كادر عش ليومك

نشر في 30-05-2017
آخر تحديث 30-05-2017 | 00:24
 حسن العيسى سباق محموم بين عدد من النواب لإقرار كادر المعلم، كادر جديد للنهوض بمهنة المعلم الكويتي حسب وصف جمعية المعلمين في مهنة لا يتجاوز عدد مدرسي الفيزياء الكويتيين أربعة، مشروع كادر جديد يضاف إلى سلسلة ممتدة من الكوادر المالية التي شرعتها الدولة تحقيقاً لفلسفة "الريع" التي تبنتها منذ لحظة ولادة تصدير النفط، وسار قطارها على سكة التثمين أولاً، لتمتد دروبه إلى مدن الهبات المالية والحق في راتب الوظيفة العامة ولو بدون عمل حقيقي لنصل في السنوات الأخيرة إلى فتح باب الكوادر المالية السخية لعدد كبير من المهن الحكومية وتنقل أصحابها من عالم متوسطي الدخل إلى عالم الثراء.

مشروع من المجلس ثم تباركه بعد ذلك الحكومة (الحكومات) في مباراة كسب الشعبويات، فتسكت الفئات المستفيدة وتلهج بالشكر لأريحية المجلسين، ويتم تخدير الوعي عن رصيد المستقبل وتفريغه تماماً بلحظة انتشاء الكادر اليوم، وعندها لا مكان للحديث عن فساد صفقات مالية ضخمة وعمولات وتضخم وظيفي وغياب روح العمل الجاد واللامبالاة تحت سقف فيلا الوظيفة العامة.

لا يمكن النقد هنا، فهناك وصمة الحسد التي ستتهم بها حتماً، وهناك الاتهام بالسكوت عن التجار الكبار والمستفيدين من الحلقات الدائرة في محيط الحكم، واتهامات لا تنتهي عن حاسد الفقير في موته الجمعة، والفقير هنا الموظف العام، بصرف النظر عن نوع هذا الموظف، سواء كان من المنسيين يكد ويعمل في دائرة لا يكترث لها، فلا نائب ولا قريب ولا "أي معرفة" واسطة تبرزه وتسلط عليه ضوء الخيرات، أو كان موظفاً عنده محسوبية واسطة وغير قابل للمساءلة حسب مواصفات الوظيفة الكويتية شبه المقدسة.

بماذا يختلف الفساد هنا حين يأخذ شكل عمولة صفقة مفصلة على مقاس متنفذ كبير من أصحاب الوجاهات المتصدرين للصفحات الملونة في جرائد الخواء، أو كان بشكل مقاول غشاش التهم قيمة صفقة مقاولة من الباطن وأقام بناء من التبن لحائز جديد لسكن حكومي انتظر عشرين عاماً ليصل إلى دوره في صفوف بناء القمامات بغرب الصليبيخات؟ بماذا تختلف أشكال الفساد السابقة عن فساد مشروع سعي نيابي لتحقيق كادر جديد سبقته كوادر ممتدة، ويفتح ثقباً جديداً في قربة ميزانية تضج بثقوب الفساد واللامبالاة.

كل الخير والرفاه نتمناه للمعلمين الكويتيين، أما غير الكويتيين فالأمر مختلف، فهم "حالة مؤقتة" في وظائفهم، ولا يهم إن انتقصت وزارة التربية من مقابل سكنهم البسيط، أو كانت رواتبهم بالكاد تكفي ضرورات عيشهم، فلهم ما يعوضهم من "كادر الدروس الخصوصية" كما يتصور شراح فقه طبقة "أنا كويتي أنا"... لا مانع لمشروع هذا الكادر ولا مانع للمزيد من الكوادر لو كانت السماء تمطر ذهباً وليس عجوزات مالية تتنامى يوماً بعد يوم، وصمتاً شعبياً يصاحبه غياب وعي رهيب عن الحالة المالية لدولة عش ليومك فقط!

back to top