الولايات المتحدة قد ترسل المزيد من الجنود إلى أفغانستان

نشر في 18-05-2017
آخر تحديث 18-05-2017 | 00:07
 إيكونوميست في شهر فبراير طلب قائد 15 ألف جندي من الجيش الأميركي وقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أفغانستان، الجنرال جون نيكولسون، تعزيزات، ومن المتوقع أن يمده ترامب بها في غضون أيام قليلة، فقد وضع جيشه ومستشاره في مجال السياسة الخارجية خطة لإرسال نحو خمسة آلاف جندي إضافي من القوات الخاصة والمدربين لتقديم النصائح إلى الجيش الأفغاني، كذلك من المتوقع أن تؤمن سائر الدولة الأعضاء في الناتو المزيد من الجنود.

يشكّل كل هذا إشارة إلى عكس سياسة باراك أوباما، التي قضت بسحب كل القوات الأميركية المتبقية من أفغانستان، ولكن عندما واجه أوباما التراجع السريع في الوضع الأمني تريث قليلاً، تاركاً 8400 جندي أميركي ونحو 6500 آخرين من دول الناتو، لكن هذا العدد ليس كافياً، حسبما أخبر الجنرال نيكولسون الكونغرس، إذ يحقق تمرد حركة طالبان مكاسب متواصلة موسعاً رقعة الأرض التي يسيطر عليها، وفي المقابل يعاني الجيش والشرطة الأفغانيان عدداً كبيراً من الضحايا، وحاول هذا الجنرال التمسك بالتفاؤل قدر المستطاع واصفاً هذا الوضع بـ"حالة من الجمود".

لكن هذا الوصف مبالغ فيه، فقد تراجعت نسبة مناطق هذا البلد الخاضعة لسيطرة الحكومة المطلقة من 72% إلى 57% خلال 12 شهراً حتى نوفمبر السنة الماضية، ومنذ ذلك الحين سافر مستشار ترامب للأمن القومي هربرت ماكماستر ووزير الدفاع جيمس ماتيس إلى أفغانستان ضمن إطار مراجعة استراتيجية الإدارة بشأن أفغانستان، ويسود الاعتقاد أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية مايك بومبيو قام بالمثل، ولا شك أن الجنرال ماكماستر وماتيس (جنرال سابق ترأس القيادة الإقليمية التي شملت أفغانستان والعراق على حد سواء إلى أن دفعه أوباما عام 2013 إلى التقاعد مبكراً) يعرفان أفغانستان جيداً، ولا بد من أنهما شعرا بالانزعاج من عادة أوباما تحديد جداول زمنية ثابتة لسحب الجنود لا تمتّ بصلة للأوضاع على الأرض، وتُنفَّذ بسرعة أدت إلى خفض أعداد كبيرة من قوات الناتو، بعدما كانت قد تخطت 130 ألف جندي عام 2011.

فضلاً عن المطالبة بزيادة عدد الجنود أوصت المراجعة بالسماح للمدربين بالعمل على أرض المعركة مع الجنود الأفغان بدل الاكتفاء بدعمهم على مستوى القيادة، ولا شك أن هؤلاء المدربين سيكونون أكثر فائدة من أولئك الذين ينحصر عملهم في الثكنات، مع أن هذه الخطوة تزيد خطر وقوع ضحايا، ومن المؤكد أننا نحتاج إلى خطة جديدة للحد من زخم طالبان، ولكن من المستبعد أن تنجح خطة مماثلة وحدها في حمل قوات طالبان على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. يشكّل حض الحكومة الأفغانية المقسّمة والمتعطلة على بذل جهد أكبر لمحاربة الفساد خطوة أخرى بالغة الأهمية، لكن الأكثر أهمية، وفق بروس ريدل المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الذي انضم اليوم إلى مؤسسة بروكينغز الفكرية في واشنطن، هو بذل جهود مكثفة لتغيير سلوك دولة باكستان المجاورة، فما دامت "الدولة العميقة" في باكستان ترى في طالبان أصولاً استراتيجية وتؤمن لها الملجأ والدعم المادي لن تحظى هذه الحركة بأي حافز يدفعها إلى التفاوض، ونظراً إلى إخفاق سياسة أوباما التي هدفت إلى حمل باكستان على تعاون أكبر بالرشوة والتملق، فلا عجب في أن تلجأ الإدارة الجديدة إلى مقاربة مختلفة.

عيّن الجنرال ماكماستر ليزا كورتيس من منظمة هاريتغ، وهي مؤسسة فكرية أخرى، لتكون مستشارة البيت الأبيض لشؤون جنوب آسيا ووسطها، وفي شهر فبراير شاركت كورتيس في وضع تقرير طالب باتخاذ تدابير عدة ترمي إلى القضاء على ازدواجية باكستان في تعاطيها مع الإرهاب. تشمل هذه التدابير إنهاء تصنيفها كـ"حليف مهم لا ينتمي إلى الناتو"، وربط المساعدة العسكرية بمدى صرامة تصديها لكل المجموعات الإرهابية، وتعزيز الأعمال العسكرية الأحادية الجانب، مثل ضربات الطائرات من دون طيار ضد طالبان في الأراضي الباكستانية. إذاً قد لا تكون سياسة الولايات المتحدة بشأن أفغانستان وحدها ما سيخضع لعملية مراجعة كبيرة.

back to top