خاص

أستاذة فلسفة الدين والفكر بالمدرسة العليا بقسنطينة نعيمة إدريس لـ الجريدة.: الرجل المسلم بحاجة إلى إعادة تأهيل ديني

«ابتعاد المرأة عن الدين يحوّلها إلى دمية للتجارة واللهو »

نشر في 29-05-2017
آخر تحديث 29-05-2017 | 00:02
اتهمت أستاذة فلسفة الدين والفكر في المدرسة العليا للأساتذة بقسنطينة، الباحثة الجزائرية الدكتورة نعيمة حسين إدريس، القراءات والتأويلات الخاطئة للنصوص الدينية بأنها تظلم المرأة وتنال من مكانتها وكرامتها، وطالبت في حوار أجرته معها "الجريدة" أثناء زيارتها الأخيرة للقاهرة، بقراءة جديدة للنصوص الدينية لتغيير الصورة النمطية عن المرأة المسلمة... وفيما يلي نص الحوار:
• هل يوجد أي أساس ديني لظلم المرأة؟

- يوجد توظيف ديني من أجل ظلم المرأة، فهناك نصوص قرئت خطأ، بمعنى تم تأويلها خطأ، وبالتالي أصبح الظلم ليس من النص، بل من المجتمع، أو القارئ، أو من المفسر لهذا النص الديني، وهذا الظلم الذي يمارس ضد المرأة هو قراءة ضيقة للنصوص الدينية التي تخص المرأة، أيضاً نجد نصوصاً من الكتاب المقدس، إنجيلاً وتوراة، لأن الظلم الواقع على المرأة ليس فقط في المجتمعات الإسلامية، بل حدث في المجتمعات المسيحية نفس الشيء، فهناك نصوص تحقر المرأة، وقراءات لنصوص دينية، منسوبة إلى القديسين.

• ألا يعد ذلك تجنياً على النصوص الدينية؟

- نعترف بأن الأديان، وعلى رأسها الدين الإسلامي، كرمت المرأة، فنجد نصوصاً للسيد المسيح (عليه السلام)، تبجل المرأة، وكذا نجد في الدين الإسلامي نفس الشيء، فهناك سورة كاملة باسم "مريم"، وسورة "النساء"، لكن ما يحدث هو تقليد اجتماعي لا يكرِّس إلا النصوص التي تقلل من قيمة المرأة، وكرامتها مثلا، نحن نتربى على أن صوت المرأة عورة، وأن المرأة لا تخرج إلا لثلاث، ويعطي لهذا الكلام شرعية دينية، كذلك ما يقال إن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وأنها كائن ناقص، ونتجاهل مثلاً الحديث النبوي "رفقاً بالقوارير"، وهو حديث يصف المرأة بالقارورة الشفافة، ومثل هذه الأحاديث لا يذكرها أحد على المنابر، وبالتالي سوقنا لأحاديث أو نصوص كلها لا تعطي المكانة الحقيقية للمرأة، ولابد من قراءة جديدة للنص، فمثلاً خلقت المرأة من ضلع أعوج، لابد له من تأويل جديد، لتجنب ما يقصد به من تفسير سلبي.

• ألا يحتمل أن القصد من الاعوجاج هنا أنه لحماية المرأة؟

- لا، ليس لحماية المرأة، فقد كتبت دراسة بشأن قراءة جديدة للنصوص، وكان انتقائي لنصوص تخص المرأة، لأنني بحثت ووجدت نصوصاً مسكوتا عنها، مثل حديث "لا يجوز أن تسافر المرأة بدون محرم"، وهذا نص صحيح، والغرض منه حماية المرأة، في زمن كان السفر فيه شاقا، وعلى الجمال، ويستمر لأيام طويلة عكس الآن، حيث السفر بالطائرة في ساعات قليلة، وحينما نبحث في تراثنا الإسلامي نجد إمكانية إباحة سفر المرأة دون محرم، هذه نصوص موجودة في التراث، والتي أعطت تفسيرات إيجابية مسكوتا عنها، ولا نعرفها في الثقافة الإسلامية، فالمشكلة في ترويج الخطاب الديني، عندما تتصل امرأة للفتوى عن سفرها للعمل ونحوه، تجد الإجابة من الشيخ أن السفر بدون محرم ممنوع وحرام، وهي إجابات جاهزة الرد، فخطابنا الديني لا يروج إلا النصوص المغلقة.

