ترامب يدافع عن الدستور بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ

نشر في 05-06-2017
آخر تحديث 05-06-2017 | 00:06
تؤدي العملية الدستورية إلى اتفاقات ملزمة تستند إلى إجماع واسع، فإذا صوّت ثلثا أعضاء مجلس الشيوخ على تصديق معاهدة فإن ذلك يعني بكل وضوح أن الغالبية العظمى من الشعب الأميركي تدعم هذا الالتزام الوطني أو تقبل به، ويقدّم هذا بدوره أساساً لعمل وطني في المقابل.
 ناشيونال ريفيو ما كان أوباما يملك صلاحية إلزام الولايات المتحدة باتفاق دولي دائم، ولنعتبر ذلك وفاء بصدقه في أحد وعود حملته الانتخابية، فقد أعلن ترامب أخيراً نيته سحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس لمكافحة التغير المناخي، وإذا تمسك الرئيس الأميركي بقراره فإنه يسدي للشعب الأميركي خدمة، وببسيط العبارة قبل أن يُلزم أي رئيس الولايات المتحدة باتفاق دائم متعدد الجنسيات فإن من واجبه إقناع الشعب الأميركي من خلال العمليات الدستورية أن هذا الاتفاق يخدم المصالح الأميركية، لكن أوباما أخفق في ذلك عام 2015، وترامب مصيب برفضه أعماله اليوم.

أولاً، لننسَ مفهوم أن التغير المناخي أكثر أهمية من أن نعالجه من خلال عملية عقد المعاهدات الدستورية، وإن كانت عواقب التغير المناخي كارثية بقدر ما يخشى مَن يدقون ناقوس الخطر فعندئذٍ تصبح العملية الدستورية أكثر أهمية لا أقلها. إذ تؤدي هذه العملية الدستورية إلى اتفاقات ملزمة تستند إلى إجماع واسع، فإذا صوّت ثلثا أعضاء مجلس الشيوخ على تصديق معاهدة فإن ذلك يعني بكل وضوح أن الغالبية العظمى من الشعب الأميركي تدعم هذا الالتزام الوطني أو تقبل به، ويقدّم هذا بدوره أساساً لعمل وطني في المقابل.

طوال أكثر من ثلاثة أجيال قدّمت الولايات المتحدة دماً ومالاً لحلفائها الأوروبيين من دون أن تنتهك مطلقاً الصلاحيات الدستورية، وتلقت من المقابل تعهداً ملزماً من شركائها ببذل دمهم ومالهم من أجل الولايات المتحدة، وهذا ما قاموا به بالفعل في أفغانستان، حيث ما زالوا يقاتلون إلى جانبنا اليوم، وهكذا يُبنى "المجتمع الدولي"، لا من خلال الاتفاقات التنفيذية التي يمكن إلغاؤها بالسهولة عينها التي عُقدت بها، لكن الرؤساء الأميركيين نمّوا عادةً مقلقةً، متجاهلين العمليات الدستورية كلما اعتبروا ذلك مناسباً.

رغم ما قد تقرؤه على "تويتر" وغيره من مواقع شبكة الإنترنت، لا تصدق البتة أننا نعيش لحظةً مصيرية، فما زال القطاع الخاص قادراً على أخذ المبادرات، وكذلك تملك الولايات مقداراً من الحرية يسمح لها باتباع مسارها الخاص، وإذا آمن الناس حقاً بأن الكارثة تلوح في الأفق، فإنهم يتمتعون بالقدرة على إقناع الشعب الأميركي بذلك.

في إعلانه، تعهد ترامب بخوض مفاوضات للتوصل إلى صفقة مختلفة تُعتبر أفضل للعمال الأميركيين، وعندما يقوم بذلك (إن قام به أساساً)، فإن عليه أن ينطلق من سابقة أوباما، ويتذكر الدستور، ويطرح الاتفاق للحصول على تصديق مجلس الشيوخ، فقد يتمكن ترامب عندئذٍ من الفوز بإجماع دائم، وقد ينجح بعد ذلك في قيادة العالم الحر بالطريقة الصحيحة، متقيداً بحكم القانون ومئات السنين من الأعراف القانونية الدولية.

الحسابات بسيطة: يجب أن تتخذ الاتفاقات الدولية الدائمة والملزمة شكل معاهدات، فمن دون معاهدة ما من اتفاق دولي دائم وملزم.

فترامب لم يلتزم بحق بوعود حملته منذ توليه سدة الرئاسة، وقد أخطأ أخيراً بتراجعه عن التزامه بنقل السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، لكن الانسحاب من اتفاقية باريس كان وعداً كبيراً قطعه وأصبح اليوم وعداً كبيراً وفى به.

*ديفيد فرانش

* «ناشيونال ريفيو»

يجب أن تتخذ الاتفاقات الدولية الدائمة والملزمة شكل معاهدات ومن دون معاهدة ما من اتفاق دولي دائم وملزم

طوال أكثر من ثلاثة أجيال قدّمت الولايات المتحدة دماً ومالاً لحلفائها الأوروبيين دون أن تنتهك الصلاحيات الدستورية مطلقاً
back to top