البرلمان البريطاني يفاجئ الأسواق ويعقّد الـ «بريكست»

«الوطني»: التوقعات تخيب إزاء «المركزي» الأوروبي... وتحوط دراغي لا ينبغي الاستهانة به

نشر في 11-06-2017
آخر تحديث 11-06-2017 | 17:16
No Image Caption
في آخر نقاش له حول سياسته، أغلق البنك المركزي الأوروبي الباب أمام المزيد من خفض أسعار الفائدة، بينما امتنع عن مناقشة عملية الخفض التدريجي، دون أن يتطرق إلى أي تغيير في سياسته، في حين خفض توقعاته الخاصة بالتضخم. ويتوقع البنك أن يبلغ التضخم 1.5% فقط هذه السنة، أي أقل من التوقع السابق البالغ 1.7%، وسيرتفع بالكاد إلى 1.6% في 2019.
خسر حزب المحافظين، برئاسة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، الأسبوع الماضي الأغلبية البرلمانية التي كان يمتلكها، وذلك في الانتخابات العامة التي كانت مرتقبة بشكل كبير. وجاءت النتيجة مفاجئة للسوق، إذ توقع المستثمرون أن ترفع تيريزا ماي غالبيتها في البرلمان، لتقوي وضعها قبيل المحادثات المهمة المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقد تراجع الجنيه الإسترليني بحدة، إذ إن نتيجة الانتخابات زادت الإرباك حيال الوضع السياسي لبريطانيا والمفاوضات القادمة بشأن خروجها من الاتحاد الأوروبي.

وقال تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، إنه بالإضافة لذلك، وقبيل أقل من أسبوعين على بدء المفاوضات، سيكون لدى الحكومة البريطانية دعم محلي أقل للمفاوضة على عملية الخروج، ومن ناحية أخرى، فإن الاضطراب السياسي في بريطانيا هو سيناريو قاتم لزعماء الاتحاد الأوروبي الذين يريدون القيام بالمحادثات بسرعة لأن الوضع الحالي قد يدفع بريطانيا إلى إرجاء المحادثات إلى حين تشكيل ائتلاف.

وفي أوروبا، كان الاقتصاد الموحد يكتسب زخما منذ بداية السنة، ليؤدي بذلك إلى توقعات بتغيير نبرة البنك المركزي الأوروبي، وكات توقعات السوق قد خابت يوم الخميس حين امتنع البنك عن ذكر وتيرة الخفض التدريجي لسياساته التسهيلية.

وعلى صعيد العملات، بدأ الدولار بالتراجع بعد انخفاض عوائد سندات الخزينة الأميركية ذات مدة عشر سنوات إلى 2.13 في المئة، وهي النسبة الأدنى منذ 10 نوفمبر. ويعزى انخفاض العائد إلى التوتر السياسي في الشرق الأوسط، وعدم اليقين حيال الانتخابات البريطانية، والأهم نتيجة شهادة المدير السابق لمكتب التحقيقات الفدرالي، جيمس كومي. ولكن الدولار عاد إلى الانتعاش بعد أن تبين أن شهادة كومي لم تكشف عما يمكن أن يؤدي إلى عزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وبدأ الدولار الأسبوع الماضي عند 96.76% من الاسترليني وارتفع إلى أعلى مستوى له منذ 31 مايو عند 97.48%.

وكان التداول بالعملة الموحدة يجري في نطاق ضيق في بداية الأسبوع الماضي، إذ إن الأسواق كانت حذرة قبيل يوم الخميس ولم تصدر أية بيانات اقتصادية هامة. وتغير كل ذلك بعد تعليقات رئيس البنك المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، المحافظة وتم خفض توقعات التضخم، وبدأ اليورو تراجعه الحاد مقابل الدولار. وقد بدأ اليورو الأسبوع عند 1.1276 وأنهاه يوم الجمعة عند1.1192.

وكان الجنيه الإسترليني قويا مقابل الدولار في بداية الأسبوع وارتفع إلى أعلى مستوى له منذ مايو 25 عند 1.2977. وليلة الخميس، بعد صدور نتائج الانتخابات، تراجع الجنيه من 1.2962 إلى 1.2704 وتابع تراجعه يوم الجمعة إلى أدنى مستوى له عند 1.2632، وهو المستوى الأدني منذ 18 أبريل. واسترجع الجنيه بعض خسائره وسط إعلانات تفيد بأن رئيسة الوزراء البريطانية ستشكل حكومة بمساعدة الحزب الاتحادي الديمقراطي. وساعدت هذه الأنباء الجنيه، إذ إن المستثمرين أملوا أن يساعد التشكيل المحتمل لائتلاف كهذا بريطانيا على تجنب خروج صعب من الاتحاد الأوروبي.

