ثلاثون فتوى إرهابية!

نشر في 08-06-2017
آخر تحديث 08-06-2017 | 00:15
الباحث والإعلامي والمجاهد السابق في أفغانستان خالد المشوح يتناول في كتابه «التيارات الدينية في السعودية»، فصلاً عن «ثلاثين شبهة تعتمد عليها تيارات العنف الإسلامية»، مؤكداً أنها الأسس للأفكار التكفيرية ابتداء من «الجهاد» و«الجماعة الإسلامية» وانتهاء «بالقاعدة».
 خليل علي حيدر يفرد الباحث والإعلامي والمجاهد السابق في أفغانستان خالد المشوح، الذي يحمل شهادة ماجستير من جامعة بجنوب إفريقيا "في الجهاد" في كتابه "التيارات الدينية في السعودية"، فصلاً عن "ثلاثين شبهة تعتمد عليها تيارات العنف الإسلامية"، فيقول المشوح: "هذه أبرز ثلاثين شبهة يمكن أن نقول إنها الأسس للأفكار التكفيرية ابتداء من "الجهاد" و"الجماعة الإسلامية" وانتهاء "بالقاعدة"، ويضيف "إن من أمضى فترة طويلة في استقصائها وجمعها هم العاملون مع "حملة السكينة"، وهو الفريق الذي بذل جهداً كبيراً في تقصي أفكار هذه التيارات، ولا سيما تنظيم القاعدة الذي بات المرجع لكل التيارات منذ أحداث سبتمبر 2001".

ولا شك أن المؤلف سيضيف أفكار تنظيم "داعش" ومناهجه إلى هذه النقاط الثلاثين في طبعات الكتاب القادمة! والآن ما هذه "الشبهات" التي بسببها تقوم الجماعات الإرهابية في تنظيمات "الإسلام السياسي"، بممارسة القتل والتفجير والاغتيال والدهس والاختطاف والحرق؟

1- الدول والأنظمة المعاصرة استبدلت الشريعة الإسلامية بتحكيم القوانين الوضعية، وتحكيم القوانين كفر مُخرج من الملة.

2- الأنظمة المعاصرة في العالمين العربي والإسلامي أنظمة كافرة لانضمامها إلى المنظمات الدولية الطاغوتية الكافرة كهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وغيرهما، بل إن بعض الدول المنتسبة إلى الإسلام تفتخر بأنها من المؤسسين لهذه المنظمات، وتعترف أن انضمامها جاء باختيارها وإرادتها.

3- الدول المعاصرة نفسها في العالمين العربي والإسلامي نقضت عقيدة الولاء والبراء فوالت الكفار، وبنت علاقات سلمية معهم، وهي تستقبلهم وتكرمهم وتهنئهم في مناسباتهم، في حين هي تتبرأ من المجاهدين وتلاحقهم وتودعهم السجون، والله تعالى يقول "وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ".

4- الدولة المعاصرة عطلت شعيرة الجهاد في سبيل الله، وقد قرر العلماء أن من امتنع عن شيء من الشعائر الإسلامية قوتل عليه.

هذه الجماعات السلفية الجهادية، يذكر المؤلف، تستند إلى فتوى "شيخ الإسلام أحمد بن تيمية"، 503 من المجلد 28، ويقول فيها: "أيما طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات، أو الصيام، أو الحج، أو عن التزام تحريم الدماء، والأموال، والخمر، والزنى، والميسر، أو عن نكاح ذوات المحارم، أو عن التزام جهاد الكفار، أو ضرب الجزية على أهل الكتاب، وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته- التي لا عذر لأحد في جحودها وتركها- التي يكفر الجاحد لوجوبها، فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرة بها، وهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء".

5- الله تعالى أمرنا بالجهاد ووعدنا بالنصر، واشترى منا أنفسنا وأموالنا ووعدنا الجنة، فالجهاد عبادة مقصودة لذاتها، والشهادة عبادة مقصودة لذاتها، وأداء العبادة ليس إثما.

6- لا يكترث أعضاء هذه التنظيمات بما قد يحدث لهم من قتل أو اعتقال أو غير ذلك، فهم يؤمنون، كما يورد كتاب المشوح، "أن النصر الحقيقي هو الثبات على المبادئ وليس هو الغلبة المادية، بل إبراهيم، عليه السلام، كان منتصراً وهو يلقى في النار، وبلال كان منتصراً وهو تحت التعذيب والنكال، وخبيب كان منتصراً وهو على المشنقة، والإمام أحمد كان منتصراً وهو تحت السياط، وشيخ الإسلام ابن تيمية كان منتصراً وإن مات مسجونا، كما أننا نثق بوعد الله تعالى لنا بالنصر والتمكين، ولذا يجب القتال وعدم الالتفات إلى الأمور المادية لأن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة".

