بذخ وتبذير

نشر في 04-03-2017
آخر تحديث 04-03-2017 | 00:02
 يوسف سليمان شعيب من حق كل إنسان أن يفرح، ومن حق كل إنسان أن يحتفل، ومن حق كل إنسان أن يعبر ويبرهن عن وطنيته وولائه لبلده ووطنه.

صحيح أننا سعداء باحتفالات فبراير، وصحيح أن لها ذكريات لا يمكن نسيانها، وصحيح أنها تمجد تاريخاً كُتِب بدماء وأرواح أبناء هذا الوطن، ولكن... من العيب أن يكون احتفالنا وفرحنا وبرهان ولائنا ووطنيتنا وتذكر ماضٍ سطره الآباء والأجداد بالتبذير بنعمة عظيمة أنعم الله بها علينا وحرمها غيرنا، من العيب والجحود للنعمة أن نسخر ما أنعم الله به علينا في احتفالاتنا وفرحنا بطريقة مقززة ترفضها العقول الناضجة والقلوب المستنيرة.

ما جرى في احتفالات فبراير، وخصوصاً أثناء المسيرات الصبيانية من بذخٍ في الأموال وصرف في المياه وبكميات كبيرة، يجعلنا نقول "اللهم لا تحاسبنا بما فعل السفهاء منا"، ونسأله سبحانه أن يغفر لنا زلتنا ولا يحرمنا نعمه التي ما زال يغدق بها علينا.

وهنا نتوجه بسؤال إلى كل من له عقل وسمع وبصيرة: لماذا هذا السرف في الأموال والنّعم، أهذه هي الوطنية في أعينكم؟ أهكذا تعبرون عن ولائكم، أم هكذا تشكرون الله الذي رزقكم كل شيء من غير حول منكم ولا قوة؟! هل نسيتم أو تناسيتم حياتكم قبل ٦٠ سنة، كيف كانت أوضاعكم، كيف كنتم تعيشون؟ للأسف أنتم لا تعلمون، لأنكم أجيال ما ذاقت طعم المشقة والشح في الماء.

قبل ٦٠ سنة كان الماء صعب المنال، فالكويتيون في ذلك الوقت كانوا ينتظرون موسم المطر ليجمعوا الماء، وكانوا يحفرون الآبار للبحث عنه، ويأتون به من الدول المجاورة التي بها الأنهار، واليوم نراكم تسرفون في الماء بإراقته في الشوارع والطرقات بلا حسيب أو رقيب.

"وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا " (الإسراء - 16)... جحودكم للنعمة والبطر بها يحعلكم تستعجلون العذاب، فلا تستصغروا من الأعمال شيئاً، فمعظم النار من مستصغر الشرر، وعلى الأسرة أن تحاسب أبناءها على هذه الأفعال وتنهاهم عنها لا أن تشجعهم عليها، وعلى وسائل الإعلام ومنابر المساجد والمدارس توعية المجتمع من خطورة هذا الهدر والتبذير في النّعم، وعلى مجلس الأمة أن يضع تشريعاً لمعاقبة من يتهاون في هذه الأمور ومثيلاتها، وعلى الحكومة أن تمنع كل هذه الأمور التي من شأنها الإضرار بالأملاك الخاصة والعامة.

وعلينا جميعا أن نحمد الله على نعمه الكثيرة وأن ندعوه تعالى ليحفظها من الزوال، وأن يهدي شبابنا وبناتنا إلى ما فيه صلاحهم وصلاح بلادهم... وما أنا لكم إلا ناصح أمين.

back to top