حسن البحراني: أُقدم برامج جادة تليق بجمهور واعٍ مثقف

ما علاقة برنامجك «على ذمة التحقيق» بقسم الإعلام في جامعة الكويت؟

نال البرنامج قبول المشاهدين والمهتمين ودعمهم، لأن مثل هذا النوع من البرامج يفتقده الإعلام الكويتي، وتوّج التقدير بعد بث الحلقة الثانية بدعوة كريمة من قسم الإعلام في جامعة الكويت لتقديم البرنامج كنموذج يدرّس لطلابه.

والبرنامج تجربة جديدة بالمقاييس كافة، استقبلها الجمهور بتفاعل جميل لأنها مسّت قضاياه اليومية. ونطمح من خلاله إلى التأثير في مراكز القرار للتغيير إلى الأفضل، وهنا تكمن ذروة نجاحه الإعلامي، لا سيما من خلال طرح القضايا بقالب تشويقي جاد وهادف.

ماذا عن فكرة البرنامج؟

تشبه فكرة البرنامج أفكار بقية البرامج، فيما تختلف تماماً في كيفية تنفيذها. يكمن ذلك أولاً في مرحلة الإعداد حيث اتبعنا أسلوب التحقيق الصحافي في جمع المادة. ثانياً، في مرحلة التنفيذ لجأنا إلى أسلوب تلفزيون الواقع والبرامج الاستقصائية. أمّا ما يتعلّق باللقاءات، فلم نتبع طريقة الحوار التقليدية، بل اعتمدنا التحقيق في غرف مغلقة حيث توجّه الأسئلة مباشرة، وينقسم الضيوف الذين نستدعيهم للتحقيق في ملف القضية التي هي مثار البحث إلى شهود ومتهمين أو مستشارين قانونيين، كذلك نستقبل أحياناً خبراء فنيين ليساعدونا في الوصول إلى الحقيقة. باختصار، بإمكاني أن أقول إن البرنامج عبارة عن تحريات خاصة لقضايا تهمّ المجتمع، وتصريحات المسؤولين لدينا ستكون على المحك لأننا سنتحقق من صحتها من خلال تحقيقاتنا الميدانية، محاولين الحصول على الحقيقة والمعلومات الموثوقة من مصادرها، وكل ما سيعرض في البرنامج لا يحمل إلا على ذمة التحقيق، والحكم للمشاهد في النهاية.

صعوبات وحظ

ما المواقف الصعبة التي تعرضت لها إلى الآن في عملك؟

تكمن الصعوبة في إثبات وجودك في عالم أصبح لا يلتفت ولا يعير اهتمامه إلا لمواد إعلامية فارغة من المضمون ينتقدها المشاهد ويطالب بإعلام هادف، وهو على النقيض يتابع برامج الإثارة التي لا تحقق أمراً يُذكر سوى المشاهدات العالية. أجد صعوبة في إثبات عكس ذلك. لكني مصر ومستمر في التزامي مهنية عملي وتقديم برامج جادة هادفة تليق بجمهور واعٍ مثقف.

كيف تقيم تجربتك في تلفزيون «المجلس»؟

تجربة غنية. «المجلس» بيئة إعلامية خصبة للإبداع، ومثال رائع وراقٍ للإعلام الهادف الذي يسعى إلى خدمة المجتمع، وهو أثبت نفسه خلال فترة زمنية وجيزة واستطاع أن يضع بصمة مميزة في إطار الإعلام الكويتي.

هل للحظ دور في أن تكون إعلامياً؟

لا أعتقد أن الحظ أدّى دوراً ما في أن أكون إعلامياً. أنا ابن الإعلام لأني تخصصت فيه وحصلت على شهادتي الجامعية في هذا المجال، وخضت غمار العمل فيه مع سبق الإصرار، لذا وضعت نفسي في حالة تحدٍ للصعوبات التي واجهتني أو ربما تواجهني، وسلكت الطريق من أول محطة في قطاره قبل 14 عاماً، وتدرجت فيه حتى وصلت إلى ما أنا عليه الآن. وأعتبر أن الطريق أمامي ما زال طويلاً لتحقيق ما أحلم به وما أتمناه على شاشة التلفزيون. وأستطيع القول إن الفرص التي أحاول أن أستغلها لإثبات ذاتي في الإعلام تشكِّل لحظات فارقة في مسيرتي ولا أترك مجالاً للحظ أن يلعب لعبته معي.