7- لا يكترث "المجاهدون" بقوة الخصوم وإمكاناتهم، ويؤمنون حتى بصحة ما يرون في منامهم من أحلام النصر! ذلك أن "الرؤى من المبشرات التي تثبت أن المجاهد على الحق وهي ما يبقى للمؤمن، وقد تواطأت الرؤى والمنامات على صحة منهج المجاهدين، وأن الله سيفتح على أيديهم وسيمكنهم من أعدائهم، وسيحقق لهم التمكين الذي وعدهم وسيقيم على أيديهم وبدمائهم الخلافة التي يتطلع إليها المسلمون في أنحاء الأرض".

ومن اللافت للنظر هنا أن المحاولات الفاشلة وما رافقها من ضحايا من التنظيم نفسه دون تحقيق أي انتصار، لا تستوقفهم على الإطلاق، "فالجهاد عبادة مقصودة لذاتها"، لاعلاقة له بانتصار أو انكسار، أو النتائج الكارثية لأي محاولة أو تجربة.

8- الإيمان بالمعجزات والكرامات. و"من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بالكرامات التي تدل على صدق المؤمن وصحة منهجه، ومن تأمل واقع الجهاد وما يحصل للمجاهدين فيه من أنواع الكرامات، قطع بصحة منهجهم وسلامة طريقتهم"، ويشيرون إلى "الجهاد الأفغاني، والنصر على الاتحاد السوفياتي" وإلى "المعجزات والكرامات" التي رافقت ذلك الجهاد، والتي أوردها الشيخ المجاهد عبدالله عزام في كتابه "آيات الرحمن في جهاد الأفغان"، ولا يلتفت "المجاهدون في أفغانستان وأي مكان إلى السياسة الدولية والمساعدات الأميركية وصواريخ ستنغر والأموال الخليجية الحكومية والأهلية التي انهالت على "المجاهدين" آنذاك، ولا فائدة حتى من تذكير المجاهدين بها كحقائق مؤثرة، لأنهم يعتبرون القدرة الإلهية قد سخرت كل هؤلاء لانتصار المجاهدين!

ولا أحد من المجاهدين يناقش كتاب عبدالله عزام و"معجزاته" المزعومة، بل لا يسأل أحدهم نفسه إن كان الرجل بهذه المكانة، فكيف يقتل بهذه الطريقة الشنيعة دون أن تحميه رؤية أو كرامة؟ يقول كتاب "المشوح": عندما اقترب عبدالله عزام من الجهاد الأفغاني عام 1982، بعد سفره إلى السعودية وانتدابه للتدريس في "الجامعة الإسلامية"، بإسلام أباد في باكستان، شعر بسعادة غامرة، وعندما اقترب من المجاهدين الأفغان وجد ضالته المنشودة، وقال: هؤلاء الذين كنت أبحث عنهم منذ زمن بعيد".

ولا مجال لإطالة الحديث عن حياة عبدالله عزام ودوره في الحرب الأفغانية، إلا أنه مات بالطريقة نفسها التي يقتل فيها الإرهابيون خصومهم وسائر الأبرياء الذين يوجدون في مكان التفجير.

يقول كتاب المشوح: "توفي الشيخ عبدالله عزام في مدينة بيشاور في باكستان، حيث يقطن وعائلته رحمه الله بتاريخ 24/ 11/ 1989 في أثناء توجهه لتأدية صلاة الجمعة عندما تعرضت سيارته لانفجار مروع، مما أدى إلى استشهاده مع ولديه (محمد وإبراهيم)، وقد تناثرت أشلاؤهم على مساحة واسعة حول السيارة التي انشطرت إلى قسمين من قوة الانفجار".

لقد قضى الجهاد عمليا على أفغانستان ودمر اقتصادها وأغرق شعبها في بؤس وخراب وكوارث، وأتلف بنيتها التحتية وآثارها وحياتها الاجتماعية. كما دارت بين "المجاهدين" من تلامذة الداعية المجاهد عبدالله عزام وأعوانه وغيره بعد ذلك حروب وعزوات وتصفيات، ولا تزال مأساة أفغانستان وآلام شعبها رجالا ونساء مستمرة بعد رحيل "المجاهدين"!!

ألا يستوقف كل هذا "المجاهد السلفي المسلم"؟

back to top