الصفقة والمعلومة والمنصب الحسن

نشر في 12-02-2017
آخر تحديث 12-02-2017 | 00:20
 محمد الوشيحي الشائع بين الكويتيين أن السلطة، عادة، لا تمنح المنصب للشخص الكفؤ في الأداء، بل الكفؤ في الولاء، حتى وإن كان لا يعرف الفرق بين السياسة والسياحة. والشائع أيضاً، أن الصفقات والمشاريع لا تُمنح، عادة، للشركة المستوفية الشروط، بل للشركة التي تملك أذرع الأخطبوط، مهما اسودّ سجلّها، وخبّصت في مشاريعها كلها.

هناك أيضاً ميزة ثالثة، قد لا تلفت النظر، لكنها من المزايا التي لا تُمنح إلا للقلة القليلة، ويُحرم منها الشعب، وهي "المعلومة"، وما أدراك ما المعلومة. وعندما أقول "الشعب"، فأنا أقصد المواطنين وممثليهم في البرلمان وجمعياتهم الأهلية وكل ما لا يحمل طابعاً رسمياً أو نخبوياً.

فعلى سبيل المثال، ارتفعت قبل أيام أصوات "الهوسات" التحريضية العراقية على حدود الكويت الشمالية، واحتشد عشرات، أو مئات، من العراقيين على حدودنا، مطالبين بإعادة "خور عبدالله"، إلى العراق، باعتباره عراقياً نهبته الكويت! فسارعنا إلى وسائل إعلامنا الرسمية، لنستكشف ما خلف الجبل، فارتد إلينا البصر خاسئاً وهو حسير، فلجأ الناس إلى نوابهم يسألونهم حقيقة الأمر، وتبين أن النائب ليس بأعلم من المواطن العادي. فتلفت الناس يميناً ويساراً، بحثاً عن أي قشة، أو أي صوت، فلم يسمعوا إلا صفير الريح.

هنا، والحال كذلك، لم يجد الكويتيون بداً من البحث في وسائل الإعلام العراقية، فوجدوا أخباراً غزيرة لا حصر لها. فهذا نائب عراقي يتباكى على أراضي العراق المنهوبة من قبل الكويت، وهذه نائبة تستعرض وثائق وخرائط عثمانية وبريطانية تزعم أحقية العراق، ليس بالخور فقط، بل بالكويت، من الغلاف إلى الغلاف، وثالث يتهم الكويت بالطمع في أراضي جيرانها... وما شابه.

على ضوء ذلك، أو على ظلامه، ارتفعت أصوات المواطنين الكويتيين في وجوه مسؤوليهم الصامتين: "تكلموا... لا تكرروا معنا ما حدث في الغزو... أطلعونا على حقائق الأمور"، ولا مجيب! وبعد أن جفت الأرياق، وتقطعت الحبال الصوتية، تحدث أخيراً مسؤول كويتي بكلمتين بالكاد شكّلتا جملة اسمية.

ليس هذا الحادث هو الأول، الذي تخفيه الحكومة تحت عباءتها، وتحرم شعبها من معرفة تفاصيله، ولن يكون الأخير... ولا حاجة للحديث عن سرية استثماراتنا الخارجية حتى على نوابنا، ولا سرية كثير من الأمور على الشعب ونوابه. لكن المضحك في الأمر، أن المعلومة لا تُخفى فقط عن الناس والنواب، بل حتى عن بعض الوزراء، والدليل ما حدث في موضوع سحب الجنسيات، إذ يقول النائب د. جمعان الحربش: "سألت بعض الوزراء الذين وافقوا على سحب الجنسيات، فاكتشفت أنهم لا يعرفون السبب". ولا أظن أن بعد هذا الكلام كلاماً.

back to top