الإعلام الكويتي

كيف ترى مستوى التلفزيونات الخاصة والبرامج الحوارية في الكويت؟

كانت التلفزيونات الخاصة في الكويت في بداية ظهورها لافتة بتنوع البرامج التي تنتجها، وأثبتت أن الكويت رائدة في مجال الإعلام على مستوى المنطقة، وشبابها مبدعون متى نالوا الفرصة لإثبات قدراتهم. لكن للأسف، أرى أن في الفترة الأخيرة قلّت تلك الحماسة، كذلك انخفض الإنتاج وعدنا إلى البرامج التقليدية التي تعتمد على التسلية، والبرامج الحوارية التي لا تهدف إلا إلى تعبئة وقت البث من دون هدف واضح. لكن «لو خليت خربت». لذلك نقدّر جهود الكبار ممن سبقونا في هذا المجال، وأقدر عطاء الإعلامي القدير يوسف الجاسم الذي لا يزال لظهوره على الشاشة رونقه الخاص، كذلك الإعلامي المخضرم محمد السنعوسي، وهما مدرستان تعلمت منهما الكثير وسنحت لي الفرصة أن أعمل معهما وأن تكون لي صلة مباشرة بهما. عموماً، أكرّر دائماً أن الإعلام الكويتي ما زال بخير، وهو معطاء متى ما أتيح له المجال .

لماذا سلكت درب الإعلام؟

أولاً، دراستي الجامعية، كما قلت سابقاً، كانت في تخصص الإعلام، تحديداً في مجال الإذاعة والتلفزيون. ثانياً، ازداد حبي لهذا المجال خلال فترة الدراسة، وتعزّز أكثر بعد خوضي المجال العملي الاحترافي بعد التخرج في الجامعة. وأخيراً، سلكت هذا الدرب لأنه يناسب شخصيتي التي لا تتقبّل الروتين وتعشق التطور والتغيير، ومجال الإعلام متغيّر ويلزمك بأن تقدّم الجديد باستمرار، ويثير حماستك من خلال التنافس الدائم مع زملائك.

كيف تنظر إلى أهمية وسائل التواصل الحديثة في انتشار أي عمل إعلامي؟

فرضت وسائل التواصل الاجتماعي نفسها في عالم الإعلام، ليس فحسب في الدور الذي تؤديه في انتشار أي عمل إعلامي أو أي منتج فكري أو تجاري، بل تجاوزت ذلك عندما سحبت البساط إلى حد ما من الوسائل الإعلانية التقليدية التي بات تأثيرها أقل بكثير مما هو عليه تأثير وسائل التواصل الاجتماعي. لكن خطورتها الآن تكمن في انتقال قوة التأثير من مؤسسات إعلامية إلى أفراد أكثرهم لا يدركون أهمية ومسؤولية الدور الذي يمارسونه في المجتمع.

دور الإعلام

للإعلام دور مهم في المجتمعات. كيف نسّخره لخدمة المجتمع؟

نسّخِّر الأدوات الإعلامية في خدمة المجتمع من خلال مناقشة القضايا الجادة والقيام بمحاولات حثيثة للتأثير في الواقع إيجاباً، وطرح هموم المواطنين على طاولات الحوار بشكل جدي. فالإعلام سلطة رابعة تراقب وتنتقد ولها سطوتها متى أدّت دورها الحقيقي في المجتمع، مبتعدةً عن الترفيه الذي يقوم به بعض القنوات.

كيف تعدّ نفسك لتكون إعلامياً متميزاً ضمن هذا الوسط الذي يسعى إليه كل من هب ودب.

التزامي بالمهنية من خلال تقديم برامج جادة ترتقي بالمشاهد وتحترم عقليته أهم ما أسعى إليه في عملي، وأعتقد أن هذا ما يميز أي إعلامي عن غيره ممن وصفتهم بجملة «كل من هب ودب»، والذين يبحثون عن الشهرة بأية وسيلة.

كيف ترى مقولة إن العالم أصبح قرية صغيرة؟

العالم لم يكن يوماً قرية صغيرة ولن يكون، فتضاد الأفكار والمعتقدات واسع جداً، والتطرف الذي نعيشه الآن لو وضع فعلاً في قرية صغيرة لاحترقت.