة، وبذلك يحاول تغيير تكتيكاته على أرض المعركة".

لكن لاتزال بضعة أحياء خارج سيطرة القوات العراقية التي تقاتل بشراسة لاستعادتها بالكامل. ورغم أن السلطات تتوقع أن ينتهي الهجوم في الأيام القليلة المقبلة، فما زال تقدم القوات عملية مضنية بسبب لجوء التنظيم لاستخدام المدنيين من سكان الموصل القديمة دروعا بشرية، ولضيق الطرق والأزقة في المدينة القديمة، مما دفع إلى ترجل الجيش والقوات وملاحقة التنظيم من بيت إلى بيت ومن زقاق إلى آخر.

back to top