بشرة ثانية بفضل «ترانزستور» قابل للتمدّد!

نشر في 26-01-2017
آخر تحديث 26-01-2017 | 00:00
No Image Caption
عمد باحثون أميركيون إلى تطوير ترانزستور بوليميري يحتفظ بخصائصه الكهربائية عند تمديده بشكل متكرر، وأثبتوا قدراته عبر جهاز أساسي يوضع على الإصبع، يمكن أن يُستعمَل في عدد من التطبيقات المختلفة، بما فيها التي تراقب مستويات غلوكوز الدم ومعدلات فيزيولوجية أخرى لدى المرضى.
يشكّل مفهوم «إنترنت الأشياء» الذي يسمح لعدد من الأغراض اليومية في العالم من حولنا بجمع البيانات وتبادلها معياراً نامياً في مجال الإلكترونيات. يشمل هذا الابتكار أجهزة استشعار توضع على البشرة وتستطيع مراقبة مستويات غلوكوز الدم لدى مرضى السكري بشكل متواصل.

يشكّل الربط بين شرائح الحواسيب وبين أسطح مرنة وقابلة للتمدد مثل البشرة تحدياً صعباً لأن السيليكون عنصر قاسٍ وهش. في هذا السياق، دفع البحث عن أجهزة إلكترونية قابلة للتمدد بالباحثين إلى استعمال شرائح سيليكون صغيرة ومغلّفة داخل بطانات قابلة للتمدد، ما يؤدي إلى إنتاج مواد إلكترونية يمكن أن تغيّر شكلها حتى لو لم يتغير شكل السيليكون.

يوضح سيهونغ وانغ من جامعة «ستانفورد» في كاليفورنيا: «خلال عملية التمدد، وحدها الروابط المتداخلة تستطيع تبديد الضغط، ما يحدّ من كثافة الأجهزة التي يمكن وضعها في كل دائرة».

بديل قابل للتمدد

يقضي الحل المثالي باستعمال بديل قابل للتمدد عن السيليكون، وتحضر البوليميرات المترافقة كمرشّحة أساسية في هذا المجال لأن مدارات الإلكترون المتداخلة فيها تنتج شبكة إلكترونية تبعد عن موقعها الأصلي وتستطيع تمرير الكهرباء. تبقى أشباه الموصلات العضوية أنعم من أشباه الموصلات التقليدية وغير العضوية، لكن قدرتها على التمدد ضعيفة عموماً، ويتطلّب تصميم الجزيئات غالباً المقايضة بين حركة الناقل وبين قدرته على التمدد. ولكن توصّل الباحثون إلى تسوية عبر الخلط بين بوليمرات مترافقة وسريعة الحركة وصلبة مع بوليمرات قابلة للسحب وأقل قدرة على التوصيل.

إلا أن سيهونغ وانغ وجي تشو وزملاؤهما من جامعة «ستانفورد» وأماكن أخرى عدّلوا هذه المقاربة الآن. كانت الطرائق السابقة تشكّل أليافاً نانوية بالبوليمرات أولاً، ما سمح لها بتشكيل بلورات وتصحيح خصائصها مسبقاً. إذا وُضِعت الألياف النانوية لاحقاً في بوليمر أكثر نعومة، سيتمكن المركّب من امتصاص ضغط إضافي، لكن ستبقى الألياف النانوية القادرة على التوصيل هشة.

لكن ذوّب الباحثون في الدراسة الجديدة نوعَي البوليمرات في محلول، ثم جرى تغليفهما داخل أغشية. عند معالجة الأخيرة، دفعت عمليات الديناميكا الحرارية المحلول إلى الانفصال إلى مرحلتين مختلفتين، فتشكّلت ألياف نانوية رفيعة وطويلة من البوليمرات الموصلة داخل المطاط الصناعي. حين شكّلت الألياف النانوية الموصلة بلورات داخل مساحة محصورة، سُجّل أثر ضئيل، ما يعني أن البوليمرات المحصورة في مساحات نانوية تحتفظ بمستوى أعلى من حركة السلسلة لأن نمو مناطق البلورات الكبرى يبقى محصوراً. يوضح تشو: «ينمو البوليمر المترافق في هذه الحالة داخل تلك البنى النانوية، لذا تتراجع القدرة على تشكيل البلورات ويتحسن مستوى المرونة».

لم تتغير حركة الناقل بعد مدّ الأغشية المركّبة إلى ضعف طولها. في ظل الظروف نفسها، تراجعت حركة غشاء البوليمر المترافق النقي بعاملٍ يصل معدّله إلى ألف وطوّرت المادة شقوقاً واضحة.

التواء ولكز

ابتكر الباحثون أجهزة ترانزستور قابلة للتمدد بالكامل عبر استعمال شبكات من الأنابيب النانوية الكربونية كأقطاب كهربائية وأغشية البوليميرات قليلة الحركة كعازل كهربائي. حين مدّدوا الترانزستور إلى ضعف طوله باتجاه الشحنة، تراجع تياره فعلاً لكن حصل ذلك بسبب زيادة طول القناة. استعاد الجهاز خصائصه على أكمل وجه بعد تمديده: يمكن تمديده بنسبة 25 % من طوله، أكثر من ألف مرة، ومن دون إحداث أي تغيير مهم في خصائصه الكهربائية. قد يصمد أيضاً رغم حركات الالتواء واللكز المتكررة بغرض حاد، بشرط عدم إحداث أي ثقب.

صمّم الباحثون أحد أجهزة الترانزستور كجهاز ينظّم إمدادات الطاقة ويحوّلها إلى صمام ثنائي باعث للضوء وربطوه بإصبع بشرية واكتشفوا أن ثني الأخيرة لا في على عمل الجهاز. سيتطلب ابتكار دائرة أكثر تعقيداً طرائق لتحديد نمط غشائها بفاعلية ودقة، ويعمل فريق البحث الآن على تطوير دوائر مماثلة.

لم يشارك إيان ماكولوش من كلية «إمبريال كوليدج لندن» وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في المملكة العربية السعودية في البحث لكنه يعتبره تطوراً مهماً في مجال الإلكترونيات البوليمرية: «تقليدياً، كانت مواد أشباه الموصلات العضوية في تطبيقات الترانزستور تجد صعوبة في استبدال التكنولوجيا الراهنة. يشكّل تحديد التطبيق الذي يتطلب صفة استثنائية من صفات الإلكترونيات العضوية أمراً مثيراً للحماسة دوماً ويمكن أن نلاحظ بكل وضوح أن المواد العضوية في الأجهزة الإلكترونية القابلة للتمدد والارتداء قد تعطي منافع لافتة».

أشاد براندن أوكونر من جامعة ولاية كارولاينا الشمالية في الولايات المتحدة بالثبات الكهربائي للأغشية بعد تمددها المتكرر فقال: «إنه إنجاز عظيم بحد ذاته»! يعتبر أوكونر أن إنتاج أجهزة الترانزستور القابلة للتمدد يعكس «تقدماً بالغ الأهمية ولا تستطيع تنفيذه إلا مجموعات قليلة في العالم».

back to top