هل تنمو خلايا جديدة في دماغنا؟

نشر في 06-06-2017
آخر تحديث 06-06-2017 | 00:00
No Image Caption
يشير علم تكوّن الأنسجة العصبية إلى أن من الممكن إنتاج خلايا عصبية تحسّن الذاكرة ومهارات التفكير، ذلك على عكس الاعتقاد السائد بأن دماغنا لا يمكن أن ينتج خلايا جديدة.
نتفادى أوجهاً عدة من التقدّم في السن، ونعتقد أن مشاكل الذاكرة لا تشكّل أحدها. لكن الدكتور قمر سهاي، وهو عالم أعصاب في مستشفى ماساشوستس العام التابع لجامعة هارفارد، يذكر في هذا المجال: «يسود اعتقاد منذ زمن بأن دماغ الإنسان البالغ لا يمكن أن ينتج خلايا دماغ جديدة. لذلك تكتفي باستعمال ما يولد معك. إلا أن الواقع يُظهر أن لكل منا قدرة على تطوير خلايا جديدة تحسّن الوظائف المعرفية».

خلال هذه العملية التي تُدعى «تكوّن الأنسجة العصبية»، تتطوّر خلايا عصبية جديدة (خلايا دماغ) في الحصين، وهو منطقة من الدماغ مسؤولة عن تعلّم المعلومات، وحفظ الذكريات الطويلة الأمد، وضبط المشاعر.

عمل الخلايا العصبية

يفقد الإنسان الخلايا العصبية طبيعياً مع التقدّم في السن. وبمرور الوقت، ينعكس ذلك على أوجه مختلفة من الذاكرة. يوضح الدكتور سهاي: «تواجه صعوبة في فصل الذكريات الجديدة وتخزينها». على سبيل المثال، تخلط بين حوارين أجريتهما مع شخصين مختلفين في اليوم عينه. كذلك، تجد صعوبة في تذكّر توجيهات أو معلومات جديدة أخرى تعلمتها.

ولكن حتى في سن متقدمة، يستطيع الدماغ إنتاج نحو 700 خلية عصبية جديدة في الحصين يومياً، وفق دراسة نُشرت في مجلة Cell عام 2013. لما كان الدماغ يحتوي على مليارات الخلايا العصبية، فربما لا يبدو لك هذا العدد كبيراً، غير أن الدكتور سهاي يؤكد أن لهذا العدد الصغير خصائص بالغة الأهمية. يضيف: «إن استطعت زيادته من خلال عملية تكوّن الأنسجة العصبية، تساهم في استعادة وظائف أساسية في الدماغ».

بالإضافة إلى ذلك، تساعد عملية تكوّن الأنسجة العصبية في الوقاية من داء الألزهايمر، لأن موت خلايا الدماغ يرتبط بهذا المرض (علماً أن عوامل أخرى كثيرة تساهم في هذا الاضطراب). كذلك تساعد هذه العملية في علاج الكآبة والوقاية منها، لأن هذا الاضطراب يسبب إبطاء إنتاج الخلايا العصبية. وأظهرت البحوث أن سلسلة من نوبات الكآبة تؤدي إلى تقلص الحصين بنحو 10%.

ما زال الفهم العلمي لعملية تكوّن الأنسجة العصبية يتطور ويتوسع. صحيح أن معظم البحوث ركّز على الحيوانات، إلا أن الاكتشافات الأولية حدّدت بعض العمليات التي ترتبط على الأرجح بتحفيز تكوّن الأنسجة العصبية في الحصين البشري.

تمارين أيروبيك مستدامة

كشفت بحوث سابقة أن تمارين الأيروبيك تنجح في توليد عدد أكبر من الخلايا العصبية، مقارنة بتمارين المقاومة. وتشير دراسة نُشرت أخيراً في مجلة «علم النفس» إلى أن تمارين الأيروبيك المستدامة المعتدلة الحدية، مثل الهرولة، المشي بسرعة، السباحة، وغيرها من نشاطات مماثلة قد تولّد رد فعل أكبر.

تُظهر الدراسة أن ذكور الجرذان البالغة التي مارست تمارين أيروبيك مستدامة طوال ثمانية أسابيع تمتعت بعدد من الخلايا العصبية في الحصين أكبر بنحو الضعفين أو الثلاثة أضعاف، مقارنة بمجموعة الضبط التي لم تمارس أي تمارين. كذلك بدا هذا التمرين أفضل من تمارين المقاومة والتمارين العالية الحدية بفواصل، التي تشمل أداء فترات قصيرة من التمارين العالية الحدية تتخللها فترات من تمارين التعافي البطيئة. صحيح أن هذه الدراسة أُجريت على الحيوانات، وأننا ما زلنا بحاجة إلى مزيد من البحوث، إلا أن الباحثين يشيرون إلى أن الإنسان قد يجني الفوائد ذاتها.

لا نعلم السبب الذي يجعل هذا النوع من التمارين أفضل. لكن إحدى الدراسات تذكر أن تمارين الأيروبيك المستدامة تُطلق بروتيناً في الدماغ يُدعى عامل التغذية العصبية المستمد من الدماغ تبين أنه يضبط عملية تكوّن الأنسجة العصبية.

تمارين عصبية

التمارين العصبية هي تمارين للدماغ تُبرز محفزات غير متوقعة. كشفت الدراسات أن هذه النشاطات تحسّن الذاكرة. على سبيل المثال، توصلت دراسة نُشرت في مجلة «علوم الأعصاب» إلى أن التسلية بألعاب الفيديو الثلاثية الأبعاد تحسّن أداء الذاكرة بنسبة 12%، مقارنة بألعاب الفيديو الثنائية الأبعاد.

يعزو الباحثون سبب هذا التأثير إلى أن ألعاب الفيديو الثلاثية الأبعاد أكثر تعقيداً، بما أن عليك أن تتعلّم مقداراً أكبر من المعلومات وتتذكّره. يوضح الدكتور سهاي: «لأي نوع من التجارب الغنية المماثلة، التي تعزز الانتباه ولو لفترة قصيرة، التأثير ذاته في الحصين».

على سبيل المثال، استخدِم يدك غير المسيطرة لتنظيف أسنانك بالفرشاة أو تحريك قهوتك. يضيف الدكتور سهاي: «يدفعك ذلك إلى إيلاء المهمة التي تنجزها اهتماماً أكبر. حتى التحدث أو القراءة عن مواضيع جديدة يؤدي إلى تأثير مماثل».

back to top