ومن ناحية السلع، كان المعدن الثمين يوم الأربعاء قريبا من أعلى مستوى له في 7 أشهر عند 1,296.00$، إذ إن عدم اليقين السياسي العالمي رفع الطلب على أصول الملاذ الآمن، ولم يشكل اجتماع البنك المركزي الأوروبي ولا شهادة جيمس كومي يوم الخميس حدثا يذكر، ما أدى إلى تراجع سعر الذهب، لينهي الأسبوع 1,265.90.

الوظائف الأميركية

ارتفع عدد الوظائف في أميركا في أبريل إلى أعلى مستوى له منذ بدء الاستطلاع في ديسمبر 2000، ولكن قد يكون أرباب العمل يجدون صعوبة في إيجاد موظفين مؤهلين مع تضييق سوق العمل. وارتفع مجموع الوظائف من 5.8 ملايين في مارس إلى 6.04 ملايين، وكان أعلى من التوقعات. وتراجع قليلا عدد الموظفين الذين تركوا وظائفهم باختيارهم إلى 2.1 في المئة في أبريل، ولكنه بقي قريبا من أعلى مستوى له في 10 سنوات، وتدعم البيانات مجلس الاحتياطي الفدرالي في رفع أسعار الفائدة الشهر القادم.

تحوط دراغي

أغلق البنك المركزي الأوروبي، في آخر نقاش له حول سياسته، الباب أمام المزيد من خفض أسعار الفائدة، بينما امتنع عن مناقشة عملية الخفض التدريجي، ولم يتطرق البنك إلى أي تغيير في سياسته، في حين خفض توقعاته الخاصة بالتضخم، ويتوقع البنك أن يبلغ التضخم 1.5 في المئة فقط هذه السنة، أي أقل من التوقع السابق البالغ 1.7 في المئة، وسيرتفع بالكاد إلى 1.6 في المئة في 2019.

والموضوع الأساسي هو التضخم، الذي يبقى ضعيفا. ومعدل البطالة في مسار تراجع، ولكن الأجور مستقرة مع لجوء العديد من الأفراد إلى وظيفة بدوام جزئي أو إلى وظائف بأجر أقل. وأفاد دراغي بأن مؤشرات التضخم "عليها أن تظهر إشارات مقنعة بالارتفاع". وحول تحديث التوقعات الاقتصادية، يتوقع البنك أن يتوسع النمو بنسبة 1.9 في المئة هذه السنة، أي بارتفاع نسبته 0.1 في المئة عن التوقع السابق. ورفع أيضا توقعه للنمو لسنة 2018 من 1.7 إلى 1.8 في المئة، ولسنة 2019 من 1.6 إلى 1.7 في المئة. وأعرب رئيس البنك المركزي الأوروبي أيضا عن زيادة ثقته بالاقتصاد.

وفي الإجمال، كانت الأسواق تتوقع موقفا أكثر تفاؤلا من البنك، فيما كانت نبرة دراغي حذرة للغاية تجاه التقييد النقدي، وهو ما لا ينبغي الاستهانة به. وتعتبر الوظيفة الأساس للبنك المركزي هي السيطرة على التضخم، وطالما أن النمو السعري يبقى منخفضا، فسيشعر البنك أنه مجبر على استمرار دعمه للاقتصاد.

الزخم الأوروبي القوي

يبدو أن اقتصاد منطقة اليورو ينحو باتجاه الارتفاع منذ بداية السنة مع استمرار النمو الاقتصادي في التسارع بأسرع وتيرة له في 6 سنوات، وسجل مؤشر الإنتاج المركب، بحسب مؤسسة IHS Markit، 56.8، مثل الشهر السابق. وجاءت هذه البيانات بدعم من نمو قوي في الأعمال والطلبات الجديدة، ليرفع الإنتاج المستقبلي في أوروبا لمدة سنة إلى أعلى مستوى له منذ بدء تسجيل بيانات هذه السلسلة في يوليو 2012. ونمو إنتاج ألمانيا وفرنسا حاليا هو عند حوالي أعلى مستوى في 72 شهرا.

وفي قطاع الخدمات، بقي معدل تقدم أوروبا على حاله تقريبا في مايو عند 56.3، مع تسجيل إسبانيا أعلى معدل توسع عند 57.3. وانعكس التحسن المتواصل في قطاع الخدمات إيجابا على ثقة قطاع الأعمال، التي سجلت أعلى مستوى في 85 شهرا في مايو. وقد شجعت الأرقام القوية للطلبات الجديدة عبر أكبر اقتصادات أوروبا على خلق الوظائف، مع تسارع وتيرة فرنسا في خلق الوظائف إلى أعلى مستوى لها منذ أغسطس 2011. وتشير آخر قراءات مؤشر مديري الشراء إلى أن منطقة اليورو تتمتع بربع ثان قوي، متسق مع ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي إلى معدل 0.7 في المئة.