• كلامك يعني أنك تتهمين الخطاب الديني بأنه خطاب يكرس لتهميش المرأة؟

- ليس جميعه، لكن يوجد خطاب يكرس لذلك، ويكرس لتقاليد وتفسيرات ليست صحيحة، أو بالية، أو تجاوزناها، لكن النص يبقى، فالسفر بمحرم شيء إيجابي، والاجتهادات موجودة في كل زمن، لأنه وجدت حالات في السابق سافرت بدون محرم، لكن لا تذكر هذه الحالات، المهم توجد نصوص لا تخص المرأة فقط، لكن تخص حياتنا الاجتماعية كلها، فالمرأة جزء فقط، وهذه النصوص تحتاج إلى إعادة قراءة، وإعادة القراءة لا تعني نسف النص، أو إبعاده، أو إخراجه من قدسيته، لكن كما قلت، قراءة جديدة تتماشى وتطور الواقع، وهناك من يحاول قراءة النص لكن لنسفه وإعدامه، لكن نحن اجتهادنا ليس في هذا السياق طبعاً.

• فلماذا إذن نجد وضع المرأة المسلمة في كثير من البلدان يخالف هذه الصورة الإيجابية؟

- النصوص التي وظفت بشكل سلبي خلال هذه السنوات الطويلة هي التي ساعدت في تكريس هذا الوضع السيئ للمرأة، لكن الآن لا أقول كل وضع المرأة إيجابي، أو كله سيئ، لأن هناك مجالاً للتحرر، وهناك ابتعاد كبير لكثير من النساء عن التقاليد والأعراف والدين، وهو شيء لا يخدم المرأة، لأنها في النهاية أصبحت مثل الدمية أو يُتاجر بها، وكل هذا مرفوض، فعلى المرأة أن تتطور، وفي نفس الوقت تحافظ على إسلامها وأصولها وهويتها، فالإسلام ليس مانعاً لتقدم المرأة وتواصلها مع الآخرين، لكن يوجد خطاب ديني وعلى مدى قرون يمنع هذا ومازال.

• المؤسسات التعليمية في عالمنا العربي والإسلامي... هل ساهمت في تكريس تهميش المرأة؟

- بالفعل، فالمناهج التعليمية تتعامل مع المرأة على أنها جسد فقط، ليس في المؤسسات التعليمية فقط، بل في النوادي وأماكن العمل، وتغيير هذه النظرة لا يحتاج إلى استيراد أفكار غربية، فعندنا في الموروث الإسلامي ما يدل على مشاركة المرأة في كل ميادين الحياة مع الرجال، فنجد في بعض غزوات الرسول صلى الله عليه وسلّم أن المرأة كانت تشارك كممرضة لعلاج الجرحى، لكن هذا لا يذكر، فالذي يذكر فقط أن المرأة جسد يجب أن يخبأ ويغطى ويوضع في زاوية لا تُرى.

• ما الحلول حتى نصحح بها الصورة المغلوطة عن النصوص الدينية التي يقال إنها ظلمت المرأة؟

- بالترويج للنصوص التي أنصفت المرأة وأعطتها حقوقاً كانت محرومة منها ولا يتم تدريسها ولا يذكرها الشيوخ على المنابر، مما يؤدي إلى بعث وعي جديد لدى الناشئة وإعادة الكرامة التي وهبها الله ورسوله للمرأة ويحاول البعض انتزاعها منها، مما يعمل على تغيير الصورة النمطية عن المرأة العربية والمسلمة.

• ماذا عن المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي؟

- الجماعات الإسلامية تنشر الفوضى عن طريق الفتوى وتعمل على زلزلة المجتمع ونشر الفرقة، وعلى مؤسساتنا الدينية بذل الجهد لكي تصحح الكثير من المسارات، فالإسلام ليس ضد المرأة ولا طموحها ومكانتها ووضعها، بل يحث على أن ترتقي المرأة بمستواها العلمي والاجتماعي والثقافي وحتى السياسي أيضاً، كما نحتاج إلى إعادة تأهيل ديني للرجل المسلم حتى الفئة المثقفة من الرجال.

الجماعات الإسلامية تنشر الفوضى والفرقة في المجتمع عن طريق الفتوى
back to top