تجارة سياسية رخيصة!

نشر في 28-03-2017
آخر تحديث 28-03-2017 | 00:10
إن تقديم مقترح القانون الجديد يعكس الحالة النفسية والحرج السياسي لبعض النواب الذين هرولوا بمجرد نجاحهم إلى عقد صفقة رخيصة مع الحكومة استهجنتها غالبية المواطنين بمن فيهم مؤيدو أجنحة المعارضة من أجل استرجاع بعض الجناسي، الأمر الذي باء بفشل فاضح.
 د. حسن عبدالله جوهر عوداً على موضوع الجنسية وتداعيات سحب الجناسي في الفترة الماضية وردود الفعل على ذلك بدءا بما سميناه في مقال سابق بـ"الصفقة السياسية الرخيصة"، وانتهاءً باقتراح القانون المقدم من بعض النواب والمزمع مناقشته اليوم، أجد لزاماً طرح مجموعة من الملاحظات التي أشاطر العديد من المواطنين أهميتها وخطورتها.

قضية الجنسية ومفهوم المواطنة عموماً لم تأخذ مصداقيتها القانونية ولا إطارها السياسي منذ استقلال الكويت، وبذريعة السيادة تم استغلال هذه الورقة في العديد من الحالات لمصالح الحكومة وشراء الولاءات ناهيك عن التخبط الإداري والفساد السياسي اللذين لم يسلم منهما موضوع التجنيس إلى الآن، وباسم السيادة أيضاً استغلت الحكومة ورقة سحب الجنسية أو التهديد بسحبها كعقاب سياسي أيضاً أو لمعادلات وترضيات وتوازنات آنية، وفي كلتا الحالتين- أي منح الجنسية أو سحبها- هناك حواضن سياسية واجتماعية تبارك وتدعم قرارات الحكومة أيضاً من منظور ضيق لا يتجاوز الاصطفاف الفئوي أو الطائفي في كل مرة.

النتيجة النهائية أن الجميع بات تحت رحمة الحكومة ومزاجها السياسي، وجميع الفئات الكويتية اكتوت بهذه النار عبر محطات سياسية وتاريخية متعاقبة، وبالتأكيد ستبقى هذه الورقة بيد الحكومة طالما بقي الكويتيون منقسمين على أنفسهم، أو جاءت المعالجات السياسية بطريقة ارتجالية وفردية، كالاقتراح بقانون الجديد الذي أثار زوبعة كبيرة نتيجتها حسب ما أتوقع هو فشل هذه المحاولة من جهة، واستمرار معاناة من سحبت جنسياتهم كعقوبة سياسية من جهة أخرى.

حساسية موضوع الجنسية تتطلب جهداً جماعياً بين النواب بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم، يلقون خلف ظهورهم كل الاختلافات الفكرية والدينية والسياسية، كما يتطلب الأمر صياغة قانون "سهل ممتنع" يتمثل باللجوء إلى القضاء لنقض أي قرار سياسي بشأن سحب الجنسية الكويتية وبكل درجات التقاضي، أما التفاصيل غير المبررة التي أوردها المقترح النيابي فتأتي كرسالة مباشرة إلى الآخرين لرفض القانون لا تأييده ودعمه، سواءً بسبب صياغته الضعيفة أو فلسفته التشريعية الضحلة أو مراميه السياسية الضيقة.

لا يفترض أن يستمر بعض نواب مجلس 2016 للتحدث باسم المعارضة أو تقديم الاقتراحات متقمصين شخصية المعارضة القوية التي تشكلت لمحاربة الفساد فأسقطت الحكومة والمجلس معاً في أواخر عمر مجلس 2009، ولا نريد معارضة تحاول فقط استرجاع ما فقدته من مكاسب وامتيازات بسبب مقاطعتها للانتخابات لدورة برلمانية واحدة، ولا نريد معارضة كسرت في الرموز المبدئية لجبهة وطنية ضحت عبر سنوات طويلة لتتسلق على ظهرها سياسياً وانتخابياً!

إن تقديم مقترح القانون الجديد يعكس الحالة النفسية والحرج السياسي لبعض النواب الذين هرولوا بمجرد نجاحهم إلى عقد صفقة رخيصة مع الحكومة استهجنتها غالبية المواطنين بمن فيهم مؤيدو أجنحة المعارضة من أجل استرجاع بعض الجناسي، الأمر الذي باء بفشل فاضح، واليوم يريدون أن يثبتوا عكس ذلك ويبينوا الجانب المتشدد ولكن بطريقة فاشلة أيضاً، فإلى متى هذا النوع من المتاجرة السياسية بعواطف الناس، ومصير العوائل المتضررة من سحب الجناسي لأسباب سياسية وغير قانونية؟!

back to top