وبالرغم من التوقع الإيجابي لمستقبل الاقتصاد الألماني، تراجعت طلبات المصانع في أبريل مع تراجع الطلب من الخارج بنسبة 3.4 في المئة وتراجع الطلبات من خارج منطقة اليورو بنسبة 4.8 في المئة. ولكن من المعروف أن المؤشر متقلب والتراجع ليس كافيا لإضعاف أكبر اقتصاد في أوروبا.

وكان الاقتصاد الألماني قويا حتى الآن هذه السنة، بتوسعه بنسبة 0.6 في المئة في بداية السنة، بما فاق معدل منطقة اليورو. وتعتبر البطالة عند مستوى متدن قياسي وفي تراجع، فيما ثقة قطاع الأعمال عند أعلى مستوى لها منذ 1991، ويتوقع البنك المركزي الألماني أن الاقتصاد سيستمر في التوسع بوتيرة قوية في الأشهر القادمة، مدعوما من الطلب الخارجي والمحلي.

تضخم صيني متضارب

تحدى الاقتصاد الصيني التوقعات في مايو بعد أن خفضت وكالة موديز تصنيفه الائتماني للمرة الأولى في 30 سنة، لأن القوة المالية للصين ستتراجع في السنوات المقبلة بسبب تباطؤ النمو واستمرار ارتفاع الدين في فترة من ارتفاع تكاليف التمويل.

واتسع الميزان التجاري الصيني بمقدار 2.76 بليون دولار في مايو ليصل إلى 40.81 بليونا، ولكنه جاء دون التوقعات البالغة 46.32 بليونا. وتقلص العجز، على أساس سنوي، بحوالي 4 بليون دولار مع ارتفاع الصادرات بأقل من الواردات، وارتفعت الصادرات والواردات بنسبة 8 و11.9 في المئة على التوالي.

وتتوقع منظمة التجارة العالمية أن تنمو تجارة البضائع العالمية من 1.3 في المئة السنة الماضية إلى 2.4 في المئة، وتتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني بشكل معتدل في الربع الثاني، وبالإجمال، قد يشهد الاقتصاد بعض الصعوبات مع سعي الحكومة لإزالة المخاطر من النظام المصرفي وللسيطرة على الدين ومخاطر الإسكان.

وكانت الأسعار التي يدفعها المنتجون منخفضة للشهر الثالث على التوالي في مايو، مشيرة إلى تباطؤ اقتصادي مع انخفاض الأرباح بسبب الطلب المحلي الضعيف وارتفاع تكاليف التمويل، وتأثر الضغط على خفض مؤشر سعر المنتج أيضا بانخفاض أسعار السلع، وعلى أساس سنوي، كانت أسعار المنتج مرتفعة بنسبة 5.5 في المئة في مايو، أي بانخفاض عن نسبة أبريل البالغة 6.4 في المئة.

وقد يكون انخفاض أسعار المنتج في الصين مشكلة للبنوك المركزية الرئيسة عالميا مع محاولتها بلوغ معدل التضخم المستهدف. وتتوقع الأسواق أن يتراجع الاقتصاد الصيني في الأشهر القادمة، مع إشارة آخر بيانات نشاط المصانع أيضا إلى تباطؤ تدريجي، ومن ناحية أخرى، ارتفع تضخم المستهلك إلى أعلى مستوى له في أربعة أشهر من 1.2 إلى 1.5 في المئة. ويعتبر التضخم حاليا أقل بكثير من المعدل الذي تستهدفه الحكومة عند حوالي 3 في المئة لسنة 2017.

أطول نمو مستدام لاقتصاد اليابان

نما الاقتصاد الياباني بوتيرة أبطأ مما كانت تتوقعه الحكومة سابقا، ولذا فقد تم خفض القيمة النهائية المعدلة على أساس سنوي للسلع والخدمات المنتجة في الربع الأول من 2017 من 2.2 إلى 1 في المئة.

وقد تراجع الاقتصاد بسبب تراجع المخزونات النفطية، والمواد الخام، وتباطؤ وتيرة النمو في الاستهلاك الخاص، ونما الناتج المحلي الإجمالي، على اساس ربع سنوي، بنسبة 0.3 في المئة مقارنة بالتوقع الأول البالغ 0.5 في المئة.

وحتى مع انخفاض النمو، سجل الاقتصاد أطول نمو مستدام في أكثر من عقد من الزمن، مع خمسة أرباع من التوسع الاقتصادي المتواصل، بالرغم من أن هذا التوسع لم يترجم إلى ارتفاع في الأجور وبنك اليابان مازال بعيداً عن معدل التضخم المستهدف البالغ 2 في المئة. وقد تطيل البيانات الأخيرة مدة السياسة النقدية التسهيلية في اليابان.

back to top